خلافات على المناصب تلبد أجواء العلاقة بين الشرعية والانتقالي
الإثنين - 15 سبتمبر 2025 - الساعة 04:56 ص
الوطن العدنية/العرب اللندنية
أطلقت تعيينات قام بها عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بوادر خلافات جديدة بين المجلس والسلطة اليمنية المعترف بها دوليا اللذين تجمع بينهما منذ سنوات شراكة هشّة كثيرا ما وقفت على شفا الانهيار لولا الجهود السعودية التي نجحت في الإبقاء على تلك الشراكة المفيدة في الحفاظ على تماسك السلطة وقدرتها على القيام بشؤون المناطق اليمنية التابعة لها وإدارة المواجهة ضدّ جماعة الحوثي.
ونظرت أطراف أخرى مشاركة بدورها في السلطة وممثلة في مجلسها الرئاسي إلى قيام الزبيدي خلال الأيام الماضية بإصدار مجموعة من القرارات تضمّنت تعيين اثني عشر قياديا في مناصب حكومية رفيعة بينها نائب لوزير الإعلام والثقافة ووكلاء محافظات، باعتباره تجاوزا على سلطات رئيس المجلس رشاد العليمي ورئيس الحكومة سالم بن بريك.
وتزعمت الحملة على قرارات الزبيدي شخصيات ومنابر إعلامية مقرّبة من حزب التجمع اليمني للإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والشريك بدوره للشرعية اليمنية، وذلك على خلفية مخاوف لدى قيادته على مكانة حزبها في السلطة والتي رأت في تلك القرارات دعما لمكانة الانتقالي الجنوبي وتكريسا لدوره السياسي والاقتصادي والأمني على حساب باقي المكوّنات.
وتصاعد التوتّر السياسي الأحد في مدينة عدن التي تتخذ منها الشرعية اليمنية عاصمة مؤقتة ومقرا لحكومتها وذلك مع رواج أنباء بشأن شروع الانتقالي في تنفيذ قرارات رئيسه.
وقالت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح أو ذات توجهات إخوانية إنّ قوة تابعة للمجلس الانتقالي دخلت صباح الأحد مكتب نائب وزير الإعلام والثقافة حسين باسليم في عدن وقامت بتسليمه لصلاح العاقل المعيَّن بقرار من الزبيدي.
ومن جهة مقابلة انتشرت صور للمعينين الجديدين من قبل رئيس الانتقالي الجنوبي في منصبين قياديين بشركة النفط بعد مباشرتهما لمهامهما.
وجاءت الخلافات المهدّدة لتماسك الشرعية اليمنية في لحظة حساسة تحاول فيها السلطة الخروج من أزمة اقتصادية ومالية خانقة أثرت على الأوضاع الاجتماعية والخدمية في المناطق الخارجة عن سيطرة جماعة الحوثي وأثارت غضبا شعبيا تجسّد في احتجاجات شهدتها العديد من المدن خلال الأشهر الماضية.
وبدأت السلطة وحكومتها المعترف بها دوليا في تحقيق نجاحات نسبية تهدف إلى تجاوز الأزمة المالية حيث أتاحت مجموعة من الإجراءات الصارمة تحقيق تحسن في قيمة عملة الريال المحلية بما انعكس إيجابيا على الأوضاع المعيشية من خلال تراجع أسعار جملة من المواد الأساسية.
لكن بوادر الخلاف بين الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي أثارت المخاوف من تبديد تلك المكاسب الهشّة والعودة بالوضع إلى المربع السابق ما سيعني إثارة موجات جديدة من الاحتجاج قد تبلغ مدى أكبر مما بلغته سابقا.
ورغم انتمائه لمعسكر الشرعية الممثّل للجمهورية اليمنية إلاّ أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يتخلّ عن هدفه الرئيسي ومشروعه الأساسي المتمثّل في إنشاء دولة الجنوب المستقلة التي يمتد مجالها الجغرافي على محافظات جنوب البلاد، كما أنّه لم يتوقّف على انتقاد الشرعية وتحميلها مسؤولية الأوضاع في تلك المحافظات مخافة تأثيرها على سمعته وجماهيريته لدى سكانها.
ودافع المجلس عن قرارات رئيسه الأخيرة وتعيينه لجملة من المسؤولين مؤكّدا في بيان صادر عن متحدثه الرسمي أنور التميمي “التزامه الكامل بدعم الحكومة وتعزيز حضور مؤسسات الدولة وأدائها”، معتبرا أنّ تلك القرارات “تأتي في إطار تفعيل هذه المؤسسات ودعم الإصلاحات اللازمة التي طال انتظارها دون إجراءات جادة من مجلس القيادة”.
كما جدّد المجلس انتقاداته في بيان منفصل أدان فيه “ما يتعرض له شعب الجنوب من تجاهل لحقوقه المشروعة، ومحاولات مستمرة للانتقاص من الحقوق المترتبة على شراكته السياسية، والتي بدت واضحة من خلال عدد من الممارسات المرفوضة ومنها تمكين قوى أخرى على حسابه، وتعمد عرقلة صرف مرتبات موظفيه المدنيين والعسكريين، إضافة إلى عرقلة القرارات الخاصة بتمكين الكوادر الجنوبية وتعطيل تنفيذ اتفاق الرياض 2019، وتنفيذ الالتزامات الواردة في مشاورات الرياض 2022، ما يمثل استهدافا مباشرا لجوهر الشراكة المتوافق عليها.”
وأعلن الانتقالي الجنوبي في بيانه “بوضوح أن الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم على التجاهل أو الانتقاص أو الإقصاء، وإنما على العدالة والالتزام الكامل بالحقوق غير القابلة للتجزئة أو التأخير”، مذكّرا بمشروعه الأصلي و”الحقيقة الراسخة التي يبدو أن الكثير من الأطراف قد تناساها وهي أنّ الأرض أرض شعب الجنوب والقرار قراره.”
وذهب بعض المنتقدين لقرارات المجلس الانتقالي وخطابه القوي إلى اعتبار ذلك إيذانا بانهيار مجلس القيادة الرئاسي اليمني وتفككه، الأمر الذي وجه الأنظار مجدّدا باتجاه السعودية نظرا لما أظهرته الرياض من قدرة على مساعدة أفرقاء الشرعية اليمنية في إدارة خلافاتهم والحفاظ على الشراكة في ما بينهم.
وفيما تحدّثت وسائل إعلام محلية يمنية عن شروع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر في إجراء اتصالات مكثفة مع أطراف داخل المجلس الرئاسي بهدف احتواء الأزمة، نقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن مصدر حكومي يمني لم تسمّه القول إنّ رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي طلب من التحالف العربي بقيادة السعودية، التدخل لاحتواء التوتر الذي يسود المجلس على خلفية القرارات التي أصدرها عضو المجلس عيدروس الزبيدي.
وأوضح المصدر أنّ “العليمي طلب من القيادة السعودية التدخل لدى الزبيدي من أجل التراجع عن قراراته”، متوقّعا توجيه الحكومة السعودية دعوة إلى رئيس وأعضاء مجلس القيادة اليمني لعقد لقاء من أجل احتواء التوتر وحل الخلافات والتباينات والاتفاق على آلية لإصدار القرارات بما يضمن الحفاظ على التوافق بين كافة القوى الممثلة في مجلس القيادة.
اهم الاخبار - صحيفة الوطن العدنية