في معاشيق.. يفاضلون بين عسل شبوة وتيوس أبين
الأحد - 27 يوليو 2025 - الساعة 02:57 ص
الوطن العدنية/مقال لـ”د.حسين لقور”
في أوقات الأزمات والانهيارات الوطنية، يبرز رسوخ الدول وحنكة ومعادن القادة، لكن ما يتعرض له شعبنا في الجنوب كشف هزالة الشرعية وبؤس أدواتها، أنهم يعيشون في عالم منفصل تماما عن الواقع ومع كل وجع يزداد، نشعر وكأن من يسكنون في منتجع معاشيق ويتصدرون المشهد قد انفصلوا كلياً عمن حولهم، وكأنهم في كوكب لا تدخله الأزمات، لا يعرفون عمن يتضورون جوعًا، أو تصلهم أصوات الموجوعين ألمًا.
أحياناً، لا تعود المشكلة في غياب القدرة أو الكفاءة فقط وهما ما يتّصفون بهما، بل في غياب الشعور الإنساني والأخلاقي والوطني لدى هؤلاء الذين يتحكمون بمصائر الناس ويعبثون بمواردهم، فقد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في عدم مبالاتهم، بل في وقاحتهم.
ففي الوقت الذي يُذل فيه المواطن في الطوابير بحثّا عن وجبة طعام لأطفاله، ويموت على أبواب المستشفيات، ويتقلب في ظلام الكهرباء وحرّارة الجو وقسوة المعيشة، يتراهن هؤلاء الطارئون على المشهد السياسي في منتجع معاشيق نعم من قلب الشرعية على ما إذا كان "العسل من جردان في شبوة ألذ أم عسل دوعن في حضرموت".
ويتجادلون فيما بينهم "هل لحم تيوس أبين أطيب مذاقاً من تيوس لحج"؟
أي مستوى هذا من الانحطاط والانفصال عن هموم الناس؟ أي فجور وعبث هذا، وقلة احترام لمشاعر شعب يئن ويعاني ويتآكل بصمت؟
المصيبة هنا، ليست فقط في ترفهم، بل في استخفافهم بعقول الناس. يتحدثون عن خدمة المواطن وهم لا يعرفون من حياة المواطن إلا اسمها. يديرون الشأن العام بعقلية سوقية وارتزاقية، كأنهم في مجلس مقيل، لا في مؤسسة تقول أنها دولة. هذا النوع من المسؤولين لا يُنتظر منهم بناء دولة، ولا حماية وطن، ولا حتى الحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة العامة للناس لأنهم فقدوها عندما أصبحوا اراجوزات.
ولذلك، لا نستغرب أن تنهار الخدمات، وتُنهب الموارد، وتُقمع الأصوات، وتضيع قضايا الناس، فمن يتراهنون على طعم العسل ولحم التيوس، لا يمكن أن يفكروا في مستقبل وطن، ولا في حقوق شعب.
لقد آن الأوان أن نعلنها أن بعض هؤلاء بل جُلّهم لا يستحقون حتى أن يُوكل إليهم أمر مزرعة دجاج، فكيف تُوكل إليهم إدارة وطن جريح ينزف من كل أطرافه؟
اهم الاخبار - صحيفة الوطن العدنية