أخبار محلية

الجمعة - 08 أغسطس 2025 - الساعة 04:56 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/الأيام

خيّبت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في العاصمة عدن الآمال مجددًا، برفضها العلني وبيانها التصعيدي تجاه الحافز الشهري الذي أعلنت عنه السلطة المحلية وهو 50 ألف ريال، ما اعتُبر موقفًا سلبيًا يكشف عن توجهات لتعطيل العملية التعليمية ومفاقمة معاناة الطلاب وأولياء الأمور في المدينة.

هذه المواقف غير المسؤولة أبرزت مطالبات شعبية وحقوقية باتخاذ إجراءات حاسمة، في مقدمتها قطع مرتبات المعلمين المنقطعين عن العمل، والبدء الفوري في التعاقد مع خريجي الجامعات لسد الفراغ وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العام الدراسي، بعد أن تحولت المدارس الحكومية إلى ضحية لصراع نقابي – إداري باتت آثاره الكارثية تطال مئات الآلاف من التلاميذ.

معالجات واقعية
موظفون مدنيون مرتباتهم أقل من حافز المعلم وملتزمون بدوام عام كامل
أعلنت السلطة المحلية في العاصمة عدن، أمس الأول، عن رفع الحافز الشهري للمعلمين إلى 50 ألف ريال يمني، يُضاف شهريًا إلى راتب كل معلم وتربوي، كخطوة طارئة تهدف إلى تخفيف معاناة الكوادر التربوية وتشجيعهم على العودة إلى المدارس، في إطار مساعٍ جادة لتجاوز كارثة استمرار تعطيل التعليم.


وأكدت السلطة المحلية التزامها بالعمل مع الجهات المختصة لرفع الحد الأدنى من هيكل الأجور، ووصفت هذه الخطوة بأنها جزء من مسار إصلاحي شامل يستهدف إعادة الاعتبار للمعلم والعملية التعليمية بعد سنوات من التدهور والانهيار.

لكن هذه الجهود قوبلت برد مفاجئ من نقابة المعلمين، جاء وفق مراقبين بلغة تصعيدية، واعتُبر بمثابة موقف سلبي وغير مسؤول تجاه مبادرات كان يفترض أن تساهم في خلق بيئة مواتية لعودة التعليم، ففي بيان شديد اللهجة، رفضت نقابة المعلمين في عدن الحافز، معتبرةً إياه "محاولة لتمرير فتات لا يرقى لمستوى حقوق المعلمين"، مؤكدةً أن أي اتفاق خارج إطار النقابة الشرعي لا يُعتد به، ومعلنة تمسكها الكامل بالرواتب الكاملة والمستحقة قانونيًا.

واتهمت النقابة الجهات الرسمية بممارسة ما أسمته "التلميع الإعلامي وذر الرماد في العيون"، مؤكدة رفضها التام لأي تفاوض يتم خارج إطارها، وحملت تلك الجهات مسؤولية ما قد يترتب على التصعيد المستقبلي، غير أن لهجة البيان، وما رافقه من تعنت في الموقف، فُسرت من قبل مراقبين بأنها توجه مقصود لتعطيل التعليم عززت فرضياته عدد من المحدد والوقائع أهما:

أولا: امتيازات للمعلمين دون غيرهم
الملاحظ أن أزمة المرتبات لا تقتصر على قطاع التعليم وحده، بل تشمل كافة موظفي القطاع المدني، ورغم ذلك حصل المعلمون دون سواهم على حافز إضافي قدره 50 ألف ريال، بينما لا يزال باقي الموظفين المدنيين يباشرون أعمالهم دون أي حوافز مماثلة.

كما أن المعلم في اليمن يعمل نصف السنة فقط، بينما باقي موظفي الدولة يعملون على مدار العام، ما يجعل الإصرار على الإضراب غير مبرر، خصوصًا أن الحافز الجديد يعادل أو يفوق رواتب بعض القطاعات الأخرى.

ثانيا: تحسن الصرف وخفض الأسعار
التحسن الأخير في سعر صرف الريال اليمني أعاد للمرتب الحكومي أكثر من 30 % من قيمته الشرائية، وهو ما شكل تحسنًا ملحوظًا في القوة الشرائية للمعلمين، بالإضافة إلى الحافز الجديد. ومع ذلك، رفضت النقابة الاستجابة، ما أثار شكوكًا كثيرة حول نوايا سياسية أو نفعية غير مرتبطة بمطالب حقيقية.

ثالثا: ازدواجية عمل المعلمين
العديد من المعلمين المضربين يعملون بدوام منتظم في المدارس الخاصة، ويتقاضون رواتب حكومية في ذات الوقت، وهو ما يُعد مخالفة واضحة، ويفتح باب التساؤل عن علاقة محتملة بين النقابة وبعض إدارات المدارس الخاصة، التي تستفيد من تمديد الإضراب في القطاع الحكومي.

خيارات مطلوبة
يبدو أن السلطة المحلية لا تزال تراهن على التهدئة والإقناع، لكنها اليوم مطالبة باتخاذ إجراءات أكثر جدية، بما في ذلك تطبيق العقوبات الإدارية وقطع الرواتب عن المتغيبين، أو الرضوخ لمعادلة الابتزاز والاستمرار في تعطيل العملية التعليمية.

في ظل استمرار الإضراب، يبرز مقترح تصفه مصادر مطلعة بأنه الخيار الأخير لإنقاذ التعليم، ويتمثل في أن تقوم الحكومة بالتعاقد مع خريجي الجامعات كمعلمين بديلين، على أن تُصرف لهم رواتب المعلمين المضربين، بعد منح المضربين مهلة لا تتجاوز عشرين يومًا من بدء العام الدراسي المقبل.

هذا المقترح يحظى بقبول شعبي واسع، خاصة من أولياء الأمور الذين يرون في استمرار الإضراب تهديدًا مباشرًا لمستقبل أبنائهم، في حين لا يملكون خيارات بديلة كإلحاقهم بمدارس خاصة باهظة الكلفة.

من يقود معركة التعطيل؟
تشير المعطيات المتراكمة إلى أن ما يجري ليس مجرد احتجاج نقابي، بل مشروع تعطيلي منظم، ينطلق من داخل بعض دوائر النقابة، التي باتت تتحرك خارج مسار العمل النقابي المهني وتخوض معركة سياسية مكشوفة ضد جهود الاستقرار وتطبيع الأوضاع في العاصمة عدن.

ويتساءل أولياء أمور ومهتمون بشؤون التعليم: هل باتت النقابة أداة لتمرير أجندات مشبوهة؟ ومن المستفيد من إبقاء المدارس مغلقة وإبقاء مئات الآلاف من التلاميذ بلا تعليم؟ وهل يعقل أن تتحول النقابة إلى خصم لمعلميها وخصم لأبنائهم الذين ينتظرون عودة الدراسة؟