الوطن العدنية/مقال لـ”جهاد حفيظ”
استيقظت محافظة أبين صباح الأربعاء على واحدة من أشد الفواجع قسوة، حادث مروري مأساوي على طريق العرقوب الجبلي أودى بحياة 19 مسافراً واصابة عدد اخر اصابات خطيرة وربنا يشفيهم بين باص نقل جماعي وباص فوكسي.
أجساد متناثرة أرواح صعدت فجأة وأحلام توقفت عند منعطف ضيق بعضهم كان في طريقه للعلاج أو العمل، والبعض الآخر يحمل شوق العودة ودموع الفرح للقاء أهله بعد غياب، لكن القدر كان أسرع وفارقوا الحياة دون وداع.
إنها لحظة تُخرس الكلمات وتثقل القلوب، مشهد يوجع الروح ويجعل الصدر يضيق على أنفاسه نواح أمهات صراخ أطفال وصدمة مجتمع بأكمله أمام مأساة لم تعد جديدة على طرقاتنا طرقٌ تحصد الأرواح بلا رحمة، وتحوّل السفر إلى مقامرة بالحياة وكأن الموت يتربص بكل منعطف وحفرة ومنحدر.
الحقيقة المؤلمة أن ما يحدث نتيجة إهمالٍ مزمن وصمت رسمي يقتل ببطء طريق العرقوب شاهد على الكثير من المآسي، سنوات تمر والحوادث تتكرر والدماء تُراق دون حلول جذرية ودون إرادة حقيقية لإنقاذ الأرواح، الطريق ضيق المنعطفات خطيرة لا حواجز أمان ولا إنارة ولا أدنى متطلبات السلام، والنتيجة مقابر جماعية مفتوحة على الأسفلت.
أي ذنبٍ جناه هؤلاء الأبرياء من يتحمّل دموع أمهاتهم ومن سيواسي أطفالهم ومن يقنعهم بأن موت أحبتهم لم يكن نتيجة إهمال أو تقصير
إن مسؤولية الحفاظ على حياة الناس ليست مجرد شعارات تُردد بعد كل فاجعة، وليست بيانات تعزية جوفاء تُنشر ثم تُنسى هذه أرواح بشر ليست أرقاماً في سجلات المرور ولا نقاطاً في تقارير الحوادث.
إننا اليوم ومن قلب الألم نرفع صوتنا إلى رئاسة الحكومة ووزارتي الإنشاءات والطرق والداخلية والنقل والسلطات المحلية في أبين اتقوا الله في الناس فالأرواح أمانة، وهذه الطرق أصبحت شبحاً يحصد أبناء الوطن واحداً تلو الآخر المطلوب ليس مستحيلاً صيانة عاجلة للطريق وضع حواجز أمان إنارة وإشارات تحذيرية نقاط إسعاف وإطفاء، ومراقبة مرورية فعّالة.
ما حدث جرحٌ في أبين وللوطن ونزيف لا يتوقف ولن يندمل هذا الجرح إلا إذا تحركت الضمائر قبل القرارات، وتقدّم الواجب على الكراسي والمكاتب.
رحم الله ضحايا هذا الحادث المروّع وأسكنهم فسيح جناته وشفا الله المصابين، وألهم أهاليهم الصبر والسلوان.