آخر تحديث للموقع : الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - 04:49 ص

استنساخ أغلى آلة في العالم.. كيف نجحت الصين بأساليب سرية وتجنيد خبراء؟

منوعات


الأربعاء - 24 ديسمبر 2025 - الساعة 02:30 ص


الوطن العدنية/متابعات

في قلب شينزن، تُدار معركة تكنولوجية لا تقل ضراوة عن أي حرب عسكرية. سباق مع الزمن أنتج نسخة صينية مقلّدة من أغلى آلة في العالم لتصنيع أشباه الموصلات عبر الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية.

الصين التي تواجه حصاراً تقنياً غربياً، اختارت أن تخوض حربها بأسلوب سون تزو، صاحب كتاب "فن الحرب" الذي ألهم القادة لقرون. وبدأت في تطبيق المبادئ واحداً تلو الأخر.

إذا كانت "الحرب خدعة"، فإن السرية أولاً... يقول سون تزو: "كل الحرب تقوم على الخداع". اعتمدت الصين في مشروعها لتقليد أغلى آلة في العالم -جهاز الطباعة الضوئية EUV- على السرية، حيث يتم هندستها عكسياً داخل منشأة مغلقة، بأسماء وهمية، وهويات مزورة، حتى لا يعرف المهندسون تفاصيل عمل زملائهم.

وبحسب ما أفادت به "رويترز" الأسبوع الجاري نقلاً عن مصادر لم تكشف عن هويتها، فإن فرق كاملة تعمل على المشروع، بعضهم لا يعرف بعضه البعض داخل الفريق الواحد، فضلاً عن أن فرق كاملة لا تعلم بوجود بعضها، لكن الإنجاز والسرية والتجربة والخطأ، مهر المشروع بـ"سري للغاية" و"أمن قومي".

لم تستسلم الصين للإقصاء الأميركي المتعمد عن التكنولوجيا، فتحذيرات الرؤساء الأميركيين السابقين من صعود التنين ظلت في الأفق بداية من ريتشارد نيكسون، والذي حذر في مذكراته من أن الصين هي التهديد الفوري في آسيا في سبعينيات القرن الماضي.

بينما كان بيل كلينتون أكثر وضوحاً في نوع التهديد الذي تشكله الصين، حيث دعا في خطاب هوبكنز عام 2000 الكونغرس الأميركي للموافقة على انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، ولكنه في الوقت نفسه حذر من استغلالها للوصول إلى العقول والتكنولوجيا الأميركية.

اعرف عدوك واعرف نفسك
مخاوف كلينتون تحققت بعد ربع قرن من الزمن، يمكن قبل ذلك، لكن أكبرها تلك المخاوف هو ما حدث في بداية العام الجاري، بعدما نجحت آلة الطباعة الحجرية الصينية في إنتاج شعاع ضوء فوق بنفسجي.

درست الصين نقاط قوة خصمها، وهي شركة "ASML" الهولندية، ثم استهدفت مهندسيها السابقين بعروض مالية ضخمة، لتستفيد من خبراتهم في بناء التقنية محلياً. هذه الخطوة تجسد مبدأ سون تزو: "إذا عرفت عدوك وعرفت نفسك، فلن تخشى نتيجة مئة معركة".

اختيار توقيت الهجوم
بينما ركز الغرب على العقوبات والحظر، استغلت الصين الوقت لتطوير نموذج أولي لجهاز EUV، حتى وهي تحت ضغط القيود، تمثل ضربة استباقية في حرب تكنولوجية طويلة الأمد.

أفاد أحد مصادر "رويترز" المطلع على عملية توظيف مهندس صيني مخضرم من شركة ASML، تم توظيفه في المشروع، بأنه فوجئ بحصوله على مكافأة توقيع سخية مصحوبة ببطاقة هوية صادرة باسم مستعار.

وأضاف المصدر نفسه أنه بمجرد دخوله، تعرف على زملاء سابقين آخرين من ASML يعملون أيضاً بأسماء مستعارة، وتلقى تعليمات باستخدام أسمائهم المستعارة في العمل حفاظاً على السرية. وأكد شخص آخر بشكل مستقل أن المجندين الجدد كانوا يحصلون على بطاقات هوية مزورة لإخفاء هوياتهم عن باقي العاملين داخل المنشأة شديدة الحراسة.

وذكر المصدران أن التوجيهات كانت واضحة نظراً لتصنيف المشروع ضمن الأمن القومي، لا يمكن لأي شخص خارج المجمع معرفة ما يتم بناؤه، أو حتى وجودهم هناك.

وأبلغ موظفان صينيان يعملان حالياً في ASML في هولندا وكالة رويترز أنهما تلقيا عروض توظيف من شركة هواوي منذ عام 2020 على الأقل.
وتقيد قوانين الخصوصية الأوروبية قدرة ASML على تتبع موظفيها السابقين. على الرغم من توقيع الموظفين على اتفاقيات عدم إفشاء، إلا أن إنفاذها عبر الحدود أثبت صعوبته.

شمل المجندون لين نان، الرئيس السابق لقسم تكنولوجيا مصادر الضوء في شركة ASML، والذي قدم فريقه في معهد شنغهاي للبصريات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم 8 براءات اختراع لمصادر ضوء الأشعة فوق البنفسجية القصوى (EUV) خلال 18 شهراً، وفقاً لملفات براءات الاختراع.

الأمر لم يتوقف على استقطاب الصينيين فقط، بل امتد ليشمل أشخاص من جنسيات أخرى، حصلوا على جوازات سفر صينية، وتم التخلي عن شرط قانوني بعدم ازدواج الجنسية.








اهم الاخبار - صحيفة الوطن العدنية