أخبار أبين

الإثنين - 17 أغسطس 2020 - الساعة 02:45 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/إعداد - القاضي - أنيس جمعان


▪️يقال إن اليمن لاتصلح بدون حكم إمرأة، كلنا قرأنا عن الملكة بلقيس التي ذكرت في القرآن الكريم مع النبي سليمان والتي حكمت سبأ، وكما عرف إن في عهدها أنتشر الأمن وساد العدل، أما بلقيس الصغرى فهي الملكة أروى بنت أحمد الصليحي التي أشتهرت بهذا الأسم وإنما أسمها الحقيقي سيدة بنت أحمد الصليحي الـتي حكمت اليمن لأربعة عقود ساد فيها الإستقرار السياسي وإنتهت الفوضى والخلافات الـعشائرية ..

سيدة بنت أحمد الصليحي:
(440 - 532 هـ/1049- 1138م)
➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪️أروى بنت أحمد الصليحي ملكة الدولة الصليحية في اليمن وهي أول ملكة في الإسلام، وتلقب بالسيِّدة الحرَّة وغلب هذا على أسمها في كتب التاريخ، وأسمها الكامل أروى بنت أحمد بن محمد بن جعفر الصليحي الإسماعيلية، زوجة المكرَّم أحمد بن علي الصليحي، وهي آخر الملوك الصليحيَّة في اليمن، وهي أول إمرأة تتبوأ كرسي الحكم في الإسلام، الملكة اليمنية التي أدارت شؤون بلادها بكفاءة وبراعة؛ فواجهت أعداءها بحكمة وشجاعة، إنها أروى الصليحيَّة التي لاتزال شواهد اليمن تحكي قصة حكمها وحكمتها إلى الآن، أي أنها حكمت عملياً نصف قرن، وكانت أول ملكة في التاريخ الإسلامي حكمت بلاد اليمن من وراء الحجاب، وكان يمدحها الإسماعيلية بتسميتها بلقيس الصغرى، ويستعيرون شعر المتنبي لمدحها:
ولو كان النساء كمن فقدنا
لفُضلت النساء على الـرجال
وما الـتأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلا

▪ولدت أروى بنت الصليحي في حصن مسار من جبال حراز (غرب صنعاء)، أمها رداح أبنة الفارع بن موسى، وفقدت والديها مبكراً، وأقتيدت إلى قصر صنعاء عند عمها، فنشأت تحت رعاية الأم الملكة، أسماء بنت شهاب، أم المكرَّم الصليحي أحمد بن علي، جنباً إلى جنب مع ابن عمها المكرَّم، وتزوجها المكرَّم، في داخل قصر لم يتميز فيه الرجل عن المرأة، فالأم أسماء هي التي أدارت المملكة الصليحيَّة إلى جانب زوجها على إمتداد 15 عاماً، وكانت تركب في مائتي جارية في الحلي والحلل، وفرسانها على خيولٍ مسرجة بالذهب، وعندما سافرت مع زوجها لأداء فريضة الحج عام 459هـ/ 1067م، داهمهم (سعيد بن نجاح الحبشي) المعروف بـ(الأحول) بجيش كبير، فقتل الملك (علي بن محمد الصليحي) وأخاه (عبدالله) وأسَر أسماء، ووضع رأس زوجها ورأس أخيه فوق هودجها، ثم ساقها إلى السجن، فظلت فيه عاماً، وأستطاعت أن ترسل لابنها الملك في صنعاء (أحمد بن علي الصُّليحي) المعروف بالملك المكرَّم برسالة، بعد أن كان قد يئس من بقائها على قيد الحياة؛ قيل: إنها كتبت على رغيف من الخبز، وقذفته لسائل مر بجوار معتقلها وأعلمته بأمرها، على غير ما يحب، ومن ذلك أنها كتبت بأنها حبلى من (الأحول) الحبشي، وتستنجد لفكها من الأسر، وتستثير حمية ولدها؛ فلباها استغاثة، وأقبل في جيش عظيم، وظفر بـ (سعيد الأحول) وعاد بأمه إلى مدينة صنعاء، فمكثت هناك مع ابنها حتى توفيت، وساعدت الملكة أسماء ابنها أحمد كما كانت تساعد زوجها من قبل، وكان ابنها المكرَّم أحمد بن علي الصليحي يأخذ أوامره منها مباشرة ولكنه لم يستمر في الحكم طويلاً لإصابته بشلل العصب الوجهي فكانت من اختار زوجته أروى بنت أحمد الصليحي لحكم الدولة الصليحية، وقد تمكنت أسماء المعروفة بشخصيتها المستقلة من أن تشغل مكاناً فعالاً في شؤون الدولة كما أنها أيضاً لعبت دوراً هاماً في تعليم الملكة “أروى” التي نشأت تحت رعايتها في البلاط الصليحي، التي قبلت فيها بالحياة الظالمة والمتواضعة التي فرضها تلقين المذهب الشيعي لكل من أراد الإمامة وتحمل المسؤولية، بعدما أشركها زوجها جهراً وعلانية في حياته، واعتبرها نداً له، وطلب بأن تلقي الخطبة باسمها، فكانت مساجد اليمن تذكر أسمها بعد العاهل الفاطمي وزوجها، وكان يُدعى لها على منابر اليمن، فيُخطب أوَّلاً للمستنصر (الفاطمي)، ثم للصليحي، ثم للحُرَّة، فيُقال: ((اللَّهمَّ أَدِمْ أَيَّامَ الحُرَّةِ الكاملة السيِّدة كافلة المؤمنين))، ((اللَّهمَّ أَدِمْ أَيَّامَ الحُرَّةِ التي تدير بعنايتها شؤون المؤمنين))، وقد أنشأت الملكة أسماء تقليداً حقيقياً في اتحاد الزوجين في السلطة، وربت ابنها المكرَّم على أن الزوجة هي قوة، ومن الغباء أن نتركها تركد في ظلال الحريم، حتى تزوج المكرَّم ابنة عمه أروى، سنة 461 هجرياً، وعمرها 17 عاماً، في زفاف كان رمزاً للابتهاج والتفاخر، وكان مهرها إمارة عدن، وجعل منها زوجها شريكاً ورفيقاً، وكان الفرق الوحيد بين الملكة أسماء والملكة أروى هو مدة حكمهما؛ فبينما كانت مدة حكم أسماء قصيرة جداً، انتهت بقتل زوجها وأسرها ووفاتها، فإن حكم أروى دام أكثر من نصف قرن، وبتولى أروى إمارة عدن، أخذت منذ ذلك الحين تشرف على إدارتها، وتعين حكامها، وتجني منها الضرائب، وغُمرت أروى بفرح الأمومة، فأعطت المكرَّم ولدين، ولكنها هي التي كانت تعتبرها صنعاء الوريثة الطبيعية للسلطة، وليس شخصاً آخر، فور وفاة الملكة أسماء، التي أمنت إدارة شؤون البلاد حتى اللحظة الأخيرة، ودفن المكرَّم لجثمان والدته، عهد المكرَّم رسمياً بجميع سلطاته إلى زوجته أروى، ففوض إليها الأمور، فقد كان هو ووالده يعترفون بها منذ صغرها بأنها الشخص الوحيد القادر على تأمين أستمرارية السلالة الصليحية، وكانت أروى منشغلة بتقوية صورة السلالة الصليحيَّة على الرغم من مقتل زعيمها الكبير علي، وشلل المكرم بعد إصابته في معركة، فكانت ملكة تعرف كيف تدير شؤون الدولة والحرب سوياً على أكمل وجه، ووصفها المؤرخون بأنها عاقلة وكاملة وملكة كفؤة لامثيل لها، مع ذلك تركت أروى وراءها مشاريع عمرانية أهمها: جامع الصفا الشهير، وبناء طريق سمرا، وأمدت أنحاء مملكتها بالماء حتى أعلى قمم الجبل، وسمحت بتعدد المذاهب وحرية العبادات، فقلت النزاعات داخل بلدها، وأيضاً كانت تهتم بتنشيط المراكز الثقافية والدينية؛ بمنحها العلماء والمعلمين رواتب هامة في الدولة، كما ساهمت في نشر المذهب الشيعي في آسيا، وأعتبروها زعيماً روحياً لما قدمت لهذه الشعوب من خدمات ..

نشأت الملكة أروى وتوليها الخلافة :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪تربت الملكة أروى وترعرعت في قصر السلطان علي الصليحي في صنعاء عاصمة الدولة الصليحيَّة بعد وفات والديها اللذان إنهار البيت عليهما، وتعهدت زوجة السلطان علي الصليحي بالرعاية والاهتمام بها، وعند بلوغها سن الثامن عشر تزوجت أروى بنت احمد ولي العهد الأمير أحمد المكرَّم، وأنجبت له أثنان من الأولاد محمد وعلي ومن البنات أم الهمذان وفاطمة، وبعد مقتل الملك علي الصليحي بسبب الخلافات العشائرية في ذلك الوقت، تولى الأمير أحمد المكرَّم الخلافة خلفاً لأبيه، وفي تلك الحقبة المليئة بالصراعات بين الـعشائر ظل الملك أحمد المكرَّم يتصدى للفتن ويخوض المعارك معركة تلو الأخرى ضد الـمتمردين على السلطة، وفي أحدى المعارك أصيب المكرَّم إصابة بالغة جعلته مشلولاً، وقد كانت أروى الزوجة الوفية الـتي كانت تساند زوجها وتقف إلى جانبه في كل ظروفه لم يجد الملك أفضل منها في الحفاظ على المملكة وتولي الخلافة من بعده، لذلك أوصاها بالحفاظ على المملكة من بعده والأهتمام بشؤون الدولة، وقدمت له وعد بذلك، ويشير المؤرخ الإسلامي الدكتور راغب السرجاني في بحثة الموسوم عن الدولة الصليحية الإسماعيلية في اليمن في موقع قصة الإسلام إنه ولمـَّا هلك المكرَّم الصليحي، وقد عهد بالملك إلى ابن عمِّه سبأ- كتب المستنصر العبيدي إلى الحرة: قد زوَّجتك بأمير الأمراء سبأ على مائة ألف دينار. فوافقت مرغمة، وسار إليها الملك سبأ إلى مدينة (جِبْلَة)، فأقام عندها شهراً، فلم تُمكِّنه من نفسها، حتى أستحقر نفسه وندم على الزَّواج بها، ورجاها أن تسمح له بالدُّخول إلى دارها -ولو ليومٍ واحد- لِيُوهِمَ النَّاس بدخوله عليها، فوافقت. ويُقال: إنَّها أرسلت إليه بجاريةٍ تُشبهها، وعرف ذلك، فرحل صبيحة اليوم الثَّاني، وظلَّت العلاقة بينهما على الورق فقط، لكنَّه لم يبخل عليها بأيَّة مساعدةٍ أو خدمةٍ فيما يخصُّ الدَّولة وشُئون الحكم، ومات سبأ سنة 492هـ، وضعف ملك الصليحيِّين، فتحصَّنت الملكة أروى بذي جبلة، واستولت على ما حوله من الأعمال والحصون، وأقامت لها وزراء وعمَّالاً، وامتدَّت أيَّامها بعد ذلك أربعين سنة ..

▪️جاء في موسوعة ويكيبيديا عن الملكة أروى الصليحي بإنها تزوجت المكرّم أحمد بن علي سنة 458 هـ في حياة أبيه، وتولى الحكم من بعده (459 -481 هـ) فأنجبت منه أربعة من الأولاد هم علي ومحمد وفاطمة وأم همدان وقد توفى علي ومحمد وهما طفلين سنة 467 هـ. أما أم همدان فقد تزوجت من أحمد بن سليمان بن عامر الزواحي ورزقت منه بعبد المستعلي وتوفيت قبل أمها سنة 516 هـ. وأما فاطمة فتزوجها شمس المعالي بن الراعي بن سبأ وتوفيت بعد والدتها بسنتين وذلك سنة 534 هـ، وقد فوّض المكرَّم الأمور إِلى زوجته أروى، فكان أول ما قامت به بعد أن غادرت صنعاء، أن اتخذت مقرها في قصر شيده زوجها في حصن بجبلة ونقل إِليه ذخائره وقامت بتدبير المملكة خير قيام وبسطت سلطانها على القبائل اليمانية، فخضع الناس لها، وكانت الرسائل التي يبعث بها المستنصر بالله الفاطمي إِلى اليمن تصدر باسمها، وبعد وفاة زوجها المكرّم سنة 481 هـ، أختلف الصليحيون والزواحيون فيمن يتولى الحكم، وكان زوجها قد أوصى أن تسند أمور الدعوة إِلى الأمير المنصور سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي الذي طمح إِلى الزواج منها، فلم ترضَ أروى بهذا الاختيار، وأحتكم سبأ إِلى المستنصر بالله الفاطمي الذي أمر أروى أن تقبل بسبأ زوجاً، وإن ظل هذا الزواج صورياً، وظلّت أروى تمسك بمقاليد الحكم الفعلية، وتُرفع إِليها الرقاع، ويجتمع عندها الوزراء، ويدعى لها على منابر اليمن، فيخطب أولاً للخليفة الفاطمي ثم لسبأ ابن أحمد ثم للسيدة الحرّة أروى، ولم تلبث أن أستقلت بأمر الحكم بعد وفاة زوجها الثاني سبأ سنة 492هـ، واعتمدت في تدبير أمور الملك على عدد من الثقات، منهم: المفضّل بن أبي البركات، وزريع بن أبي الفضل، وعليّ بن إِبراهيم بن نجيب الدولة وغيرهم، وامتدت أيام حكمها بعد ذلك أربعين سنة، أستطاعت في أثنائها أن تمارس سيادتها على الإِمارات اليمنية الصغيرة من دون إِخضاعها ..

حكـم الملكة أروى :
➖➖➖➖➖➖
▪تعـتبر أروى بنت أحمد بن علي بن محمد الصليحي، الحاكم الثاني للدولة الصليحيَّة، وقد مارست الملك بدون إنقطاع، منذ مرض زوجها في عام 473 هـ حتى وفاتها في عام 530 هـ، وكانت أروى على عكس الملكة أسماء بنت شهاب (أم المكرَّم الصليحي أحمد بن علي)، تتحجب خلال جلسات العمل؛ لأنها كانت شابة وجميلة في الرابعة والثلاثين من عمرها، وزوجها المكرَّم معاق، وأعتبر حجابها التنازل الوحيد الذي فرضته على نفسها من أجل التقاليد، فقد أرادت أن تنذر نفسها لقتل سعيد بن نجاح قاتل عمها وآسر زوجته، من أجل أن تبين لليمن ولبقية العالم الإسلامي أن السلالة الصليحيَّة ستظل قوية رغم ما ألم برجالها ..

▪بعد وفاة المكرَّم طمع سبأ الصليحي في الحكم، إلا إن الخليفة الفاطمي المستنصر بالله أفـتى بتولي أروى للحكم حتى بلوغ أبنها الأكبر سن الرشد، منذ ذلك الوقت أستلمت أروى مقاليد الحكم على المملكة كان هذا في عام 1098م، وأول ماعمدت على فعله هو نقل العاصمة من صنعاء إلى جِبْلَة وذلك لكـثرة النزاعات القبلية والصراعات في العاصمة صنعاء، بذلك أمنت مكر أعدائها، وقد ساد العدل والأخاء في عهد الملكة أروى وذلك لإنها حكمت على مبادئ التسامح والاخاء وحرية الـعبادة، كما أزدهرت البلاد وساد الرخاء الأقـتصادي ..

▪تقول روايات تاريخية إن الملكة أروى تبرعت بكل مجوهراتها إلى الملك الفاطمي في مصر، وأوصته بنشر الإسلام في الهند، وفي أواخر حكمها تمردت بعض الإمارات عليها، مما أستدعى إرسال ابن نجيب الدولة موفداً من الخليفة الفاطمي، ولّما قدم ابن نجيب الدولة إِلى اليمن موفداً من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله سنة 513هـ وداعياً له، فأخضع الإِمارات المتمردة، عزّ جانب الحرّة وانقمع أهل اليمن، إِلا أنه بدأ منذ سنة 519هـ يسيء إِليها ويستخفّ بأمرها ويدّعي أنها قد خرفت وأستحقت أن يحجر عليها، وحاول أن ينتزع الحكم منها، ولكنّ أمراء البلاد وشيوخها ساندوها وأتهموا ابن نجيب الدولة بالتآمر على الخلافة الفاطمية، فأمر الخليفة بالقبض عليه وإِعادته إِلى مصر، في نفس السفينة الـتي كانت تقلّه، ولكن السفينة التي كانت تقلّه غرقت في أثناء الرحلة، وأسندت الحرّة أمر الدعوة إِلى سبأ بن أبي السعود من آل زريع (وهو أول بني زريع الذين خلفوا الصليحيِّين)، وقد عملت أروى إِبّان حكمها على تشجيع البناء والعمارة وأولت إِنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد اهتمامها الزائد، ولم يقف نفوذها عند حدود اليمن، فقد عهد إِليها الخليفة المستنصر بالله ومن بعده الآمر بأحكام الله بالإِشراف على الدعوة الفاطمية في عُمان والهند، وقد أنفردت بالحكم دون أي غطاء رجولي لمدة عشرين عاماً حتى وفاتها بشكل طبيعي عن عمر يناهز 92 عاماً وتكون بذلك حكمت اليمن لمدة تزيد عن خمسين عاماً، واللافت للنظر في سيرة الملكة أروى انها كانت تمارس عملها مغطاة الوجه ليس كسابقتها أسماء وذلك يعود لخروجها لمجالس العمل نظراً لجمالها وصغر سنها عند عجز زوجها ثم وفاته ..

أعمـال الملكة أروى :
➖➖➖➖➖➖
▪️إن السيِّدة أروى حكمت البلاد اليمنية بعد أن شاركت زوجها المكرَّم في تدبير شؤون لدولة منذ قيامه حتى مات وقبضت على آزمة الأمور في البلاد بيد من حديد عام ( 484_ 532 هـ) أي مايقرب من نصف قرن ضربت فيها أروع المثل من الحزم والثبات والحكمه والعدل، وكانت على جانب هذا على مكانة من الفضل والأدب والمعرفه والدهاء وسمو التفكير وسداد الرأي ولها محاسن كثيرة وأعمال خيريه جليلة منها :

(١) قامت ببناء جامع السيِّدة أروى المعروف حالياً في جِبْلَة في اليمن ..

(٢) قامت ببناء جزء من الجامع الكبير في صنعاء ..

(٣) بنت المرافق الخدمية وجعلت الكثير من الأراضي الزراعية وقف للمواشي ..

(٤) قامت بايصال مياة الشرب إلى كل سكان مدينة جِبْلَة عن طريق سقاية تمتد من أعلى قمم الجبل إلى البيوت ..

(٥) أهتمت بالعلم والعلماء ووفرت لهم المساكن وأعطتهم رواتب، كما أمرت بتشكيل حلقات للعلم في جامع جِبْلَة التي التحق بها طلاب العلم من كل مناطق اليمن ..

(٦) في عهدها قامت ثورة زراعية وتجارية نتيجه الاستقرار السياسي الذي جعل القوافل تأتي إلى اليمن من كل المناطق العربية ..

(٧) في عهدها سمحت بتعدد المذاهب وحق حرية العبادات وبهذا قلت النزاعات ..

(٨) قامت بفصل الدعوة للمذهب الفاطمي عن شئون الدولة المدنية، فأنشأت لها إدارة خاصة متخصصة مستقلة إدارياً ومالياً عن أموال الدولة وعن مركز القرار العسكري والسياسي، ولم يقف نفوذها عند حدود اليمن، فقد عهد إِليها الخليفة المستنصر أمر نشر المذهب الفاطمي في عُمان والهند، وقد ساهمت في نشر المذهب الشيعي في آسيا، وأعتبروها زعيماً روحياً لما قدمت لهذه الشعوب من خدمات ..

(٩) عملت الملكة أروى إِبان حكمها على تشجيع البناء والـعمارة وإِنشاء المدارس والمستشفيات والمساجد، كما قامت ببناء جامع صنعاء المشهور بالجامع الكبير، وإيصال المياه من(خنوه) إلى مدينة (الجند)، وتبليط مدينة جبله بالأحجار والأسمنت، وأنفقت الكثير من الأموال في شق الجبال وإقامة الأعمدة وشق الطرق ..

صفات الملكة أروى :
➖➖➖➖➖➖
(1) كانت الملكة أروى خلوقه وجميلة ، من صفاتها الجمالية إنها بيضاء البشرة مائلة للاحمرار (مشربة بحمرة)، كما كانت لها صوت جهوري، مديدة القامة تميل إلى السمنة، وتعتبر الملكة أروى قارئة وكاتبة جيدة، تحفظ الاشعار، كما تميزت بذكائها وفطنتها، وخبرتها بأحوال الناس وقربها منهم هذا الأمر جعلها تنجح في إدارة البلاد والنهوض بها أثناء حكمها ..

(2) كانت تُعدُّ من زعماء الإسماعيليِّين، وكانت عارفةً بالمذهب الفاطمي الباطني، حتى أنَّ المستنصر بالله العبيدي كان يُرسل إليها كبار دعاته لـتثقيفها بمذهبهم، ورفعها من درجة (الدُّعاة) إلى مقامات (الحُجج)، فقد أستطاعت سيدة ممارسة الدعوة والحكم بفضل وقوف الدعوة والدعاة إلى جانبها ولما كانت تتمتع به من صفات شخصية وبُعْد نظر وعلم ..

ألقاب الملكة أروى :
➖➖➖➖➖➖
▪️بلقيس الصغرى كان لقب أطلقه المؤرخون على أول سيدة مسلمة تتولى شئون الحكم وتتوج كملكة، نظراً لإشتراكها مع الملكة بلقيس الشهيرة في رجاحة العقل والذكاء، وهي أروى بنت أحمد الصليحي، هذا ويؤكد باحثون تاريخيون أن أروى ليس الإسم الحقيقي للملكة، بل السيِّدة بن أحمد الصليحي، وسُميت أروى لأنها قامت ببناء ساقيتان لبلدة جبلة وجامع الجند في تعز، وأروت أهلها بالماء، ولم يكن لقب بلقيس الصغرى الوحيد الذي أطلق عليها ، حيث منحها الخليفة المستنصر بالله ألقاب متعددة منها السيِّدة الحرّة، وحيدة الزمن، سيدة ملوك اليمن، عمدة الإِسلام، ذخيرة الدين، عصمة المؤمنين)، وتعتبر المرأة الـثانية الـتي حكمت الـيمن بعد بلقيس (ملكة مملكة سبأ)، وقد ظلت حتى القرن الحادي والعشرين مثلاً أعلى وقدوة لكل فـتيات الـيمن الطامحات واللاتي ينسبن أنفسهن كـ ”حفيدات أروى”..

وفاة الملكة أروى :
➖➖➖➖➖➖
▪عانت الملكة أروى من المرض طويلاً، ثم توفت عن عمر ناهز التسعين عاماً، دفنت في ضريح لها في المسجد الذي سمي بأسمها، بعدها ضعفت الدولة الصليحيَّة، وشكل وفاتها النهاية الفعلية للسلالة الصليحيَّة، وإنتهت الدولة تماماً عام 569 هـ بعد غزوة توران شاة لليمن حيث عمرت أروى طويلاً، وتوفيت عام 532 هـ، عن عمر يناهز الـ 88 عاماً (فترةالحكم = 492 - 532 هـ)، ودفنت في مسجد كانت بنته، وقبرها مايزال حتى اليوم مزاراً، وعلى إِثر وفاتها دب الضعف في جسد الدولة الصليحيَّة وتفككت أوصالها وصار الأمر فيها إِلى الأمراء من آل زريع، وشكلت وفاتها النهاية الفعلية للسلالة الصليحيَّة، وإنتهى أمر الصليحيِّين تماماً بعد أن غزا توران شاه بن أيوب اليمن سنة 569 هـ، وهي أطول من حكم من ملوك الصليحيِّين وآخرهم شأناً ..

▪️بعد وفاة السيدة أروى بنت أحمد الصليحي، وهنت الدولة الصليحيَّة، وصار اليمن شمالاً ووسطاً وجنوباً كل إقليم تحكمه دولة معادية للأخرى، وأستمر الحال في صراع إلى أن جاء شمس الدين توران شاه بن أيوب وكان أخاً لصلاح الدين الأيوبي، وجاء من مصر في جيش سني العقيدة، عباسي الولاء ليربط اليمن بأسره، في ظل الحكم الأيوبي الذي بدأ في اليمن عام 574 هـ، حتى أستقرت اليمن في ظل الدولة الأيوبية التي أستمرت نحو نصف قرن، إلى أن أستقل نائب الأيوبيين ومساعدهم المنصور عمر بن علي بن رسول بالجند، وأستقل بحكم اليمن سياسياً، مع الاعتراف بالظل الشرعي للخلفاء العباسيين في بغداد ..

الملكة أروى في الموسوعة اليمنية :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪جاء في الموسوعة اليمنية الصادرة عن مؤسسة العفيف الثقافية (1/264) بإن الملكة أروى هي الملكة سيدة بينت أحمد بن جعفر بن موسى الصليحي، وأسمها (سيدة) تكاد تجمعُ عليه أغلبَ المصادر التاريخية، ويورده كذلك معاصرها عمارة اليمني( تـ 569هـ/1147م)، ويتابعه بقية المؤرخين، ويتفق معهم في ذلك المؤرخون الإسماعيلون، ومن أبرزهم إدريس عماد الدين الذي يقول بذلك، ويستند إلى نص وصيتها التي تقول في مستهلها:
" هذا ما أوصت به (سيدة) ابنة أحمد"، وكذلك في أكثر من موضع من الوصية مِمَّا يقطع الشك باليقين، أما اسم أروى فنرجح أنه لحقها في عصر متأخر كثيراً ولأسباب ما نزال نجهلها، وقد ولدت في (حراز) غرب صنعاء، ونشأت في حجر أسماء بنت شهاب (أم المكرَّم الصليحي أحمد بن علي)، وتزوجها المكرم، وفلج، ففوض إليها الأمور، فاتخدت لها عاصمة (ذي جبلة)، وقامت بتدبير المملكة والحروب إلى أن مات المكرم سنة 477هـ/1084م)، وخلفه ابن عمه (سبأ بن أحمد) فكتب خليفة مصر إلى الحرة: قد زوجتك بأمير الأمراء سبأ على مئة ألف دينار. ومات سبأ سنة (492هـ/1099م)، وضعف ملك الصليحيِّين؛ فتحصنت بذي جبلة، واستولت على ماحوله من الأعمال والحصون، وأقامت لها وزراء وعمالاً. وامتدت أيامها بعد ذلك أربعين سنةً، وهي التي دبرت في سنة (481هـ/1088م) أو (497هـ/1086م) قتل سعيد الأحول أحد قاتلي علي بن محمد الصليحي والد زوجها. ويقول أحد العلماء بالإسماعيلية إنها : " تُعَدُّ من زعماء الإسماعيليين ". فقد أستطاعت سيدة ممارسة الدعوة والحكم بفضل وقوف الدعوة والدعاة إلى جانبها ولما كانت تتمتع به من صفات شخصية وبُعْد نظر وعلم، وقد توفيت بذي جبلة سنة (532هـ/1138م)، ودفنت في جامعها وهو من بنائها، ولها مآثر وسبل وأوقاف. وهي أطول من حكم من ملوك الصليحيِّين وآخرهم شأن ..

الملكة أروى في كتب المؤرخين :
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
▪ذكرت بعض المصادر التاريخية أيضاً بإنها ولدت في مدينة جِبْلَة باليمن عام 1050م، أمها رداح بنت الفارع زوجة أحمد بن علي الصليحي ملك اليمن، ولقد نشأت في رعاية أسماء بنت شهاب زوجة علي بن محمد الصليحي مؤسس الدولة الصليحيَّة، وبعد وفاة والدها تزوجت والدتها من عامر بن سليمان الزواحي، ويروى أن والدها مات في عدن بسقوط البيت الذي كان يسكنه، وإن أروى كانت في هذا الوقت في طفولتها ..

▪قال عنها المؤرخ الحسن الهمداني :
«الملكة أروى على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة إلى جانب ما تمتعت به من جمال الخلقة، فكانت بيضاء اللون مشربة بحمرة، كاملة المحاسن جهورية الصوت، قارئة، كاتبة، تحفظ الأخبار والأشعار والـتواريخ وأيام العرب» ..

▪قال عنها الداعي إدريس قس، في كتاب عيون الأخبار : «متبحرة في علم التنزيل والتأويل والحديث الثابت عن الأئمة والرسول عليه السلام، وكان الدعاة يتعلمون منها من وراء الستر، ويأخذون عنها ويرجعون إليها، وكانت إمرأة فاضلة ذات نسك وورع وفضل وكمال عقل وعبادة» ..

▪️وصف المؤرخ اليمني عبد الله الثور فترة حكم الملكة أروى:"ويكفي لمؤرخ أمين ان يقارن حكم الأئمة مقارنة مختصرة جدا بالفترة التي حكمت بها إمرأة يمنية وهي السيدة اروى بنت أحمد الصليحي التي خلفت مآثر وعمرانا وطرقا ومساجدا وأشياء كثيرة لم يحققها الائمة خلال حكمهم الطويل لليمن"، حيث كانت تهتم بنشر العلم وتيسيره فأنشأت المدارس والمساجد ووسعت جامع صنعاء وشيدت مسجد الضربة في بلاد يريم والمسجد الجامع في جبلة، وكان جامع الملكة أروى في جبلة صرح علمي يتوافد عليه الطلاب وظل يتردد في رحابه لمدة خمسين عاماً الدعاء الشهير للملكة أروى:" أدام الله أيام الملكة الحرة"، كما عنيت بالتنظيم والتخطيط في مناطق حكمها و لا تزال حتى آلان موجودة الأراضي الخصبة التي أوقفتها لرعي المواشي ومعروفة بإسم "صلب السيدة "، وبلطت مدينة جبلة بالأحجار والقضاض وشقت طريق سمارة إلى السياني وتعز، واهتمت بإيصال المياه من خنوة إلى مدينة الجند وأنفقت أموالاً كثيرة في شق الجبال وإقامة الأعمدة والكظائم _قناة في باطن الأرض تجري فيها المياه_ وفي زمنها حفرت الترع والقنوات وكانت خزائنها مترعة بالذهب وفرضت الضريبة على المسك والكافور والعنبر والصندل والأدوات الصينية، وكانت التجارة الهندية تأتي إلى اليمن كثيراً وسكان عدن يؤتون بنصف خراجها سنوياً، وكان أبرز ما أسسته في جبلة دار السلطنة المكون من 365 غرفة وبني بشكل دائري وهو اثر معماري جميل يشهد على الإزدهار الذي شهدته الدولة أثناء حكمها، وبعد مرور مايزيد عن تسعمائة عام من وفاة الملكة أروى تظل إنجازاتها باقية ينتقع بها الناس لتكون شاهدة على فترة حكم الملكة الحرة ..

المصادر:
(١) أروى بنت أحمد - ويكيبيديا
(٢) أروى بنت أحمد - موقع المعرفة
(٣) أسماء بنت شهاب الصليحي- موسوعة المحيط
(٤) الموسوعة اليمنية الصادرة عن مؤسسة العفيف الثقافية (1/264)
(٥) الدولة الصليحيَّة الإسماعيلية في اليمن - الدكتور راغب السرجاني - موقع الإسلام
(٦) «بلقيس المسلمة».. تعرف إلى أروى الصليحية «أول امرأة تحكم في الإسلام» - ساسة بوست - زهراء مجدي