الوطن العدنية/كتب/عبدالله الكوردي
الى حدود بلادنا الشرقية " عُمان" ، ليست ببعيدة عنّا جداً ، لن تكون سنغافورة او ماليزيا او اليابان هي الوحيدة لتكون نموذجاً أتمنى يوماً أن أرى بلادي وموطني أفضل منه أو مثله حتى على أقل تقدير ؛ هناك الشعب العماني الذي لم ألتقيه إلّا في منصات التعليم عن بُعد وغرف الندوات العلمية وقروبات أخرى و كوّنت بذلك علاقات مع بعضهم ، الذي يدهشني دائماً هو التعامل الأخلاقي الراقي الذي يتمتع به العمانيين ، وكثير ما سمعت عن تعامل أهل عمان مع غيرهم و دائماً هذا السؤال يطاردني كلّما ذُكِرت عُمان :" ماهو سرُّ ذلك أخلاق ورقي ذلك الشعب ؟"
بالأمس كنت أتصفح اليوتيوب ووقعت عيني على مقطع من مقاطع " الشقيري" - ولا أخفي أنني أختلف وأتفق مع الرجل في كثير من الأمور والأفكار التي أرى فيها عدم توافق بين نظرتي ونظرته نتج عنها إختلاف جزئي أو كُلّي - لكنّه أيقونة في التأثير وقد أثّر في العالم العربي بمحاضراته ومقابلاته وبرامجه ولعل سلسلة برنامجه الشهير "خواطر" قد تركت تأثير كبير في كثير من الناس .. خلاصة الكلام أن الرجل سافر الى عمان و تحدّث عن مبدأ التعايش والقبول الذي يعيش فيه الشعب العماني الشقيق.
لفت إنتباهي الاءات التي ذكرها أحد العمانيين حينما تحدّث عن فئة " المُعلمين " الذي إن خالفها معلّم وتحدث بها لطلابه سيكون عقابه السجن لمدة قد تصل الى "١٠ سنوات" ومن هذه الاءات أن :
- لا يتدخل في الأمور السياسية محلياً وعالمياً أبداً.
- لا يروّج أو تحدّث عن الطائفية أو العنصرية أو المذهبية أو حتّى القبلية.
عودةً الى الغرب قليلاً الى بلادنا وأخص بهذا المنشور فئة المعلمين والأساتذة من أولى إبتدائي الى السنة الأخيرة في مساقات البكالاريوس أو حتّى أولياء الأمور ومربّين الأُسَر .. كثيراً ما أتذكر بعض الاساتذة والدكاترة الذين يعتقد أن المحاضرة أو الحُصّة لا تكتمل إن لم يتحدث في شأنٍ سياسي أو لم يروّج لطائفية أو عنصرية - بقصدٍ أو بدون - ويعتبر أنه قصّر في واجب كان يجب عليه أن يستوفيه لكي يُتِمَّ الدرس !
لم تنعم عمان بالخير - ولا أنكر وجود القانون والدولة - إلّا عندما تخلّى الأستاذ والدكتور عن التفاصيل الهدامة التي يغذي بها عقول طلابه وينشئ عليها الأجيال وهم في غنى وكفاية عن الخوض فيها ،ولا أعتقد أن هنالك أستاذ ومربّي لأجيال يرضى أن تتلوث أفكار طلابه بملوثات السياسة - الدائرة في بلادنا - لأنه بحديثه لن يغيّر أبجديات وخوارزميات سياسة هذه البلاد بل لن يُضيف للطلاب سوى مزيداً من التباينات الغير مرغوبة في مثل تلك الصروح التعليمية.
إضافةً لحديث بعض أولياء الأمور عن التعصبات والعنصرية أمام "أطفال" ، ولو فكّر كلُّ واحدٍ مِنّا في مدى خطورة إقحام العقول غير اليانعة في معارك كهذه لسكتنا عن الحديث في السياسة والطائفية والعنصرية والمناطقية والقبلية أمام الأطفال مثلما نسكت أمامهم عن الحديث في أمور الجنس وغيرها.
خلاصة القول :-
- للمُعلِّمين الفضلاء :
" للسياسة مجالسها فلا تقحموا الطلاب الذين خرجوا من بيوتهم في البرد القارص طلباً للعلم النافع في تفاهات وأمور ليست لنا يدٌّ في تغيير مساراتها ، لا بأس بنشر الوعي وتصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة لكن لا داعي للسياسة البحتة ، وتذكّروا أن بين أيديكم أجيالاً إمّا أن توجهوها للمكتبة والجامعة وسلاحها القلم أو أن توجهوها للمعسكر والكتيبة وسلاحها آلة الموت .. فأيّما والله أنكم مُحاسبون مثلما أنكم مجازون وستسألون عن أجيالٍ أشحنتم هممهم إيجاباً أو سلباً "
- لأولياء الأمور:
" احرص أن تغذّي عقل ولدك بما ينفعه ويجعله فرداً صالحاً داخل المجتمع بما تتحدث أمامه ، فكلَّ ما تنطق به أمام أبنك سواءً من كلمات أو أفكار أو غيرها هي اللبنات الأساسية التي ستُبنى بها شخصيته وعقليته في المستقبل فإن إعتاد على سماع التحليلات للأحداث والكلام المكرر فلا تندم إن رأيته يوماً كذلك .. فإبنك هو خلاصة أفعال وأقوال إعتاد على رؤيتها منك وهي عقلية ناعمة طريّة سهلة مرنة تستطيع تشكيلها بما تقول وتفعل ( فأحرص على تشكيل عقلية ولدك بما ينفع ).
أخيراً :"الى الشباب"
" اذا لم تستطيع الجلوس في أماكن تزيد من مستوى وعيك وترفع من ثقافتك وتوسّع مداركك وترفع من مستواك العلمي فلا تقعد في الجانب الأيسر من المجتمع .. فأنت مسؤول عن عقلك وفكرك ونمط حياتك وتأكد أن حاضرك هو حصيلة ماضيك وأن مستقبلك حصيلة حاضرك .. فكن حيث تريد أن تكون مستقبلاً "
#عبدالله_الكوردي_بافقير
٣ - فبراير - ٢٠٢١م.