مقالات وآراء

الجمعة - 21 فبراير 2025 - الساعة 02:51 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ"د. قاسم الهارش"


في ظل أوضاع أمنية واقتصادية هشة تعيشها محافظة أبين على وجه الخصوص واليمن بشكل عام باتت المحافظة تواجه تحديا جديدا يتمثل في التدفق المتزايد للاجئين الأفارقة، خصوصا من قبائل الأورومو عبر سواحلها وسط غياب تام ومريب لدور السلطات المحلية والأمنية الأمر الذي يهدد الأمن والاستقرار ويفتح الباب أمام مخاطر أمنية وإنسانية غير مسبوقة.

في الفترة الأخيرة أنشئ مخيم جديد بالقرب من منطقة "أمساحلة" شرق مديرية شقرة لاستقبال اللاجئين الأفارقة دون أي إشراف حكومي أو متابعة من قبل السلطات المعنية. هذا المخيم وغيره من التجمعات المشابهة يعمل في الخفاء خارج نطاق الرقابة ويدار من قبل جهات مجهولة في مشهد يعكس الفوضى الأمنية التي باتت تعصف بالمحافظة.

الأدهى من ذلك أن تدفق اللاجئين يتم عبر عمليات تهريب منظمة يقودها مهربون أفارقة يستخدمون قوارب بحرية مستغلين ضعف الرقابة البحرية وغياب أي تدخل من القوات الدولية المنتشرة في المياه الإقليمية.


هذه القوات التي يفترض أن تراقب السواحل اليمنية وتحد من الأنشطة غير المشروعة تلتزم الصمت المريب ما يثير الشكوك حول تواطؤ دولي أو إقليمي في تسهيل هذه العمليات.

ورغم الانتشار الكثيف للنقاط العسكرية والأمنية في محافظة أبين خصوصا بعد الأحداث الأمنية المتلاحقة التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية فإن هذه القوات لم تحرك ساكنا أمام ظاهرة انتشار اللاجئين الأفارقة وإنشاء مخيمات بشكل غير قانوني.

هل نحن أمام حالة من التواطؤ بين بعض الجهات الأمنية والمهربين؟ أم أن هناك مصالح خاصة تتداخل مع هذه الأنشطة تجعل بعض القيادات تغض الطرف عنها؟ أم أن ضعف الدولة في المحافظة وانشغالها بصراعات داخلية جعل الأمن في أبين في حالة موت سريري؟ أيا كانت الإجابة فإن النتيجة واحدة استمرار تدفق اللاجئين الأفارقة وانتشار المخيمات خارج سيطرة الدولة وهو ما يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي ويفتح الباب أمام استغلال هذه التجمعات من قبل جماعات إرهابية أو شبكات تهريب السلاح والمخدرات بل وربما استدراج المحافظة إلى مستنقع جديد من الفوضى.

أن غياب السلطة المحلية في أبين ممثلة بمحافظها وقياداتها التنفيذية لم تتحمل مسؤولياتها في التعامل مع هذه الظاهرة. رغم المناشدات الشعبية والتحذيرات المتكررة من أبناء المحافظة إلا أن هذه السلطة فضلت تجاهل الأصوات المطالبة بالتحرك وكأن الأمر لا يعنيها.

إن بقاء هذه المخيمات دون تنظيم وترك اللاجئين الأفارقة يتجولون بحرية دون أي توثيق رسمي أو رقابة صحية ينذر بكارثة صحية وأمنية. فمن يضمن أن هذه المخيمات لن تتحول إلى بؤر لنقل الأمراض المعدية؟ ومن يضمن ألا تصبح مرتعا لعناصر إرهابية فارة تستغل ضعف الرقابة لتخطط لعمليات إرهابية تضرب المحافظة أو المحافظات المجاورة؟

إن ما يحدث اليوم في محافظة أبين لا يمكن اعتباره مجرد قصور إداري بل هو تآكل حقيقي لهيبة الدولة وتهديد صارخ للأمن القومي هذا الوضع لم يعد يحتمل الصمت أو التسويف أبناء أبين لن يقبلوا أن تتحول محافظتهم إلى محطة لاستقبال اللاجئين والمهربين أو ساحة مفتوحة لتحركات مشبوهة تستهدف حاضرهم ومستقبلهم.

فإن إغلاق جميع المخيمات غير القانونية ووضع اللاجئين تحت إشراف حكومي صارم مع توثيق بياناتهم وإخضاعهم للفحص الأمني والصحى وإرسال دوريات أمنية لتأمين السواحل ووقف عمليات التهريب التي تتم تحت أنظار الجميع ومع فتح تحقيق شفاف لكشف الجهات المتورطة في تسهيل دخول اللاجئين سواء من الجانب الأمني أو عبر التواطؤ مع المهربين.

يجب التنسيق مع الجهات الدولية لضمان أن أي أنشطة تتعلق باللاجئين تتم وفق القانون وبما يحفظ السيادة الوطنية. إن ما يحدث في أبين ليس مجرد أزمة عابرة بل هو ناقوس خطر يقرع بقوة.

أن أي تراخي في التعامل مع هذه القضية سيؤدي إلى نتائج كارثية لن تقتصر على المحافظة وحدها بل ستمتد إلى بقية المحافظات الجنوبية بل وربما إلى عموم البلاد.

أبناء أبين لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيواصلون رفع أصواتهم حتى تتحمل السلطات مسؤولياتها.

فالوطن فوق المصالح وأمن أبين خط أحمر، فهل تستيقظ السلطة من سباتها العميق قبل فوات الاوان؟!!!