أخبار محلية

الخميس - 27 مارس 2025 - الساعة 08:12 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / خاص



قال الكاتب محمد حيدرة في مقال له: "خلال فترة الحرب، تعرضت مدينة عدن لحصار خانق من قبل المليشيات الحوثية التي شنت هجمات متواصلة على المدينة ومرافقها الحيوية. هذا الحصار الذي شمل قطع الإمدادات الغذائية والإنسانية شكل تحديات كبيرة لسكان المحافظة، مما أدى إلى موجة ضخمة من النزوح الداخلي تهجير مئات الآلاف من الأسر من مناطق عدة في عدن مثل التواهي وكريتر والمعلا والقلوعة وخورمكسر والعريش إلى مناطق أكثر أمانًا مثل المنصورة والشعب والشيخ عثمان وإنماء والتقنية والبريقة وصلاح الدين.

برز دور ميناء عدن في هذه الأزمة، حيث تم تشكيل فريق من موظفي الميناء لإدارة الأزمة بقيادة الدكتور محمد علوي أمزربة، رئيس مجلس إدارة ميناء عدن. تم تجهيز القاطرات البحرية وزوارق الإرشاد، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف والمطافي، وإيصال الوقود المخزون في الدائرة الفنية إلى مستشفى باصهيب الذي كان يستقبل الجرحى والتخفيف عن سكان المديريات المحاصرة، إضافة إلى إدخال المواد الغذائية بشكل يومي. قامت الفرق بتوصيل المواد الغذائية ومتطلبات الحياة اليومية، وكان سكان مديريات عدن مثل (كريتر والمعلا والقلوعة والتواهي) يتوجهون صباحًا إلى الدائرة البحرية للصعود على زوارق الإرشاد والقواطر البحرية للذهاب إلى منطقة البريقة (ميناء الزيت) لشراء المواد الغذائية والغاز المنزلي، ومن ثم العودة إلى نقطة التحرك.

مع اشتداد المعارك، لم يتوقف عمل الميناء، بل قام باستيعاب تدفق النازحين من مختلف المديريات المجاورة. أصبح الميناء نقطة وصل حيوية بين مديريات عدن المحاصرة مثل (كريتر والمعلا والقلوعة والتواهي)، وبعد سقوط كريتر والمعلا والقلوعة، كانت لحظة فارقة في تاريخ عدن، لحظة قادها الشهيد علي ناصر هادي، رحمه الله، مع قائد مقاومة التواهي أنيس العولي وأبطال المقاومة الذين خاضوا المعركة التي أسفرت عن تأمين مديرية التواهي، واستمر هؤلاء الأبطال في المقاومة حتى إجلاء ما تبقى من النازحين.

سقطت مديرية التواهي واستشهد خلالها الشهيد علي ناصر هادي، وتم نقل أغلب سكان هذه المديريات بواسطة القاطرات البحرية وزوارق الإرشاد التابعة لميناء عدن إلى ميناء الزيت البريقة، ومن ثم إلى المديريات الأكثر أمانًا مثل البريقة والمنصورة وإنماء والشعب وغيرها من المناطق التي لم تسقط بيد المليشيات. بعد إجلاء النازحين، لم يتوقف عمل الميناء بل استمر في استقبال سفن الإغاثة الإنسانية والمساعدات التي كانت في أمس الحاجة إليها سكان عدن والمناطق المجاورة لها. من خلال التنسيق مع السلطات والمنظمات الإنسانية، تمكن الميناء من تفريغ السفن المحملة بالأدوية والمواد الغذائية ومتطلبات الحياة. كما قام الميناء بتسهيل وصول المساعدات الطبية عبر تنظيم عمليات الشحن والتوزيع بسرعة لضمان وصول الأدوية والمعدات الطبية إلى المستشفيات والمراكز الصحية في المدينة.

في يوم التحرير، وهو الـ27 من رمضان 1436هـ (2015م)، انطلقت معركة تحرير العاصمة عدن تحت اسم "معركة السهم الذهبي" بدعم وغطاء جوي من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تحت إشراف الرئيس عبدربه منصور هادي. قاد المعركة العديد من القادة العسكريين البارزين، منهم الشهيد اللواء جعفر محمد سعد، واللواء عبدالله الصبيحي، واللواء سيف محمد صالح، رحمهم الله، وغيرهم من الأبطال الذين سطروا ملاحم الشجاعة والبطولة في مواجهة التحديات. كما لعبت المقاومة الجنوبية دورًا محوريًا في المعركة، حيث خاض أبطال المقاومة معارك شرسة في مختلف أحياء المدينة، وبذلوا تضحيات كبيرة لتحقيق النصر. أسفرت هذه المعركة عن استعادة المدينة وإعلان تحريرها في 17 يوليو 2015. في يومها، توجهت برفقة الدكتور محمد أمزربة إلى رصيف ميناء المعلا لاستقبال باخرة "درب الخير" المقدمة من المملكة العربية السعودية، وكانت أول باخرة تدخل الميناء بعد التحرير، تحمل على متنها 3540 طنًا من المواد الغذائية. في ذلك اليوم، حينما صعدنا على متن الباخرة، تفاجأنا بقصف صواريخ نوع "كاتيوشا" انطلقت من خارج عدن. سقطت القذيفة الأولى في المطار، والثانية بالقرب من القاطرة البحرية التي كان يقودها عمال الميناء، والثالثة سقطت بجانب السفينة التي كنا عليها. نحمد الله أننا نجونا من هذا القصف، وبعد ساعات، وجه الدكتور محمد أمزربة العمل على تفريغ السفينة وإخراج المساعدات من الميناء.

أخيرًا، شكرًا لكل من ساهم في صمود ميناء عدن خلال الحصار والحرب، من قيادته ممثلة برئيسها وربانها الدكتور محمد علوي أمزربة والعاملين فيه. شكراً لكل الجهات التي دعمت جهود الإغاثة والإنقاذ. كما نترحم على أرواح الشهداء الأبطال الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الدفاع عن عدن وأهلها، وستظل تضحياتهم خالدة في ذاكرة الوطن."