مقالات وآراء

الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - الساعة 04:20 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_عمر محمد العمودي

اضطررت للخروج في عز الظهيرة، والخروج بهذا التوقيت صيفًا بمثابة إهانة علنية لنفسك.

مشيت هنا وهناك، حتى كدت أستوي فحمًا.. إلى أن وصلت جولة السفينة، حيث لا سفينة، ولا ظل، ولا ذرّة حياء من شمس تتقي الله
لا شجرة، لا عمود كهرباء شريف، ولا جدار آيل للسقوط، لا شيء أستظل تحته سوى مبنى البنك..
بدا لي ظلّه كأنه نجاة، وبمثابة جنّة. فاقتربت منه خلسة، صعدت الدرج نحو أبعد زاوية عن البوابة المغلقة، جلست على بعد عشرات الأمتار منها، حتى لا يفهم أنني أخطط للسطو..
كنت هناك، في أبعد نقطة ممكنة، لا أطمع بقرض، ولا حوالة، ولا كشف حساب.. كل ما أرتجيه هو الظل، الظل فقط..
حتى حين انفتح الباب لثوان وخرجت منه حزم الأموال لم تغرني.. لم أشعر بأي صلة بها. كل ما أغراني كان هذا الظل، فقط هذا الظل

لكن قبل أن أتنفّس؛ صرخ الحراس "ممنوع"
التفت إليهم، وأنا أفهم تمامًا الأوامر التي يسعون للالتزام بها..
ثم رأيته خلفهم، الكلب. نعم كان كلبًا.. ممددّا تحت الظل ذاته، لا يملك حسابًا مصرفيًا، ولا رقمًا وطنيًا، ولا حتى وجهًا قابلًا للتفاوض.. لا يتميّز عنّي في شيء. كان مثلي تمامًا، ويتمدد بنفس الوقاحة التي جئت أنا بها.
كنت دنيئًا بما يكفي لأكسب القليل من الوقت، حين قلت لهم "طيب والكلب؟!"
لم تكن نيتي أن يطردوه، إنما أن يعتبروني مثله.. فأنا أيضًا كنت ألهث من الحرّ ومن الربو أكثر من مئة كلب
لكنهم أجابوا معًا وبلا تردد "الكلب عادي".. وكان لهم ما أرادوا..

لطالما حسدت الكلاب في البلدان البعيدة، تلك الكلاب التي تملك جوازات سفر، وتزور الأطباء، ولديها ثروات، وتأكل وجبات عضوية، والكهرباء عندهم لا تنطفئ..
لكنني أبدًا لم أتوقع أن أحسد كلبًا في عدن..!

ويبدو أن الكلاب وحدها في هذه البلاد تنعم بالامتيازات.. الكلاب وحدها