الوطن العدنية/علي البخيتي
السؤال الآن هو: كيف ستنفذ السعودية والشرعية برئاسة الدكتور رشاد العليمي ما أصدروه من قرارات؟ هل ستقوم قوات درع الوطن بمواجهة قوات المجلس الانتقالي؟
فإذا لم تُنفذ القرارت على الأرض سريعًا سيترسخ الواقع الذي فرضه الانتقالي أكثر بغض النظر عن مدى شرعية وقانونية خطواته، ولا أتوقع أن تقبل السعودية هزيمة عسكرية لها في حضرموت والمهرة.
لا أعتقد أن تتواجه قوات درع الوطن مع قوات الانتقالي، ذلك سيؤدي إلى انقسام داخل قوات درع الوطن نفسها لأن ولائها مشتت بين الانتقالي وبين السعودية، وإذا دُفعت لمواجهة الانتقالي فستنفجر الأوضاع داخل هذه الوحدات وتتقاتل فيما بينها، وستكون الغلبة للموالين للانتقالي داخلها لأنهم يملكون قضية محلية بعكس الموالين للسعودية، ولهذا فخيار حيادها هو الأكثر صوابًا.
وما أتوقعه أن تؤدي الضربات السعودية إلى أن يقوم المجلس الانتقالي مستغلًا تفوقه العسكري الكبير على خصومه من الجنوبين -وحياد قوات درع الوطن المتوقع- بحسم الأمور على الأرض وفرض الأمر الواقع على ما تبقى من مناطق وإدارات لا تزال خارج سيطرته في حضرموت والمهرة وطرد المحافظ الخنبشي وكل من يعلن ولاءه للشرعية في الرياض.
ولن يكون أمام المملكة إلا الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة ومفتوحة مع الانتقالي مستفيدة من كونها مسنودة بدعم الشرعية اليمنية وبقرارات مجلس الأمن، ولن تتمكن الإمارات من التدخل المباشر مع الانتقالي لأنها تفقد الشرعية القانوية لذلك، وسيقتصر دعمها على تهريب السلاح له، لكن الطيران السعودي هذه المرة سيستهدفه قبل الوصول للموانئ.
كذلك ولأن الضربات الجوية لوحدها لا تغير الواقع الجيوسياسي على الأرض الذي فرضه المجلس الانتقالي من المحتمل أن تزج السعودية والشرعية بوحدات شمالية لمواجهة الانتقالي وتحرير حضرموت والمهرة من سيطرته مسنودين بغطاء جوي سعودي كثيف سيحسم المعركة سريعًا، لكن هذا الخيار قد يدفع الطيران الإماراتي لدخول المعركة لقصف القوات الشمالية كما حدث قبل ذلك في عدن عندما حاولت قوات شمالية مناصرة الرئيس هادي في معركة قصر معاشيق، وهذا قد يدفع لمواجهة خطرة بين الطائرات السعودية والإماراتية في الأجواء اليمنية، أو أن تتقبل السعودية هزيمتها على الأرض وتتفادى مواجهة الطائرات الإماراتية.
ستحتاج الإمارات قبل تنفيذ غاراتها إلى استخدام الشرعية اليمنية كذلك، بأن تدفع عيدروس الزبيدي وأبو زرعة المحرمي والبحسني "أعضاء مجلس القيادة الرئاسي" إلى الزعم أنهم الشرعية اليمنية ويصدروا قرارات تحت مسمى الجمهورية اليمنية، وعندها سنكون أمام مفارقة مضحكة مبكية، إذ سيحتاجون إلى رفع أعلام الجمهورية اليمنية واستخدام إسمها، ليتنازعوا مع السعودية على من يمتلك الشرعية.
لا أريد الحديث عن موقف طارق صالح الذي لا يحسد عليه، لكن أفضل أن تمنحه الإمارات فرصة الحياد، لأنها الحالة الوحيدة الكفيلة بنجاته وقواته، فأي حشر لطارق في مواجهة مع السعودية سيكون نهايته مع دويلة المخا التي أسسها، ولا نريد كلنا ذلك، لاحتياجنا له ولقواته في المعركة الكبرى وهي تحرير صنعاء.
والاحتمال الأرجح أن تكون هناك وساطة أمريكية غربية بين الإمارات والسعودية يكون البند الأساسي فيها انسحاب الانتقالي من المهرة وحضرموت، مع أن الانتقالي سيقاوم ذلك بشدة لأن انسحابه من المحافظتين يعني عمليًا تقسيم الجنوب وتأسيس كيان سياسي جديد، وكما قلت في مقالة سابقة لا فائدة للانتقالي من إعلان دولة بدون خزان النفط والثروات في حضرموت.
والأخطر من ذلك أن محافظة شبوة وأبناءها سيفضلون أن يكونوا ضمن دولة حضرموت والمهرة على أن يُحكموا من الضالع ويافع وردفان، وقد يكون ذلك خيار أبناء محافظة أبين الذين خرجوا من المعادلة بعد إزاحة هادي من السلطة، وهم بانتظار من يوظفهم مجددًا ويمدهم بالسلاح.
التاريخ سيجر نفسه، وتعود أحداث 13 يناير 1986 في عدن لتلقى بضلالها على الجنوب مجددًا، مع تغيرات جديدة.
وختامًا، موقف عبدالملك الحو..ثي وجماعته هو التربص حتى ينهك الصراع الطرفين وسيكون هدفهم الأول هو قوات طارق في الساحل وبعدها ما تبقى من مأرب وتعز، ليفرضوا سيطرة شاملة على الشمال، وينتظروا لفترة لحين انجلاء الأمر أكثر، وإذا سنحت لهم الفرصة سيغزوا الجنوب من جديد، مع أن طموحاتهم الحالية هي السيطرة على الشمال فقط، جغرافيا حكم الإمامة الزيدية تاريخيًا.
وهنا المعضلة، تحريك قوات من مأرب وتعز لمواجهة الانتقالي سيعرض تلك المناطق لخطر السقوط تحت سيطرة دويلة صعدة التي تحكم صنعاء حاليًا، وعدم تحريك تلك القوات لمواجهة الانتقالي يعني أن السعودية تحتاج لتحريك قواتها البرية للسيطرة على حضرموت والمهرة ما لم ستخرج من المعركة مهزومة وبشكل مذل، فالقصف الجوي لا يحسم المعارك أبدًا، والدخول في مواجهات برية مع قوات المجلس الانتقالي خيار صعب للسعودية مع أنها ستحسم المعركة سريعًا إذا ما دخلت بكل ثقلها.
أشعر بالحزن لما وصلت له الأوضاع، وحذرت مرارًا من أن الصراع بين الأشقاء في السعودية والإمارات وتعارض مشاريعهم وطريقة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي سيؤدي إلى ما نحن فيه اليوم وسيخدم الحو..ثيين ويضعف معركتنا معه، ومع ذلك قد تؤدي الأحداث الأخيرة إلى تصويب الأوضاع وتوجيه البوصلة من جديد تجاه صنعاء، فلن توحدنا جميعًا إلا معركة تحريرها، السعودية والإمارات والانتقالي والشرعية والمخا ومأرب وتعز وكل اليمنيين، هذا هو خيارنا الوحيد للنجاة.