علوم وتقنية

الثلاثاء - 04 يونيو 2024 - الساعة 09:43 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات

كشفت أبحاث علم الأعصاب الحديثة عن التأثير الدائم للفقر على قدرات معالجة اللغة في الدماغ عند الأطفال.

وأظهرت دراسة نشرها موقع "psypost"، أن الأفراد الذين عانوا من الفقر خلال سنواتهم الأولى يُظهرون أنماطًا متميزة من النشاط العصبي في المهام اللغوية، حتى لو كان أداؤهم جيدًا أكاديميًا.

وتسلّط هذه النتائج الضوء على العواقب طويلة المدى للظروف الاجتماعية والاقتصادية على وظائف المخ، مما يشير إلى أن الإجهاد المزمن المرتبط بالفقر قد يغير المسارات العصبية المرتبطة بمعالجة اللغة.

تصوير الدماغ

هدفت الدراسة إلى سد الفجوة في الفهم من خلال التحقيق في الارتباطات العصبية لمعالجة اللغة بين البالغين الذين نشأوا في الفقر.

وأوضحت الباحثة سوزان بيركنز، من معهد البحوث الاجتماعية في جامعة ميشيغان، أن دافعها ينبع من تجربتها كمعلمة للتعليم الخاص، حيث شهدت النضال الأكاديمي للطلبة الذين أتوا من خلفيات عالية التحديات.

واعتمدت الدراسة على مشروع بحثي أكبر يراقب نمو الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة، إذ تم اختيار المشاركين من عائلات تحت خط الفقر في الولايات المتحدة، وعائلات متوسطة الدخل.

وتابعت الدراسة هؤلاء الأفراد من سن 9 إلى 24 عامًا، مع طفل واحد ووالد واحد من كل عائلة.

وفي سن 24 عامًا، خضعت مجموعة فرعية مكونة من 54 مشاركًا، تضم 24 فردًا من مجموعة الفقر و27 فردًا من مجموعة الدخل المتوسط، لدراسات تصوير الدماغ في جامعة ميشيغان.

وتم استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لمراقبة نشاط الدماغ أثناء أداء مهام معالجة اللغة المختلفة، بما في ذلك فك التشفير الصوتي، والتعرف على القراءة، والفهم القرائي، وتقييمات المفردات الاستقبالية، والمهمات المتعلقة بالحدث التي تتضمن معالجة الكلمات المطبوعة والمنطوقة.

وأثبتت الأبحاث السابقة أن الأطفال من خلفيات منخفضة الدخل غالبًا ما يُظهرون عجزًا في المهارات اللغوية، مثل المفردات، والقواعد، والقراءة، ويمكن أن تؤثر أوجه القصور هذه بشكل كبير على النجاح الأكاديمي والمهني في وقت لاحق من الحياة.

أما الدراسة الحديثة، فقد كشفت أنه على الرغم من أن كلا المجموعتين من المشاركين كان أداؤهما ضمن النطاق المتوسط في اختبارات اللغة السلوكية، إلا أن مجموعة الفقر سجلت باستمرار درجات أقل في فك التشفير الصوتي، ومهام التعرف على القراءة.

ويشير هذا إلى أن الفقر في مرحلة الطفولة المبكرة له آثار دائمة على مهارات لغوية محددة، على الرغم من أن الأداء اللغوي العام يبدو متوسطًا.

كما أشارت نتائج تصوير الدماغ إلى أن المشاركين من خلفيات متوسطة الدخل أظهروا نشاطًا أكبر في المناطق المرتبطة بمعالجة اللغة، مثل: التلفيف الجبهي السفلي الأيسر، ومنطقة بروكا، ومنطقة فيرنيك.

وتلعب هذه المناطق أدوارًا حيوية في مهام مثل فك التشفير الصوتي، وفهم القراءة، مما يشير إلى أن الأفراد ذوي الدخل المتوسط يستخدمون المسارات العصبية القياسية لمعالجة اللغة.

في المقابل، أظهر المشاركون الذين نشأوا في الفقر نشاطًا أقل في مناطق اللغة التقليدية هذه، لكنهم أظهروا نشاطًا متزايدًا في المناطق التعويضية، مثل التلفيف الجبهي السفلي الأيمن، ومنطقة شكل الكلمة البصرية.

ويشير هذا إلى أن الأفراد من مجموعة الفقر اعتمدوا على مسارات عصبية بديلة لتحقيق مستويات أداء لغوية مماثلة لنظرائهم من ذوي الدخل المتوسط، مما يعكس مرونة الدماغ في الاستجابة للتحديات البيئية المبكرة.

التكيفات العصبية

وأكدت الدراسة أيضًا على أهمية التحصيل العلمي في التخفيف من تأثير فقر الطفولة على معالجة اللغة، ففي حين أن الدخل الحالي لم يؤثر بشكل كبير على الأداء اللغوي، إلا أن التحصيل التعليمي العالي ارتبط بأداء لغوي أفضل.

ويشير هذا إلى أن التعليم المستمر يمكن أن يساعد في مواجهة بعض الآثار السلبية للفقر المبكر، مما يوفر طريقًا لتحسين المهارات اللغوية والتنمية المعرفية.

وتسلط النتائج الضوء على التأثير الكبير للظروف الاجتماعية والاقتصادية المبكرة على نمو الدماغ، حيث تُظهر التكيفات العصبية المرصودة في مجموعة الفقر قدرة الدماغ على التعويض عن الآثار الضارة لفقر الطفولة، مما يمكّن الأفراد من أداء المهام اللغوية بشكل مناسب على الرغم من الاختلافات الأساسية في النشاط العصبي.

ويمكن للمساعي البحثية المستقبلية استكشاف مساهمات الجوانب المختلفة للفقر، مثل الإجهاد، والتغذية، وفرص التعليم، في التغيرات في وظائف المخ. بالإضافة إلى ذلك، فإن تضمين عينة أكثر تنوعًا من شأنه أن يساعد في التأكد من عالمية هذه النتائج عبر المجموعات السكانية المختلفة.