الوطن/كتب/عبدالرحمن الشيباني
الحرب وويلاتها تطُِمر الأحلام وتختزل في الذاكرة الجمعية صور شتي من البؤس والحرمان ،تقتل أشياء جميلة في ذواتنا ، تظل الفواجع متلاحقة كامواج البحر الهادر تبتلع الغد المنتُظر ، انها لا تفعل بنا إلا بما يجنيه البعض منا في حق نفسة وحق الجميع، ثم نأتي لنخفف من وطأة الموت المحدق لماذا لا نمنع الحرب منذ.البدايه ؟، بواعث الأمل هنا قد تكون مفيدة في التخفيف عن الأوجاع المسترسله ، أليست القصيدة احداها والموسيقى والرقص واللوحة ايضاً ، أنها نوع من المقاومة لكن بشكل مختلف'',في تلطيف الجو المشحون بروائح البارود وازيز الرصاص
هناك إختلاف بين الريشة والبندقية كلاهما يطلقان في القلب موتاً وألماً وحياة، دفاعاً وانتهاكاً، ألواناً نارية ولهيب حرب على لوحة فنان أو في جبهة قتال هكذا يقول احدهم ويظيف آخر اكثر من ذلك..فيقول الأديب والشاعرعبدالرقيب الوصابي في هذا الصدد أن للفنون الأصيلة والإبداع الحقيقي بمختلف التجنيس والاتجاهات، أثر حقيقي وبصمة لا تمحى في توجيه دفة الحياة إلى بر الأمان، والارتقاء بحال الإنسان إلى أرقى مستوى يليق به، ولهذه الفنون والكتابات الإبداع توجه تطلعي يحسب له الساسة ألف حساب، وعلى ضوئه يتم صياغة القرارات والسياسات الكبرى، طبعا أتحدث - هنا - عما ينبغي عليه أن تكون الفنون والإبداع، أو على اعتبار ما كانت عليه هذه الفنون والإبداع في الزمن الأصيل، حين كان للكلمة والمعنى قداستهما في تشكيل وجدان الإنسان وفي تجميل وجه الحياة ،ويؤكد" الوصابي" بالقول لقد اسُتخدم العديد من الفنانين والأدباء من الفن الخالد وإبداعهم الأصيل في معارضتهم ومناوأتهم للحرب، واتخاذ مواقف حقيقية للوقوف في وجه الحرب وإدانة سماسرتها، عبر التعبير عن المعاناة الإنسانية التي تسببها الحروب، كما ساعدت والفنون والإبداع الحر في توثيق ذاكرة الحرب والحفاظ عليها، رغبة في منع تكرار حصول هذه المآسي مستقبلا .
(الموسيقي ظاهرة انسانية ' خلاقه ومتلازمة اساسية بين الانسان والفن من اجل الحياة )
إدانة للحرب
يتجلى أهمية الفن والإبداع الأصيل حين نعلم أن مجموعة من الفنانين والأدباء كانت لهم بصماتهم في إخماد الحرب العالمية الثانية على شاكلة " بابلو بيكاسو " ولوحته " غويرنيكا " التي أدانت بوضوح الحرب والعنف، أو الفنان الألماني " جون هارتفيلد " الذي انتقد النازية انتقادا لاذعا باستخدامه للفن وانتصاره للحياة، وقريب من ذلك صنيع المخرج السينمائي الروسي " دييغا فيرتوف " الذي استخدم أفلامه لإدانة الحرب وتأثيراتها على الشعب السوفيتي ويشير الأستاذ الوصابي الي
"إن الإبداع الأصيل والفن الحر الخالد يقدس الحياة، ويمجد العمران، وينشد بناء الحضارات، ولكنه قبل هذا وبعده يصب جل اهتمامه للاعتناء بالإنسان باعتباره أساس التنمية والهدف المرجو من وراء استدامة الحياة .
تلازمية أزلية
يعتبر الفنان والموسيقار جابر علي احمد ان "الفن والموسيقي ظاهرة انسانية ' وهما متلازمة اساسية بين الانسان والفن واشار احمد "أن هذا ما يميز فن الموسيقى عن باقي الفنون ومن هنا تأتي حقيقة التلازمية بين الانسان والموسيقى, وهي تلازمية شدت اليها الفلاسفة منذ بداية نشأة الفلسفة ويظيف الأخير" كان لابد ان تصبح الموسيقى موضوعا للبحث والتأمل.
وبالعودة الى موضوع السوال دعني اثبت هذه الملاحظة, الا وهي ان ظاهرة الموسيقى باعتبارها ظاهرة ملازمة للانسان تتمظهر احيانا كحصان طروادة. وقد فطنت لذلك النخب المستعلية لتكرس فوقيتها الاجتماعية وعلى نحو تبدو فيه احيانا وكأنها تناقض نفسها. وهذا ما يلاحظ في مواقف انظمة الاستبداد العربية .اذ تبدو احيانا وكأنها ضد الموسيقى لغرض في نفس يعقوب، واحيانا تكون مع الموسيقى لذات الغرض.
الفعل الموسيقي.
(الأدب جل اهتمامه الاعتناء بالإنسان رافضا للحرب ويمنع تكرارها مستقبلاً)
علاقة الموسيقى بالحروب فمن الواضح تاريخيا ان لكل جيش محارب موسيقاه التي يستعين بها في رفع شدة بأسه ضد عدوه. هذا ما يتعلق بالحروب الشاملة ،على ان ثمة حروب اخرى تكون اطرافها متداخلة وطنيا واجتماعيا كالحروب الاهلية الشاملة او المحدودة كالحروب القبلية.،في هذه الحالة يكون لكل طرف محارب اسلحته الموسيقية التي يشد بها ازر جماعته او قبيلته، وفي هذه الحالة غالبا ماتكون التعبيرات الموسيقية شديدة الارتباط بالجماعة المعبر عنها. ويشددجابر " علي ان في مثل هذه الحالة لا توجد موسيقى خارج احتياجات القبيلة او الجماعة التي في حالة حرب مع طرف اخر فنوع الحرب هي التي تحدد غايات الفعل الموسيقي وادواته. ويضرب مثلا علي ذلك بقوله "الفنان المصري سيد درويش اكتسب قيمته الفنية من كونه فنانا سخر موهبته الموسيقية لقضايا الشعب المصري في صراعه ضد المستعمر البريطاني ، اما في الصراعات الاجتماعية فغالبا ما يتخذ الفنانون مواقف تبدو محايدة. واذا شذ فنان عن هذه القاعدة فغالبا ماتكون عواقبه وخيمة ' وخاصة في انظمة الاستبداد حيث لاصوت يعلو فوق صوت الحاكم!
نقطة فاصلة
الإعلامي خالد المنيفي يرى بأن اندلاع اي حرب يعني أن أطرافها في غالب الأوقات قد وصلوا لنقطة، قرروا عندها استخدام لغة البارود والتخلي عن لغة العقل والتروي ويشير المنيفي الي" أن مع اندلاع الحروب يعمد كل طرف إلى محاولة إثبات عدالة أهدافه، مع أن الحروب غالبا وليس دائما لا تحمل في طياتها عدالة من أي نوع ،وإنما هي تكريس لأطماع الساسة باستخدام الشعارات البراقة والكاذبة ،عدا الحروب التي تمثل دفاعا عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي ،فالدفاع عن الوطن وسيادته شرف عظيم ،أما الحروب والمعارك الداخلية بين أبناء البلد الواحد فأمرها مختلف، وهذا النوع من الحروب يؤدي بالإضافة للدمار والقتل إلى حدوث استقطابات كبيرة من كل طرف للجماهير ،لتردد شعاراته وتقف في صفه ،فينجذب الكثيرون وراء الأطراف المتصارعة من دون وعي ما يولد تهشيما كبيرا لبنية الوطن الواحد جراء الفرقة ما بين أبنائه. .
(الاديب والفنان يحملون رسالة عظيمة من أجل وطن ينعم فيه الجميع بالسلام)
لغة هادئه
هنا يأتي دور المثقف والاعلامي والأديب لجسر الهوة ما بين أطراف الصراع اولا ، ثم التوجه إلى الجماهير برسائل التوعية التي تتضمن انتماء الجميع لأرض واحدة وحملهم ثقافة مشتركة يفترض ان تجمعهم لا أن تفرقهم أحقاد السياسة واطماع الساسة ،عبر استخدام لغة هادئة واعية ومتزنة تطفئ نيران الخطاب الشعبوي المتجهم والذي يريد إسكات الصوت الآخر تماما لا الحوار معه بغية الوصول إلى نقاط مشتركة لبناء وطن يتسع للجميع ،ويختتم المنيفي حديثة بدعوته بتشجيع لغة الحوار وتشجيع والتسامح وويصفها برسائل سلمية يظطلع بها الإعلاميين والمثقفين والفنانين للوصول إلى النتيجة المرجوة من أجل وطن ينعم فيه الجميع بالسلام والعدالة والمساواة. عبدالرحمن الشيباني