عربية وعالمية

السبت - 16 فبراير 2019 - الساعة 11:56 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / متابعات

في الوقت الذي تترقب فيه باكستان في 16 فبراير/شباط الحالي زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العاصمة إسلام آباد، والتي تستغرق يومين، لعقد عدد من الاتفاقيات الاقتصادية بقيمة 20 مليار دولار، يجدر تسليط الضوء على تاريخ العلاقة بين البلدين.

"علاقة استراتيجية"

يرتبط البلدان بعلاقات استراتيجية قوية، فهما يتعاونان على المستوى الدولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي، والسعودية هي أكبر مصدر للنفط لباكستان، كما أن السعودية سوق رئيسي للمنتجات الباكستانية، وهي تستضيف 1.9 مليون باكستاني يعملون بها.

والسعودية هي المصدر الرئيسي لتحويلات الباكستانيين في الخارج من العملة الصعبة والتي تقدر بنحو 4.5 مليار دولار سنويا، كما تحتفظ باكستان، وهي صاحبة أحد أقوى الجيوش في العالم والدولة النووية المسلمة الوحيدة، بعلاقات تعاون وثيقة مع الرياض.

في اليوم الوطني السعودي في 23 سبتمبر/أيلول الماضي قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان:" لقد دأبت السعودية على الوقوف مع باكستان في الأوقات الصعبة والشعب الباكستاني يعترف بذلك".

محمد بن سلمان في "زيارة باذخة" إلى باكستان

وكانت أول زيارة رسمية لخان عقب أدائه اليمين الدستورية إلى السعودية حيث رافقه وزير خارجيته شاه محمد قريشي ووزير المالية أسد عمر ومجموعة من الوزراء وأشارت تقارير إلى أن اختيار خان للسعودية لتكون محطته الأولى كانت بهدف الحصول على قرض.

وكان خان قد قال في أول خطاب له كرئيس حكومة: "لم نواجه قط في تاريخ باكستان مثل هذا الموقف الصعب حيث وصل معدل العجز إلى 6.6 فسي المئة من الناتج المحلي للسنة المالية 2017-2018".

ومن هذا المنطلق كان توجه اسلام آباد للرياض متوقعا، وكانت السعودية قد أقرضت باكستان 1.5 مليار دولار في عام 2014.

مصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionأرشيف: زيارة رئيس وزراء باكستان عمران خان إلى السعودية ولقائه بالملك سلمان بن عبد العزيز في سبتمبر/أيلول 2018

وخلال الزيارة التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي وجه خان دعوة مباشرة للمملكة لتصبح الشريك الثالث لبلاده في المشروع الاقتصادي الذي دشنته بشراكة صينية في إطار المبادرة الاقتصادية الصينية لدول الحزام والجوار لتأسيس ممر تجاري.

ويعبر قرار باكستان توجيه الدعوة للسعودية لتكون أول شريك في المشروع بعد الصين عن رغبتها في استقطاب استثمارات كبرى من المملكة وهو ما عبر عنه وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري عندما أعرب عن توقعه أن تضخ السعودية مبالغ ضخمة للاستثمار في مشروعات كبرى في بلاده.

ومن المهم أيضا الإشارة إلى أنه يعيش ويعمل بالسعودية حاليا 1.9 مليون باكستاني. وتعد السعودية والإمارات على رأس قائمة سوق العمل للباكستانيين في الخارج وبالتالي فهما مصدر أساسي لتحويلات العملة الأجنبية للخزانة الباكستانية.

على الصعيد التجاري تستورد باكستان من السعودية النفط الخام ومشتقاته وفي المقابل تصدر للمملكة الأرز والنسيج والكيماويات والمنتجات الجلدية والأحذية والسلاح (المتوسط والصغير) ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.5 مليار دولار.

وفي يناير/كانون ثاني 2018 تعهدت السعودية وباكستان بتعزيز علاقتهما الاقتصادية باتفاقية تجارية تفضيلية تتماشى مع رؤية ولي العهد السعودي 2030.

كما أن هناك الروابط الدينية بين الدولتين فكلتاهما عضو في منظمة المؤتمر التعاون الإسلامي، وحكم رئيس الوزراء السابق نواز شريف ارتبط الأخير بعلاقات وثيقة بالعائلة المالكة السعودية.

وكان السعوديون كرماء للغاية عندما تعلق الأمر بالمساعدات لباكستان. فعلى سبيل المثال عندما ضرب زلزال مدمر إقليم بلوشيستان عام 2005 قدمت السعودية لباكستان 10 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية وعندما اجتاحت السيول باكستان في عامي 2010 و2011 منحت السعودية لباكستان 170 مليون دولار لعمليات الإغاثة وإعادة الإعمار.

النوويمصدر الصورةCBSImage captionبن سلمان أكد استعداد بلاده للحصول على أسلحة نووية إذا فعلت إيران ذلك

وعلى الصعيد الأمني تطمح السعودية إلى تطوير برنامج نووي للاغراض السلمية لمواجهة الطموحات النووية الإيرانية.

ففي مارس/آذار الماضي حذر ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، من أن بلاده ستطّور وتمتلك سلاحا نوويا إذا امتلكت منافستها الإقليمية إيران قنبلة نووية.

وقال بن سلمان في حوار مع برنامج 60 دقيقة على شبكة سي بي إس الأمريكية، إن السعودية "لا تريد الحصول على الأسلحة النووية"، لكنه استطرد موضحاً: "لكن دون شك إذا طوّرت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها في أسرع وقت ممكن".

السعودية تهدد بامتلاك قنبلة نووية فور حصول إيران عليهاقرار أمام الكونغرس الأمريكي يحول بين السعودية وصنع أسلحة نوويةباكستان: لن نزود السعودية بأسلحة نووية

ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت السعودية قد حاولت تطوير أسلحة نووية من تلقاء نفسها، ولكن تقارير تحدثت عن استثمارها في البرنامج النووي الباكستاني.

وحذر عاموس يادلين، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، أمام مؤتمر في السويد عام 2013، من أن حال حصول إيران على القنبلة النووية، "فإن السعوديين لن ينتظروا شهرًا واحدًا. لقد دفعوا ثمن القنبلة بالفعل، سيتوجهون إلى باكستان للحصول على ما يريدونه".

سحابة صيف

ولا يعني ذلك أن العلاقات بين الجانبين لا يخيم عليها بين وقت وآخر سحابة صيف. فعلى سيبل المثال لم تشارك باكستان بقوات في حرب اليمن ، فمنذ عام 2015 عملت السعودية على دفع باكستان للمشاركة في التحالف الذي تقوده في اليمن، لكن البرلمان الباكستاني صوت ضد نشر قوات هناك لتجنب صدام مع شيعة باكستان الذين يشكلون 20 في المئة من السكان ولتجنب تدور في العلاقات مع إيران التي تدعم الحوثيين في اليمن.

مصدر الصورةAFP

ورغم ذلك شاركت باكستان في مناورات أجريت في شمالي السعودية مع 20 دولة عربية وإسلامية في مارس/آذار عام 2016.

كما تم تعيين الجنرال راحيل شريف رئيس الأركان الباكستاني السابق قائدا للتحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب. وفي فبراير/شباط عام 2018 أرسلت باكستان نحو 1400 جندي لحماية الحدود السعودية.

ورغم أن حزب خان كان السبب الرئيسي في عدم إرسال قوات لليمن إلا أنه تحدث عن "الوقوف دائما مع السعودية" كما تحدث ضد الحوثيين.

ومع كل التصريحات المؤيدة لإيران فإن خان نجح في السير على خطى أسلافه في انتهاج سياسة "السعودية أولا" كما نجح في إقناع السعوديين بأنه ليس في حاجة للاختيار بينهم وبين إيران.

وعلى صعيد تخفيف معاناة العمالة الباكستانية في السعودية لم يفتح خان هذا الملف أثناء زيارته للسعودية بل وخلال وجوده هناك تم ترحيل 100 باكستاني الى بلادهم.