الوطن العدنية/إعداد القاضي أنيس جمعان
الخنزير
(الأسم العلمي: Sus) :
➖➖➖➖➖
*▪️الخنزير هو جنس من الثدييات ذوات الظلف غير المجترة، وهو حيوان ثديى مستأنس آكل لأي شئ، لا يمكن ذبحه لأنه لا عنق له، تكون أنسجة لحم الخنزير داكنة اللون، ويرجع ذلك إلى طبيعة ذبح الخنزير الذي يتميّز برقبته الغليظة وتراكم الدهون حولها، ما يجعل من الصعب جزّ رقبته فيلجأ الجزار إلى طعنه بالقلب وبالتالي لايخرج الدم من الأنسجة ويبقى محتبساً فيها، ويسير دائماً محنى الرأس، أنه حيوان نجس، ملتهم لكل شئ، يأكل القمامة وبقايا الأطعمة وزبالة المطابخ، وبقايا صناعات بعض الأطعمة والمشروبات؛ يأكل بقايا اللحوم والجثث العفنة والقمامة وفضلاته بل وحتى صغار أبنائه، ومنشأه العالم القديم في قارات آسيا وأفريقيا لاسيما في المناطق الموحلة ومناطق السافانا، كما يتواجد أحد أنواع الخنازير في أوروبا، لقد أستؤنست عدة أنواع منه للإستفادة منه في الاقتصاد المنزلي والزراعي حيث يستخدم لحمه كطعام وجلده وشعره وبعض أجزائه تستخدم لأغراض صناعية، ولذلك فهو يعدّ ثروة حيوانية، وهو ذو جسم صلب ومليءٌ بالعضل، شعره خفيف في المناطق الحارة له رأس وتدي الشكل كبير مقارنة مع جسمه أنفه أسطواني صلب به منخران حيث يستعين بانفه لنبش الأرض وإخراج الديدان فهو يأكل كل ما يجده متوفراً من طعام، وهو ذو أرجل مهيأة جيداً للسير في الأوحال حيث إن أظلافه (أقدامه) تتوزع بشكل لا يسمح لها بالغوص في الأوحال ..*
*▪️إضافة إلى ذلك فهو حيوان عشبي لاحم (omnivore) خبيث الطبع، تجتمع فيه صفات السباع اللاحمة وصفات البهائم العشبية، وهو علاوة على ذلك حيوان نهم كانس، يكنس الحقل والزريبة ويأكل كل شيء فيأكل القمامات، ويأكل الفضلات بما في ذلك فضلاته البرازية، كما يأكل القاذورات والديدان وكل النجاسات والخنزير حيوان نهم شره لا يمتنع عن أكل أي شيء، فيأكل الجرذان والفئران والجيف المتعفنة، وحتى جيف أقران، يتميز بحاسة الشم الهائلة، تلد الأنثى منه عدداً من الصغار يختلف من نوع لآخر حيث أن خنزير البر تلد أنثاه من1- 4 وفي النوع المنزلي قد تلد الأنثى أكثر من 10، ويولدون بحجم صغير جداً قياساً لحجم الأم لكن الملاحظ أنه سرعان ما ينمو حيث يصل وزنه من 60-203 كجم، وهو حيوان سريع النمو، فهو يزن عند الولادة حوالي 2 كلغ، لكنّ وزنه يتضاعف أكثر من 50 مرة ليصل في غضون ستة أشهر إلى قرابة 112 كلغ ويرجع سبب هذا النمو السريع إلى الزيادة الكبيرة في إفراز هرمون النمو عند الخنزير، أما عن ألوان الخنزير وتترواح بين الأبيض والوردي والبني والأسود، كما قد يكون مزيجاً من تلك الألوان ..*
*سبب خلق اللَّه الخِنزير :*
➖➖➖➖➖➖
*▪️لقد خلق اللَّه سبحانه وتعالى آدم وأستخلفهُ في الأرض٬ وسخّر له كل ما يحتاج إليهِ من مأوىً، وماء، وغذاء، وكل ما فيه نفعٌ للإنسان حتى يتمكّن من عمارة الأرض٬ وعبادة اللَّه على أكملِ وأتمِ وجه، الخنزير مخلوق من مخلوقات اللَّه خلقه لهدف معين والظاهر أمام علماء الدنيا أنه حيوان يتغذى على القمامة والقاذورات المتخلفة عن الأنواع الأخرى ومن ثم فهدف خلقه هو تنظيف البيئة، كما سخّر كلّ الموجودات والمخلوقات لخدمتِهِ؛ فقد سَخّر أيضاً الخنزير لخدمة الإنسان٬ وتلبية أحتياجاته٬ ولم يُؤمر الإنسان بقتلِهِ أو القضاءِ عليه٬ ولكنْ عليه الامتناع عن تناوِل لحمِهِ، وتربيتِهِ، والمُتاجرة بِهِ، كما أن الخنزير موجود من قبل خلق آدم، وقد حرمه اللَّه لسبب واحد وهو كونه رجس أي أذى واللَّه لا يبيح ما فيه ضرر للناس ..*
*▪️يُعدُّ الخِنزير من أقذر الحيوانات على الإطلاق٬ ويَعود السببُ في ذلك لما يلتَهِمهُ؛ فغذاؤهُ الجيف وفضلات الحيوان والإنسان٬ التي كانت تُخلّف في العراء قبل نشوءِ الحضارات أو حتى إلى الآن في بعض المناطق التي تفتقر لأبسط مُقوّمات الحياة، ومن ثم لا يجوز كراهية الخنزير حتى ولو كان لحمه محرم علينا لأنه لم يخلق نفسه ولا شريعته في أكل القمامة والقاذورات وإنما خلقه اللَّه لحكمة ..*
*▪️أما الحكمة في خلقة الخنزير فمنها: أنه شاهد على عقاب أمة من الأمم أستخفت بشرع اللَّه، واجترأت على حرمات اللَّه، فمسخهم اللَّه قردة وخنازير ..*
*▪️الخنازير ليس لها سلالة بشرية فمن حولهم اللَّه لصور قردة وخنازير هلكوا وقال اللَّه تعالى في هلاك هؤلاء من أصحاب السبت: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ، فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [سورة الأعراف الآية: 163-166] ..*
*▪️يقول أبن القيم في (مفتاح دار السعادة): (وتأمل حكمته تعالى في مسخ من مسخ من الأمم في صور مختلفة مناسبة لتلك الجرائم، فإنها لما مسخت قلوبهم وصارت على قلوب تلك الحيوانات وطباعها، أقتضت الحكمة البالغة أن جعلت صورهم على صورها، لتتم المناسبة، ويكمل الشبه، وهذا غاية الحكمة، وأعتبر هذا بمن مسخوا قردة وخنازير كيف غلبت عليهم صفات هذه الحيوانات وأخلاقها وأعمالها) ..*
*تحريم لحم الخنزير :*
➖➖➖➖➖
*▪️حرمتِ الشريعةُ الإسلاميةُ أكل لحم الخنزير، وقد دلت على هذه الحرمة نصوصٌ واضحةٌ من كتاب اللَّه، فقد قال سبحانه تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). [سورة البقرة الآية: 173] ..*
*▪️قال سبحانه وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ) [سورة المائدة الآية: 3] ..*
*▪️فلا يُباح أكل لحم الخنزير لأحدٍ من المسلمين إلّا إذا أشرفت نفسه على الهلاك ولم يجد طعاماً مباحاً يتناوله، فحينئذ يباح له تناول قدرٍ منه تطبيقاً للقاعدة الشرعية (الضرورات تُبيح المحظورات) ..*
*▪️أما نصوص السنّة النبوية المطهّرة، تمثلت من خلال أحاديث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحيحة، ومن تلك الأحاديث ما رواه جابر بن عبد الله رضي اللَّه عنه أنّه سمع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول عام الفتح، وهو بمكة: (إنَّ اللهَ ورسولَه حرَّم بيعَ الخمرِ والمَيتةِ والخِنزيرِ، والأصنامِ، فقيل: يا رسولَ اللهِ، أرأَيتَ شُحومَ المَيتةِ، فإنها يُطلى بها السفُنُ، ويُدهَنُ بها الجُلودُ، ويَستَصبِحُ بها الناسُ؟ فقال: لا، هو حرامٌ، ثم قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِندَ ذلك: قاتَل اللهُ اليهودَ إنَّ اللهَ لما حرَّم شُحومَها جمَلوه، ثمّ باعوه، فأكَلوا ثمنَه) رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 2236، صحيح ..*
*▪️قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أيها الناس إن اللَّه طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن اللَّه أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)، فقال سبحانه تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [سورة المؤمنون الآية: 51] ..*
*▪️إضافة إلى ذلك فقد أجمع علماء الأمة الإسلامية من عهد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، والتابعين، وحتى هذا اليوم على أنّ أكل لحم الخنزير، واستعماله، والانتفاع به محرّم شرعاً، ولا خلاف في ذلك، وهذا الحكم لا يقتصر على تحريم أكل لحم الخنزير فحسب، وإنّما ينطبق على سائرِ أجزائه؛ كعظمه، ودهنه، وطحاله، ودمه، ويشمل كذلك بيعه، وشراؤه ، واستغلاله بأيّ طريقةٍ كانت ..*
*▪️كما حرّم اللَّه سبحانه وتعالى تناول أو أستخدام أيّ جزءٍ من الخنزير، مثل: جلده، أو دهنه، أو دمه، وذلك لنفس الأسباب الّتي تشتمل على أمراض وآفاتٍ وطفيليّاتٍ قد تنتقل إلى الجسم ..*
*ماذا يحدث للإنسان إذا تناول لحم الخنزير :*
➖➖➖➖➖
*▪️أثبتَتِ الدّراسات التي توصَّل إليها العِلم الحديث وجود أضرارٍ كبيرةٍ وخطيرةٍ قد تُصيب الإنسان عند تناوُلِهِ للحم الخنزيز، يعتبر الخنزير من أكثر الحيوانات التي تسهم في إنتشار الأمراض؛ حيثُ يحتوي نفسهُ على 27 وباءً مُعدياً، منها الأمراض الطفيلية، والبكتيرية، والفيروسية وغيرها، ويمكن أن ينتج عن تناول لحم الخنزير التهابات في الأعصاب والمفاصل ..*
*▪️في نوفمبر 2012م تمكن العلماء من تسلسل جين الخنزير المحلي، أوجه التشابه بين الخنازير والجينات البشرية وهذا يعني أن البيانات الجديدة قد تكون لها تطبيقات واسعة في إمكانية الدراسة والعلاج من الأمراض الوراثية البشر، إضافة إن الخنازير لديها مشاكل صحية من تلقاء نفسها فالخنازير لها رئتين صغيرتين مقارنة بحجم الجسم وبالتالي فهي أكثر عرضة من الحيوانات المستأنسة الأخرى لالتهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي القاتل، بعض سلالات الأنفلونزا متوطنة في الخنازير (أنظر إنفلونزا الخنازير)، الخنازير أيضاً يمكن أن تصاب بالانفلونزا البشرية، كما أنها يمكن أن تكون عدوانية في الدفاع عن أنفسها وصغارها ..*
*▪️يُهضم لحم الخنزير خلال أربعِ ساعاتٍ فقط، وبالتّالي لا تتمّ فلترته عن طريق الكبد والتّخلّص من سمومه، على عكس باقي اللّحوم، والّتي يستغرق هضمها ثماني ساعاتٍ على الأقل، الأمر الذّي يسمح بالتّخلّص من السّموم الموجودة فيها، كما أنّ الخنزير عرضةٌ للإصابة بعددٍ من الأمراض الّتي ينقلها بدوره إلى الإنسان الّذي يتناولها، مثل التهابات الشّعب الهوائيّة، والالتهاب الرّئوي القاتل، وإنفلونزا الخنازير، كما ينقل عدداً من الأمراض الخطيرة، من أهمّها: مرض دودة الخنزير، وشريطيّة الوحيدة، وداء البروسيلات، وداء الكيسات المذنبة، وقد تصاب الخنازير بالأمراض والطفيليات وتكون عائلاً لها مثل الدودة الشريطية وكذلك الأبقار والأغنام والماعز وكذلك فيروس الأنفلونزا ..*
*الحكمة مـن تحريم لحم الخنزير :*
➖➖➖
*▪️تجلَّت الحكمة من تحريم لحم الخنزير فيما أكتشفه العلماء والأطباء من الأضرار الصحية لتناوله، فلحمُ الخنزير يحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من الدهون الضارة التي تسبب أمراض تصلب الشرايين، كما أنَّ تركيبة الأحماض الأمينية في لحم الخنزير تجعل امتصاصه سهلاً وبالتالي تزيد نسبة كولسترول الدم، كما أنَّه يسبب السرطانات المختلفة، ومنها: سرطان الدم والقولون، وهو كذلك يسبب الحساسية وقرحة المعدة، وتتمثل خطورة لحم الخنزير في احتوائه على الدودة الشريطية التي تسمى (تينياسوليم)، وأنَّ من شأن نمو بويضات هذه الدودة في جسم الإنسان أن تسبب له أضراراً صحيةً كثيرة، فنموها في القلب يسبب النوبات القلبية وأرتفاع ضغط الدم، ونموها في الدماغ يسبب الجنون، كما أنَّ نمو الديدان في أمعاء الإنسان أن تسبب له مشاكل صحية أخرى، مثل: فقر الدم، وضعف الجسم بشكلٍ عام، وإذا ما وصلت يرقات هذه الدودة إلى الدماغ فإنها قد تسبب أرتفاع الضغط فيه والاختلاج وربما الشلل ..*
*▪️تفتقر الخنازير إلى الغدد العرقية التي تعمل على خفض حرارة بقية الثدييات ولذلك فهي تحتاج للمياه أو للطين لتبريد أجسامها في درجات الحرارة المرتفعة، تعتبر الخنازير أقرب تشريحياً للإنسان، ولذلك يتم إنتاج الأنسولين من بنكرياس الخنازير لمرضى السكري ..*
*علة تحريم أكل لحم الخنزير :*
➖➖➖
*▪️لم يرد في الشريعة الإسلامية ذكرُ عِلة خاصة في تحريم لحم الخنزير إلّا ما جاء في القرآن الكريم في وصفه، حيث قال سبحانه تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة الأنعام الآية: 145]، والرجس يُشير إلى كل شيء تستقبحه الشريعة الإسلامية، وتأباه الفطرة السليمة، كما جاء في الآية الأخرى قوله تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [سورة الأعراف الآية: 157]، والخبائث هي بلا شك تتضمن كل ما يُلحق الضرر بالإنسان في صحته أو ماله أو أخلاقه، ومن ضمن هذه الخبائث لحم الخنزير ..*
*▪️لقد حرّم اللَّه سبحانه وتعالى لحم الخنزير على المسلم، كما يشترك الدّين اليهودي وبعض الطّوائف المسيحيّة في هذا التّحريم، ولقد ذكر بإن هناك أديان عديدة مثل اليهودية تحرم أكل الخنزير، حيث تحرم الديانة اليهودية أكل أنواع مختلفة من اللحوم، من بينها لحم الخنزير. من ناحية الديانة اليهودية لا توجد خطورة خاصة للتحريم على أكل لحم الخنزير مقارنة بتحريمات أخرى، ولكن في التراث اليهودي يعدّ هذا النهي ذي أهمية كبيرة إلى درجة أن حتى بعض العلمانيين من اليهود يعدّون لحم الخنزير غير صالح للأكل، كذلك توسع التحريم في التقاليد اليهودية ليشمل أيضاً استخدام جلد الخنزير أو دهنه لأية غاية، ويقال أيضاً أن النصرانية تبيح أكلها حسب وجهة النظر القائلة بأنه لا يوجد تشريع في العهد الجديد للمأكولات والمشروبات وحسب وجهة نظر أخرى تحرمها النصرانية من خلال أتباع يسوع للشريعة الموسوية ..*
*▪️ولكن في تاريخ 1 أغسطس 2007م نصح البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أتباع كنيسته بعدم تناول لحم الخنزير قائلاً: أنه رغم عدم تحريم أكل هذا النوع من اللحم، فإن تناوله يتسبب في إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض كونه يحتاج إلى طهي جيد و لأنه من الحيوانات التي تتناول القاذورات والمخلفات غير النظيفة" ..*
*▪️ذكر الإستاذ الدكتور هانز هنريخ ركويج في مقال يعود إلى عام 1983م بعنوان "التأثير الضار لأكل الخنزير على الصحة"، وهي دراسة جادة شديدة الأهمية وجديرة بأن تترجم إلى عدة لغات، يقول فيها: أن حقيقة أن أكل لحم الخنزير تتسبب فى إصابة الإنسان بالتوتر العصبى والتسمم بات أمراً مفروغ منه، ثم يتناول بالتفصيل مساوئ أكل لحم الخنزير وينهى بحثه مؤكداً أن الخنزير يصيب الإنسان بسبعة أمراض أساسية يمكن علاجها بيولوجياً شريطة الإمتناع تماماً عن تناول لحم الخنزير، ولقد ثبت علمياً يقيناً أن مرور الخلايا الشعرية أو العصوية الشكل فى دم الخنزير تلوث جميع أجزاء جسمه وتجعل لحمه غير صالح للإستخدام الآدمي ..*
*▪️إن تحريم لحم الخنزير ليس إختراعاً إسلامياً، والسّبب وراء ذلك يَكمن في كون لحم الخنزير ضارّاً أكثر من أنْ يكون مفيداً لجسم الإنسان، فمن المعروف أنَّ الخنزير يأكل فضلاته، وقاذورات وفضلات غيره المليئة بالدّيدان والجراثيم، والّتي تسري في دمه وتلتصق في لحمه، وبالتّالي تنتقل إلى جسم الإنسان عند أكلها، كما أنّ نسبة الكولسترول والدّهون المشبعة في لحمه عاليةٌ بالنّسبة للّحوم الأخرى، ممّا يسبّب السّمنة والأمراض التّابعة لها، مثل: أرتفاع الضّغط، والسّكتات القلبيّة ..*
*هل يجوز قتل الخنزير :*
➖➖➖➖➖➖
*▪️قال الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه في فتح الباري: قَوْلُهُ: (بَابُ قَتْلِ الْخِنْزِيرِ) أَيْ هَلْ يُشْرَعُ كَمَا شُرِعَ تَحْرِيمُ أَكْلِهِ ؟ وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي أَبْوَابِ الْبَيْعِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، قَالَ اِبْنُ التِّينِ: شَذَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ: لَا يُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَاوَةٌ . قَالَ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِ مُطْلَقًا " ..*
*▪️في الختام ينبغي على المسلم ألّا يبحث عن علّة تحريم أمرٍ نهى اللَّه ورسوله عنه، كما لاينبغي على المسلم أن يسأل عن سبب إفتراض شيءٍ من العبادات، أو الطاعات عليه، فالأصل الأنقياد والتسليم لحكم اللَّه، وذلك إعمالاً لقول اللَّه تعالى في سورة الأحزاب: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [سورة الأحزاب الآية: 36]، بل ينبغي عليه أن يلتزم بأمر اللَّه مسلّماً بما أمره به أو نهاه عنه، وهكذا الحال في تحريم أكل لحم الخنزير وبيعه والانتفاع به، ومع ذلك فإنّ تعليل بعض الأحكام من باب فهمها وتحليلها لا يُعتبر منكراً، إذ إنّ ذلك يزيد ثقة المسلم بالالتزام بما طلبه اللَّه منه، ولتعلم أن آدم عليه السلام إنما أخرج من الجنة لأجل أكلة أكلها من الشجرة التي نهاه اللَّه عنها، وما علمنا عن تلك الشجرة شيئاً، ولا كان آدم في حاجة إلى أن يبحث في سبب تحريم الأكل منها، بل كان يكفيه، كما هو يكفينا ويكفي كل مؤمن، أن يعلم أن اللَّه حرم هذا، ولكن يجب علينا إلا أن نحمد اللَّه عز وجل أن حرّم علينا كمسلمين أكل لحم الخنزير تحريماً قاطعاً مسبباً منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، قبل أن يتمكن العلم من إثبات خطورة وضرر أكله مادياً أو علمياً ..