أخبار محلية

الجمعة - 04 أكتوبر 2024 - الساعة 03:13 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/عدن


في ظل الأزمات التي يعاني منها اليمن منذ سنوات طويلة، برز الإنترنت كحبل نجاة للعديد من المواطنين الذين يبحثون عن سبل للتواصل مع العالم الخارجي أو لتأمين وسائل عمل وتعليم عن بُعد.

وفي هذا السياق، كانت خدمة "ستارلينك" التي تقدمها شركة "سبيس إكس" الأمريكية بقيادة إيلون ماسك، بمثابة الأمل للعديد من اليمنيين للحصول على إنترنت عالي السرعة عبر الأقمار الصناعية، خاصة في المناطق النائية التي لا تصلها خدمات الإنترنت التقليدية.

غير أن الأمل الذي حمله الإعلان عن تفعيل خدمة "ستارلينك" في اليمن، سرعان ما تحول إلى خيبة أمل كبيرة بسبب الاستغلال الذي تمارسه الحكومة اليمنية وشركات الاتصالات المحلية.

فبدلاً من تسهيل وصول المواطنين إلى هذه التكنولوجيا الجديدة، فرضت الحكومة قيودًا مشددة وأسعارًا مرتفعة، مما يعزز احتكارها للسوق واستغلالها للمستهلكين.

قيود مشددة على دخول الأجهزة: حصار حكومي جديد

أحد أكثر الأمور إثارة للقلق هو فرض الحكومة اليمنية، عبر شركة الاتصالات اليمنية "تيلي يمن"، قيودًا صارمة على استيراد أجهزة "ستارلينك".

فقد تم الإعلان عن منع دخول الأجهزة إلى اليمن عبر المنافذ البرية أو البحرية إلا بتصريح رسمي من الحكومة.

هذا يعني أن أي مواطن يقرر شراء جهاز "ستارلينك" من الخارج، سواء عبر شركات شحن دولية مثل DHL أو أي طريقة أخرى، سيجد أن الجهاز مُنع من دخول البلاد إذا لم يحصل على التصريح المطلوب.

هذه الخطوة تهدف بوضوح إلى احتكار استيراد وبيع الأجهزة من قِبل الحكومة اليمنية أو الجهات المرتبطة بها. بدلًا من أن تكون أجهزة "ستارلينك" متاحة للجميع عبر السوق المفتوح، تسعى الحكومة إلى التحكم الكامل في دخولها، مما يزيد من تكلفة الحصول عليها ويضعف فرصة المواطن العادي في الحصول على هذه الخدمة.

باقات وأسعار مبالغ فيها: استغلال تجاري على حساب المواطن

إلى جانب القيود المفروضة على الأجهزة، أعلنت "تيلي يمن" عن طرح باقات إنترنت عبر "ستارلينك" بأسعار تعتبر خيالية مقارنة بالأسعار العالمية المتعارف عليها. الأسعار التي أعلنت عنها الشركة تتراوح بين 500 و650 دولار أمريكي فقط للأجهزة، بينما حددت باقات الإنترنت وفقًا لاستهلاك البيانات بأسعار غير معقولة.

الباقات المتاحة تشمل:

1. الباقة الأولى: 40 جيجابايت من الإنترنت.


2. الباقة الثانية: 1 تيرابايت من الإنترنت.


3. الباقة الثالثة: 2 تيرابايت من الإنترنت.


4. الباقة الرابعة: 6 تيرابايت من الإنترنت.



هذه الأسعار المرتفعة تأتي في سياق أزمة اقتصادية حادة تعاني منها اليمن، حيث أن غالبية المواطنين لا يستطيعون تحمل تكاليف مثل هذه الخدمات.

ومن الواضح أن الهدف الأساسي من هذه التسعيرات هو تحقيق أرباح ضخمة من جيوب المواطنين دون مراعاة لظروفهم الاقتصادية.

منع السداد عبر الوسائل الدولية: احتكار الدفع والتحكم بالسوق

ولم تكتفِ الحكومة بذلك، بل أضافت قيودًا مالية تزيد من تعقيد حصول المواطنين على هذه الخدمات. فقد تم إصدار تعليمات للبنوك المحلية بمنع التعامل عبر بطاقات "فيزا" و"ماستر كارد" لسداد قيمة الباقات الخاصة بخدمة "ستارلينك". وبدلاً من ذلك، سيتم تفعيل قرار يلزم المستهلكين بالدفع عبر قنوات محددة تتحكم فيها الحكومة بشكل كامل.

هذا الإجراء يزيد من إحكام الحكومة قبضتها على سوق الإنترنت، حيث يسعى المسؤولون إلى حصر جميع عمليات الدفع عبر وسائلهم الخاصة، ما يسمح لهم بتحقيق أرباح إضافية على حساب المواطن.

الحكومة وشركات الاتصالات: شراكة في الاستغلال؟

هذا الوضع يطرح تساؤلات مهمة حول الدور الذي تلعبه الحكومة اليمنية في هذا الاستغلال. في حين أن "ستارلينك" هي خدمة تقدمها شركة دولية تهدف إلى توفير الإنترنت بأسعار معقولة وسرعات عالية للمناطق النائية، نجد أن الحكومة المحلية وشركات الاتصالات تسعى إلى استغلال هذه الخدمة بشكل تجاري بحت.

تقوم شركات الاتصالات المحلية، مثل "تيلي يمن"، بتقديم خدمات بأسعار تفوق المعدلات العالمية، مع فرض قيود صارمة على وصول الأجهزة واستيرادها.

هذه السياسات التجارية لا تخدم سوى فئة صغيرة من المتنفذين الذين يسعون إلى تحقيق أرباح كبيرة من احتكار السوق، فيما يبقى المواطن العادي هو الخاسر الأكبر.

ماذا بعد؟ الحاجة إلى تدخل "ستارلينك" الأم

أمام هذا الاستغلال الواضح، يتعين على شركة "ستارلينك" الأم التدخل بشكل عاجل لضمان وصول خدماتها إلى المستهلكين اليمنيين دون قيود أو استغلال تجاري. من الضروري أن تقوم الشركة بفتح تحقيق رسمي حول ما يحدث في السوق اليمني والتأكد من أن خدماتها لا تُستخدم كأداة لتحقيق أرباح غير مشروعة من قبل الحكومة أو شركات الاتصالات المحلية.

كما يجب على "ستارلينك" ضمان أن تكون أجهزتها وباقاتها متاحة لجميع المواطنين اليمنيين بشفافية وعدالة، بعيدًا عن الاحتكار والاستغلال. من المهم أن تتعاون الشركة مع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية لضمان حقوق المستهلكين في اليمن وعدم السماح باستغلال التكنولوجيا كوسيلة لقمع الحريات أو تقييد وصول الناس إلى الخدمات الأساسية.

الخاتمة

يعيش المواطن اليمني اليوم بين مطرقة الأزمات السياسية والاقتصادية وسندان الاستغلال التجاري الذي تمارسه الحكومة وشركات الاتصالات المحلية. في حين كان "ستارلينك" أملًا للعديد، إلا أن السياسات الحكومية حولت هذا الأمل إلى وسيلة جديدة لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المواطن. من الضروري أن يكون هناك تحرك جدي لضمان وصول الخدمات بأسعار معقولة ودون قيود تعيق استخدام التكنولوجيا لمصلحة الناس