اخبار وتقارير

الإثنين - 30 ديسمبر 2024 - الساعة 09:55 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/تقرير ـ رشاد عبدالله


تقوم الأنظمة القمعية على العنصرية ابتداءً فتُأسس للفشل وفوضى الفساد، وتستأثر ثلة قليلة بموارد الدولة وثروات البلاد وتترك المواطن يلاحق على الفتات، وحتى تضمن بقاءها في السلطة، تعتمد على بناء أجهزة قمعية، وتهتم بتشييد السجون، وتحرص على تطوير أنظمة التجسس والمراقبة، وتتفنن في اسكات المواطن، فتحصي أنفاسه وتختبر نواياه، وتحاسبه على تحركاته، وتعذبه بالشك، وتقتله بدم بارد.

حالة الذهول التي انتابت المتابعين للسجون في ظل حكم عائلة الأسد اعادة للذهن، انكشاف الوحشية واللاإنسانية لدى أنظمة القمع الفاشية، وجرائم النازية التي عبثت بالبشر.

طافت مشاهد السجون الاسدية العالم وفرضت البحث عن التشابه حد التطابق بين نظام القمع والسجون في صنعاء ودمشق الأسد، وعقيدة التوحش المشتركة بين عائلة بشار وأسرة الحوثي.

صنع الأسد أقوى جهاز قمعي وأرتكب أبشع الجرائم، بحق شعبه، ومثله مليشيا الحوثي الانقلابية التي استقدمت التجربة الايرانية منذ وقت مبكر لسيطرتها على العاصمة، أبدعت في اساليب الترهيب وطورت أجهزة المراقبة والتجسس بالمقابل تركت الناس يموتون جوعا بلا رواتب ولا خدمات، تضاعف الواجبات على المواطن، وتتنصل عن أبسط حقوقه، تمعن بالإرهاب وتحمي نفسها بالطائفية، ولم تختلف عن نظام الاسد البائد.

*أجهزة القمع*

لسنا بحاجة لنعيد سرد شواهد القبضة الأمنية في نظام الأسد، ومدى بطش مخابراته، لكن السياق الذي بدأ فيه الأسد الأب يشبه ما بدأت به مليشيا الحوثي لنكشف هنا عن حجم التشابه بينهما، لاسيما والعنصرية والطائفية أساس يرتكز عليه كلا النظامين مع خلافات سطحية واتفاق بنيوي.

كشف تقرير صحفي عن اسم " برونر" النازي الفار الذي علّم حافظ الاسد فنون القمع والتعذيب، وفي اليمن استنسخت المليشيا الحوثية النموذج الايراني، فدولة الولي الفقيه التي تقوم على خمسة أجهزة منها المخابرات، بدأت من وقت مبكر في انشاء أجهزة قمع وحشية، وقد كشف ضباط يمنيين عن خضوعهم للتحقيق والتعذيب على ايدي ايرانيين عقب سقوط صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، وأشرف بعدها الخبراء الايرانيون على انشاء أجهزة المخابرات، لتكون اليد القذرة للسيطرة والقمع، والمنظومة الأمنية التي تتحكم بكل شيء.

أعلنت المليشيا الحوثية في 2016م بشكل رسمي انشاء جهاز الأمن والمخابرات، وفي 2019م الحقت جهازي الأمن السياسي والقومي بالجهاز الجديد ليكون أكثر سطوة واجرام.

وفي تقرير حديث صدر عن منصة فردويك في نوفمبر المنصرم كشف أن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يتكون في هيكله التنظيمي من قيادة ووكلاء و20 دائرة ويندرج تحتها شعب معتمدة على البناء العنقودي، وبحسب التقرير فإن جهاز المخابرات يعد أهم أدوات السيطرة التي يعتمد عليها الحوثيون لتثبيت قبضتهم الأمنية، تم تصميمه ليكون مظلة موحدة لكل أجهزة الأمن، ولايزال الخبراء يعملون ضمن الجهاز بحسب الباحث اليمني عنتر الذيفاني.

لدى جهاز الأمن والمخابرات نظام مراقبة يعتمد على شبكة واسعة من المخبرين وأخيرا شكل الشرطة المجتمعية، واعتمد أحد اساليب نظام الاسد في التقسيمات الجغرافية للمربعات الأمنية، ويمتلك بحسب التقرير وسائل تجسس إلكترونية ورصد المحتوى على مواقع التواصل الذي قد يمثل تهديد لهم، ولديه ادوات حديثة لجمع وتحليل المعلومات.

تتشابه أجهزة واساليب القمع في نظام الاسد وبنية المليشيا الحوثية، وتتفق في الأهداف وتقوم على اذلال المواطن وامتهان المجتمع وبحسب رئيس منظمة سام للحقوق والحريات الاستاذ توفيق الحميدي يشترك الطرفان في استراتيجيات التوحش والعنف الممنهج لإرهاب الخصوم وممارسات القمع من خلال الاعتقال التعسفي لإسكات الأصوات المعارضة، دون مذكرات قانونية، مستهدفين ناشطين وسياسيين وصحفيين، وحتى النساء والأطفال كوسيلة ضغط، وكذلك الإخفاء القسري يعد وسيلة مشتركة لكسر العائلات وابتزازها، مع احتجاز المعتقلين في أماكن مجهولة دون معرفة مصيرهم.

*السجون وأساليب التعذيب*

يكفي أن تعرف ضحايا الاجرام في السجون الحوثية، وأعداد من ماتوا تحت التعذيب، أوأولئك الذين خرجوا بعاهات مزمنة، مقعدين على كراسي متحركة، لتكتشف واحدية الاجرام الحوثي الاسدي.

هناك مئات الحالات التي ماتت تحت التعذيب في السجون الحوثية، كأمثال مسعود البكيلي، والشقيقان جهاد وسليم عبدالكريم القوسي، والشيخ محمد زيد السبل وعلي العمار وصادق الغاوي وباسم الحوبري وياسر محمد جنيد ، وخالد محمد الحيث، هذه الاسماء وغيرها المئات ماتت تحت التعذيب في سجون المليشيا الحوثية، ومنعوا اهاليهم من تشريح جثثهم، وهددوا اسرهم بالمصير المماثل في حال رفضوا توجيهاتهم.

يوضح الحميدي ما يحدث في السجون الحوثية فيسرد ما رصدته منظمته أن " التعذيب الممنهج يشمل الضرب، الصدمات الكهربائية، والتجويع، وتفتقر السجون للظروف الإنسانية، مثل الاكتظاظ، الإهمال الطبي، وانتشار الأمراض، والقضاء يُستغل لإضفاء شرعية صورية على القمع، حيث تصدر أحكام قاسية وغير عادلة.

ويكشف رئيس منظمة سام أن " النساء أيضًا يتعرضن للاعتقال والانتهاكات، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، كجزء من استراتيجية لكسر إرادة المجتمع الطرفان يستغلان الأسر ماديًا عبر الابتزاز مقابل الإفراج عن المعتقلين.

*عقيدة التوحش المشتركة*

حجم اللاإنسانية في سجون الأسد، التوحش في التعذيب، الامتهان والاذلال، استرخاص النفس البشرية، واستباحة النساء، يثير الاستفهام عن الدافع الذي جعل أجهزة القمع تمارس ذلك ولم يعد يقلقهم، أو يحرك ضمائرهم، ويثير سؤال آخر عن النظام الذي صنع جلادون بنهذه الأنفس المتوحشة فتعدم بني آدم كل يوم او لحظة، وتخفي بشر مدى الحياة دون ذنب، وتغتصب امرأة فتحمل وتضع وتربي في الزنزانة طفل لا يعرف الشمس.

إذاً هل لدى الحوثي هذا التوحش؟
كشفت تقارير أممية عن اغتصاب للنساء، واتهمت قيادات حوثية بذلك، وأدرجت الولايات المتحدة عبدالقادر المرتضى وآخرين على قائمة العقوبات لتورطهم بجرائم تعذيب واغتصاب واخفاء بحق مواطنين معارضين.

في حالة السياسي محمد قحطان المخفي قسريا منذ عشر سنوات، لا تعرف اسرته عنه شيئا، برغم سنه، وشموله بقرار مجلس الأمن الا أن المليشيا ترفض تماما حتى الإفصاح عن وضعه، هذه الحالة تؤكد وجود سجون سرية تمارس فيها جرائم لا تختلف عن تلك التي شاهدناها في سجون الاسد.

ويرى الناشط الحقوقي ورئيس منظمة سام أن “عقيدة التوحش” تعكس العنف المفرط والإجرام المنظم المبرر باسم الدين أو الأيديولوجيا، مستندة إلى فكر إقصائي يقسم العالم إلى “خير” و”شر”.

ويشير " الحميدي " أن عقيدة التوحش لدى الحوثيين استراتيجية تستخدم العنف المفرط لترسيخ الهيمنة وتعتمد على خطاب طائفي يضفي قدسية على صراعهم، وشيطنة معارضيهم كـ”عملاء” و”تكفيريين”..


لم يمضي على سقوط صنعاء بيد المليشيا سوى أيام حتى كان صالح البشري مرمي بالشارع جثة هامدة، بعد اسبوع من اختطافه وتعذيبه حتى الموت، ومنذ ذلك الوقت وهي تمارس شتى أنواع التعذيب والقمع، وبرغم عدم اطمئنانها على حكم البلاد، واندلاع الحرب، وتراجع سيطرتها، وتأجج الوضع داخل مناطقها، الا أنها كشف وجهة اجرامي متوحش لا يختلف عن ما شاهده العالم من بشاعة سجون وقمع نظام الأسد، فحصيلة عقد من سيطرة الحوثي، أسوء من خمسة عقود لنظام الأسد باختلاف الظروف، فلو اتيحت للعصابة الطائفية الحوثية الفرصة وسنحت الظروف لكانت أشد وأبشع.