الوطن العدنية/كتب/صدام اللحجي
في مشهد يثير الكثير من التساؤلات، يدعم المجلس الانتقالي الجنوبي دعوات للتظاهر التي دعا لها يوم الثلاثاء ضد الحكومة التي يُفترض أنه جزء منها. هذه الازدواجية في المواقف أصبحت حديث الشارع الجنوبي، حيث يتساءل المواطن البسيط: "حد فاهم حاجة؟ كيف يكون المجلس في الحكومة وفي نفس الوقت يخرج عليها؟".
المشهد السياسي في الجنوب بات معقدًا إلى درجة أن الفارق بين المسؤول والمعارض يكاد يختفي. المجلس الانتقالي، الذي يشغل مناصب في الحكومة ويشارك في صناعة القرار، يقف الآن في صف المعارضة الشعبية، مُطالبًا بتحسين الخدمات ومحاسبة الحكومة على تقصيرها. لكنه في الوقت ذاته، يتحمل جزءًا من هذا التقصير باعتباره شريكًا في السلطة.
هذا التناقض جعل المواطن يفقد الثقة في النخب السياسية، التي بدلاً من أن توحد جهودها لمعالجة الأزمات الخانقة التي تعصف بالناس، دخلت في لعبة تبادل الأدوار بين الحكم والمعارضة. كيف يمكن للمجلس أن يبرر دعمه لهذه التظاهرات بينما هو جزء من الكيان الحاكم؟ وهل الهدف فعلاً هو الضغط لإصلاح الأوضاع أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة لكسب نقاط سياسية أمام الشارع؟
الأزمات التي يعاني منها المواطنون، من انقطاع الكهرباء إلى الغلاء الفاحش، وانهيار العملة المحلية، لا تحتاج إلى شعارات أو احتجاجات فقط، بل إلى حلول فعلية واستراتيجيات واضحة. وإذا كان المجلس الانتقالي يرى نفسه جزءًا من الحل، فعليه أن يتحمل مسؤوليته بالكامل داخل الحكومة، لا أن يكتفي برفع الشعارات من الخارج.
ما يحتاجه الشارع اليوم هو وضوح المواقف وانسجام الأداء الحكومي مع تطلعات الناس. فلا يمكن أن تستمر لعبة الازدواجية هذه إلى ما لا نهاية. إما أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم، أو يتركوا الساحة لغيرهم ممن يستطيعون مواجهة التحديات بصدق وشفافية