مقالات وآراء

الأحد - 23 فبراير 2025 - الساعة 12:31 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ"اللواء سعيد الحريري"

عندما يُذكر أحمد بن أحمد الميسري، فإننا نتحدث عن شخصية سياسية نادرة في المشهد اليمني، رجلٌ لم يساوم على مبادئه ولم يغيّر مواقفه رغم العواصف السياسية التي اجتاحت البلاد. لم يكن مجرد مسؤول حكومي عابر، بل كان رجل دولة حقيقيًا، اتسم بالوضوح والصراحة في زمن غابت فيه الأصوات الوطنية الحقيقية.

ما يميّز الميسري عن غيره أنه لم يكن يوماً تابعاً أو أداةً لتنفيذ أجندات خارجية، بل كان صاحب قرار مستقل، يؤمن بسيادة بلاده ووحدتها، ويحمل هموم شعبه دون أن يغرق في حسابات المصالح الضيقة. هذا الموقف أكسبه احترام الكثيرين حتى من خصومه السياسيين، وهو ما نشهده اليوم من تحوّل في نظرة بعض النشطاء الذين كانوا في صفوف من هاجموه بالأمس، ليعودوا اليوم مطالبين بعودته، نادمين على مشاركتهم في حملات الإساءة إليه قبل أحداث أغسطس 2019.

وكما قالت الناشطة العدنية أمل سوقي في مقطع صوتي: “نريد الميسري يعود، لم ألتقه، لكن عرفت أنه أنصف أبناء عدن”، مضيفةً أنها ستكون في مقدمة مستقبليه في مطار عدن إن علمت بعودته، مؤكدةً أن عدن ورجالها وحرائرها سيبيتون في المطار لرؤيته من جديد.

الميسري لم يكن مجرد وزير، بل كان نموذجًا نادرًا في زمن المصالح الضيقة، حيث لم يسمح لنفسه ببناء منزل فاخر أو الاستيلاء على الأراضي، ولم يستغل منصبه لمنح الامتيازات لأقاربه وأصدقائه. كان رجل أمن لكنه لم يوجه باعتقال سياسي واحد، ولم يعرف عنه ملاحقة الصحفيين أو الناشطين. هذه القيم جعلت منه شخصية مسكونة في وجدان الناس، ورمزًا يزداد حضوره كلما غابت النزاهة عن المشهد.

اليوم، ومع ما تعيشه اليمن وعدن تحديدًا من أوضاع معقدة، تتزايد الدعوات لعودة الرجل الذي لم يكن مناطقيًا، ولم يستأثر بالسلطة، بل كان منحازًا للمواطن البسيط، رجلًا يحمل مشروعًا وطنيًا حقيقيًا.

تحية لهذا الرجل حيثما كان، وتحية لكل من بقي متمسكًا بمبادئه رغم تقلبات الزمن. فالميسري ليس مجرد اسم، بل نموذج يحتاجه الوطن أكثر من أي وقت مضى.