الوطن العدنية/مقال لـ"د. قاسم الهارش"
في الوقت الذي تحتفل فيه نساء العالم بيوم المرأة العالمي 8 من مارس، محتفيات بإنجازاتهن وتقدمهن في مختلف مجالات الحياة، تقف المرأة اليمنية في ميدان آخر، حيث لا تزال تكافح للبقاء والصمود وسط أهوال الحرب التي مزقت بلادها. ورغم كل التحديات، تظل عنوانا للثبات والتضحية والإرادة التي لا تلين.
صمود المرأة اليمنية في وجه العواصف دفعت ثمنا باهظا للصراع الذي يعصف بوطنها، فوجدت نفسها تتحمل أعباء مضاعفة بعد فقدان الزوج أو الابن أو أحد أفراد الأسرة، وأصبحت وحيدة في مواجهة قسوة الحياة وسط انهيار الخدمات الأساسية وانعدام أبسط مقومات العيش الكريم. لم يعد الخبز والماء والكهرباء من المسلمات، بل باتت رفاهية بعيدة المنال. في المدن، لجأت النساء إلى وسائل بدائية للطهي باستخدام الحطب، وفي الأرياف، لا تزال رحلة البحث عن الماء تستغرق ساعات، كما كانت تفعل أمهاتهن وجداتهن قبل عقود طويلة.
لكن رغم هذه الأوضاع القاسية، لم تستسلم المرأة اليمنية، بل خاضت معركة الحياة بكل شجاعة، متحدية الظروف القاهرة، مثبتة قدرتها على الصمود والتألق. فهي الأم التي ترعى أبناءها، والمعيلة التي تسعى لتأمين لقمة العيش، والمعلمة التي تنير دروب العلم، والطبيبة التي تداوي الجراح، والصحفية التي تنقل الحقيقة، والناشطة التي تدافع عن السلام والعدالة، والشرطية التي تحمي الأمن وتخدم المجتمع.
المرأة اليمنية قوة لا يستهان بها لقد أثبتت أنها ليست مجرد ضحية للحرب، بل هي قوة حقيقية لا يمكن تجاهلها. فقد حصلت العديد من النساء اليمنيات على جوائز تقديراً لدورهن في العمل الإنساني والحقوقي والتنموي، في تأكيد واضح على أن المرأة اليمنية قادرة على إحداث التغيير، رغم الظروف الصعبة التي تحيط بها.
الإسلام كرم المرأة وأعطاها حقوقها كاملة بما يتناسب مع فطرتها وطبيعة تكوينها، سواء كانت زوجة أو أماً أو أختاً أو ابنة. واليوم، ورغم التحديات، تواصل المرأة اليمنية مسيرتها النضالية، مطالبة بحقوقها السياسية والمدنية، وحلمها أن تعيش في وطن مستقر، يضمن لها الحياة الكريمة والمشاركة الفاعلة في بناء المستقبل.
في يوم المرأة العالمي، نوجه تحية إجلال وإكبار للمرأة اليمنية، المناضلة والصابرة، التي لم تكسرها الحرب، ولم تهزمها الأزمات، بل جعلت منها رمزا للصمود والعطاء. وإلى كل امرأة في اليمن والعالم نرسل رسالة حب وسلام، آملين أن يأتي اليوم الذي تنال فيه كل امرأة حقوقها كاملة، في وطن يزدهر بالمحبة والمساواة.
ستبقى المرأة اليمنية أيقونة للصمود، ومصدرا للإلهام، أساسا لا غنى عنه..