الوطن العدنية/كتبـ_محمد ابوبكر بن اسحاق
من الصعب أن تصطاد في المياه العكرة، لكن حين يخرج رجل نزيه من قلب المعاناة، ويحمل على عاتقه همّ الناس، ويملك الشجاعة لتصفية هذا العكر، فإنه لا يكتفي فقط بكشف المستور، بل يضع الفاسدين في مواجهة مباشرة مع حقيقتهم.
اليوم، وفي زمنٍ طغت فيه المصالح الضيقة، يطلّ رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك كصوت مختلف، صوت يحمل صدق الضمير وإرادة الإصلاح. لم يأتِ ليكون جزءًا من معادلة تقاسم الغنائم، بل جاء ليقلب الطاولة على رؤوس المعتادين على النهب والابتزاز.
نزاهة في زمن الفوضى
ما يميّز ابن بريك أنه لم يأتِ من خلفية تتغذى على الفساد، ولم يتربَّ في بيئة الصفقات المشبوهة. بل جاء من حضرموت، المحافظة التي عانت طويلًا من التهميش، حاملاً معه سمعة رجل نزيه لا يساوم على لقمة عيش شعبه. وهذا ما جعل خطواته الأولى في رئاسة الحكومة صادمة لكثيرين ممن اعتادوا على أن تكون رئاسة الوزراء مجرد بوابة لمراكمة النفوذ والثروة.
معركة لا ترحم
بمجرد أن بدأ الرجل باتخاذ قرارات تقوّض منابع الفساد، اشتعلت الحرب ضده. هذه ليست حربًا سياسية تقليدية، بل هي حرب شرسة تستهدف نزاهته وسمعته وحتى حياته. لأن منظومة الفساد –التي شبّت على أكل المال الحرام– لا تستطيع التعايش مع رجل نظيف يرفض أن يكون جزءًا منها.
ولذلك، نرى محاولات مستمرة لإفشاله، تشويه صورته، محاصرته إداريًا وماليًا، وحتى افتعال أزمات لتكبيله. كل ذلك لأنه ببساطة يمثل نقيضًا لهم: هو يعمل بصدق، وهم يعيشون على الكذب. هو يقاتل ليبني، وهم يتصارعون ليقتسموا ما تبقّى.
رسالة إلى الشعب
لكن ما لا يفهمه الفاسدون، أن الشعوب لا تخطئ في تمييز النزيه. قد يُحاصر، قد يُهاجم، لكن صورته تترسخ أكثر في وجدان الناس كلما ازدادت الحملات ضده. لأن المواطن يعرف أن الرجل الذي يُحارب بهذه الطريقة، إنما يُحارب لأنه يهدد مصالح الكبار.
حضرموت في قلب المعادلة
ابن بريك ليس مجرد رئيس وزراء، بل هو تجسيد للمارد الحضرمي الذي نهض من سباته. هو الامتداد الطبيعي لشعبٍ تعب من الصمت، وقرر أن يقول كلمته. وجوده على رأس الحكومة اليوم يعني أن حضرموت لم تعد خارج المعادلة، وأن صوت النزاهة والضمير لا يزال قادرًا على أن يجد مكانًا وسط ضجيج المصالح.
خاتمة
سالم صالح بن بريك يثبت أن النزاهة ليست ضعفًا، بل هي أقوى سلاح في مواجهة منظومة تعوّدت على الفساد. وإن كانت معركته اليوم شرسة، فهي معركة شرف في زمنٍ فقد فيه الكثيرون شرف المسؤولية.
ولعلّ التاريخ سيذكره، لا كمسؤولٍ مرّ عابرًا، بل كرجلٍ حاول بصدق أن يفتح نافذة أمل في جدارٍ سميك من الفساد