اخبار وتقارير

الثلاثاء - 26 أغسطس 2025 - الساعة 11:08 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات


في مشهد مأساوي يتكرر كل عام، دفعت الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المحافظات اليمنية، منذ مطلع الأسبوع الجاري، عشرات الأسر إلى العراء، بعدما جرفت السيول منازلها وأتلفت ممتلكاتها، لتضاف معاناة جديدة فوق معاناة الحرب والفقر المستمرة منذ سنوات.
وتسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة الناتجة عن منخفض جوي واسع يضرب اليمن، في وفاة وإصابة ما يقارب 30 شخصاً بينهم أطفال، إلى جانب عشرات المصابين وخسائر كبيرة في الممتلكات والأراضي الزراعية والبنية التحتية.
وأشارت تقارير وإحصائيات ميدانية أولية إلى أن نحو 12 شخصاً لقوا حتفهم جراء الغرق في مجاري السيول أو انهيار منازل بسبب الأمطار الغزيرة، فيما أصيب ما لا يقل عن 16 آخرين بجروح متفاوتة.
وكشفت الأمم المتحدة عن تضرر 180 أسرة في محافظتي الحديدة وحجة جراء هذه الأمطار. وقالت مفوضية شؤون اللاجئين (UNHCR) في بيان إن فرقها الميدانية سارعت إلى تنفيذ عمليات استجابة عاجلة لتوفير المساعدات الإنسانية الأولية للأسر المتضررة، مؤكدة أن التقييمات الأولية أظهرت حجمًا واسعًا من الأضرار، وأن الجهود مستمرة لتأمين مأوى مؤقت ومستلزمات أساسية للضحايا.
وفي حين أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تحذيرات من مخاطر أكبر في قادم الأيام، مشيرة إلى أن ذروة موسم الخريف هذا العام تشهد هطول أمطار فوق المعدل الطبيعي في المرتفعات الغربية والوسطى، مع امتدادها نحو السواحل. وأوضحت الفاو أن محافظات إب وتعز وحجة وصعدة، إلى جانب أودية سردود وبني قيس ورماع وحرض، مصنفة ضمن المناطق عالية الخطورة، حيث تزداد احتمالية وقوع فيضانات جارفة وانهيارات أرضية تهدد القرى والمزارع والبنية التحتية.
ودعت المنظمة المزارعين والرعاة إلى اتخاذ تدابير وقائية عاجلة، مثل تجنب عبور الأودية المغمورة، ونقل الماشية إلى مناطق مرتفعة، وتعزيز قنوات التصريف الزراعية، محذرة من أن انهيارات أرضية قد تعزل قرى بأكملها.
كما حذرت الفاو من أن الأمطار الغزيرة قد تؤثر بشكل خطير على الزراعة، إذ يُتوقع تعرض أكثر من 113 ألف هكتار من الأراضي الزراعية لمخاطر فيضانات عالية، تمثل نحو 8% من إجمالي الأراضي المزروعة في البلاد حتى يوليو 2025.
وناقش اجتماع حكومي في عدن برئاسة رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك، أمس الاثنين، الأضرار التي خلفتها موجة السيول الأخيرة جراء المنخفض الجوي في عدد من المحافظات، والإجراءات العاجلة واللازمة للتعامل مع آثارها وتداعياتها.
وأقر الاجتماع إنشاء مركز طوارئ لتوحيد جهود مواجهة الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية على المستوى المركزي والمحلي.
وأكد بن بريك، ان البناء العشوائي في مجاري السيول من أبرز أسباب تفاقم الأضرار والخسائر البشرية والمادية، مؤكداً أن حكومته ستتخذ إجراءات صارمة لمنع هذه الممارسات، ووضع خطط عمرانية آمنة تراعي المخاطر البيئية والمناخية، بما يضمن حماية المواطنين ويعزز مناعة المدن أمام الكوارث الطبيعية.
كما أكد أن تكرار الكوارث الطبيعية نتيجة التغيرات المناخية العالمية، ناقوس خطر يحتم على الحكومة والسلطات المحلية مضاعفة الجهود وتكثيف العمل الميداني، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة، وتخفيف معاناة المواطنين في المناطق المتضررة.
ولفت رئيس الوزراء اليمني، إلى أن مواجهة هذه التحديات تتطلب مقاربة وطنية متكاملة، تجمع بين خطط الطوارئ العاجلة، والرؤى الاستراتيجية طويلة المدى، التي تراعي خطورة التغيرات المناخية على اليمن وتداعياتها على الأمن الغذائي والمائي..مشيراً إلى أن الحكومة ستعمل على تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين لتمويل وتنفيذ برامج الحماية البيئية والمجتمعية.
ووجه بن بريك، بسرعة حصر الأضرار ورفع تقارير عاجلة ودقيقة، لضمان استجابة فاعلة، وتعزيز التنسيق مع شركاء اليمن من الدول والمنظمات الأممية والدولية لتقديم الإغاثة والعون لمواجهة التداعيات جراء المنخفض الجوي.. مؤكداً أن حياة وسلامة المواطنين هي أولوية لا تقبل التهاون.
وتزداد المخاطر مع التوقعات بأن يصل معدل هطول الأمطار إلى أكثر من 300 ملم من صعدة شمالًا حتى إب وتعز جنوبًا، ما يعني فيضانات مفاجئة واسعة النطاق قد تدمّر الأصول الزراعية وتقطع طرق الإمداد.
وشهدت محافظات عدن ولحج وحضرموت وشبوة والحديدة وصنعاء سيولاً مدمرة أسفرت عن وفاة وإصابة العشرات، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية والطرقات ومخيمات النازحين. وتؤكد منظمات إنسانية أن الأسر المتضررة غالبًا ما تجد نفسها بلا مأوى ولا مساعدات كافية، خصوصًا في ظل محدودية قدرة السلطات والمنظمات على الاستجابة السريعة لجميع الحالات.
وفي ظل هذه التحديات، شددت الفاو ومنظمات إنسانية أخرى على ضرورة تجهيز خطة طوارئ شاملة تشمل: مراقبة مستويات المياه بشكل مستمر، وتوفير مياه شرب آمنة وخدمات صحية عاجلة، وضمان وصول الإمدادات الغذائية والدوائية للمناطق المنكوبة. كما دعت إلى الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر والبنية التحتية المقاومة للفيضانات، محذرة من أن غياب هذه الإجراءات سيجعل أي موجة أمطار جديدة كارثة مضاعفة على اليمنيين.
ويرى خبراء المناخ أن الوضع الحالي ينذر بتفاقم أزمة إنسانية مركبة، حيث تتقاطع الكوارث الطبيعية مع الأزمة الإنسانية والسياسية التي يعيشها اليمن منذ سنوات. فالأسر التي فقدت منازلها أو مزارعها أو ماشيتها تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الفقر وانعدام الأمن الغذائي.