الوطن العدنية/كتب_هاني المحثوثي
في لحظة يتكاثف فيها الغبار على وجه الحقيقة وتختلط فيها الأصوات حتى لا يُسمع إلا صدى التحريض تقف حضرموت على حافة سؤال مخيف: هل نكون جسراً للسلام أم ساحة لصراع؟
نار الفتنة لا تشتعل وحدها بل تُسعّر بأياد ماهرة في العد والربح تحصي الأرواح كما تُحصي العملات هناك من يريد لحضرموت أن تكون ميداناً لتصفية الحسابات وساحة مفتوحة للنفوذ ومعرضاً دائماً لتجارب الآخرين.
أيها العقلاء يا من ورثتم الحكمة كما ورثتم الأرض والهوية إن هذه اللحظة ليست للحياد ولا للصمت المؤجل فالصمت الآن شراكة غير معلنة مع الخراب صوتكم وحده قادر على أن يحدث شقّاً في جدار العتمة ويعيد للعقل مكانه بعد أن احتلته فوضى السلاح.
قاربوا بين القلوب قبل أن تقاربوا بين المواقف وابحثوا عن خيط رفيع من التفاهم قبل أن يغلظ بحبل من الدم امشوا بين الأطراف ولو على جمر الشك فالتأجيل هنا ليس هزيمة بل محاولة إنقاذ وتفويت لفرصة يتربص بها المتربصون من خلف الحدود.
على ما يبدو من ارتباك المشهد وتكثّف الاصطفافات فإننا بلغنا مربعاً بالغ الخطورة حيث لكل طرف داعم من وراء البحار وحيث تتحول القضية من شأن محلي إلى رقعة في مباراة دولية وفي نهاية اللعبة يكون الحضرمي هو الخاسر الأكبر يودع أبناءه ويجمع بقايا ذاكرته من بين الركام.
حضرموت أكبر من نزوة بندقية وأعمق من مشروع نفوذ وأطهر من صراعات الآخرين قوتها ليست في عتاد يُشترى بل في وحدة تُصان وفي عقل يقدّم على الغضب وفي تاريخ علّم أبناءه أن البقاء لمن يحسن الإصغاء للحياة.
فلتكن كلمتكم اليوم سداً في وجه الفتنة وجسراً تعبر عليه حضرموت نحو غدٍ يستحقها.