مقالات وآراء

الثلاثاء - 16 ديسمبر 2025 - الساعة 06:33 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_سعيد النخعي


سنشهد فصلًا جديدًا مختلفًا تمامًا عمّا قبله،فسقوط حضرموت كان حدثا مفصليًا، وبالونَ اختبارٍ لتهيئة الأرضية لما بعده من أحداث لا تقل درامتيكية وإثارة. فقوات المنطقتين الأولى والثانية كانت بمثابة الوتد الذي يضربه الملاح في اليابسة لبقاء السفينة عائمة في الماء، مع ضمان بقائها مشدودةً إلى اليابسة. فأهمية هذه القوات كانت في رمزيتها السياسية أكثر من أهميتها العسكرية والأمنية؛ فكانت بمثابة المسمار الذي يشد لوحي جغرافية الوحدة اليمنية بالنسبة للقوى الشمالية مجتمعة، وشركةٍ أمنيةٍ ـ بالنسبة للتحالف ـ مهمتها حراسة حقول النفط، وبقاء حضرموت والمهرة كمنطقةٍ عازلة لحصر الصراع المسلح والفوضى الأمنية في عمق الأراضي اليمنية، بعيدًا عن حدود السعودية وعُمان، لضمان الأمن الخليجي. هذه العوامل مجتمعة أضافت لهذه القوات عمرًا جديدًا إلى عمرها، الذي انتهى بنهاية المؤسسة العسكرية التي تنتمي إليها.
فأي ورقة سياسية أو أمنية تستمد بقائها من أغراضها، وتزول بزوالها،فتثير فضول الأسئلة: هل انقطع شَرَكُ الوحدة الذي كان يمدّها بالبقاء؟ وبخروجها، هل نزع التحالف المسمار الأخير الذي يشد لوحي جغرافية الوحدة؟ هل تخلى عنها التحالف بعد أن جهّز بديلًا أشد ولاءً وأقل خطرًا؟ هل هذه النقلة انفصالٌ غير معلن يرسّخ للعودة إلى ما قبل الدولتين؟ أم هي تهيئة الأرضية للحد من غطرسة الحوثي وبقية القوى قبل الدخول في مفاوضات الحل النهائي؟
هل تعهدت الرياض لمسقط بتحقيق مطالبها بجعل المهرة منطقةً عازلة بضمانةٍ سعودية، من خلالها تسليمها لقوات درع الوطن الموالية للرياض، بدليل سكوت القوى المهرية الموالية لمسقط؟
هل خلخلت سنوات الحرب موازين القوى السياسية، فقضت على القوى التقليدية ممثلةً بالإصلاح والمؤتمر، في إطار التفاهمات بين التحالف وصنعاء؟ فتولت صنعاء القضاء على نشاط الإصلاح ومصادرة مقراته وأملاكه شمالًا، والإمارات جنوبًا بدعوى محاربة الإخوان المسلمين، ليصبح وجوده زائدًا عن الحاجة بعد أن ظل يتعامل مع الرياض بصفته وريثًا شرعيًا للدولة. وتفجير المؤتمر من داخله؛ بتفريخه، ليتم بيعه بالتفرقة لصنعاء وأبوظبي والرياض والقاهرة، لضمان أرضية تفاوضية بمرجعيات جديدة، على حساب المرجعيات القديمة التي انتهت بانتهاء الدولة الضامنة لها، والقوى الموقعة عليها،وفقًا لشرعية الأمر الواقع، قبل الذهاب لتسويةٍ سياسية لم يتم الإعلان عن شكلها ومضمونها، ستتفاوض عليها قوٍ تقليدية ضعيفة، منهكة، مفككة، بمرجعيات قديمة،تحتفظ بشروطها على الورق، وقوٍ جديدة خطّت شروطها على الأرض، بمباركة المجتمع الإقليمي والدولي.
سعيد النخعي
16/ديسمبر/2025م