مقالات وآراء

السبت - 20 ديسمبر 2025 - الساعة 12:00 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ”طلال لزرق”


تتداول بعض الأطراف تساؤلات حول إمكانية لجوء السعودية لاستخدام القوة، وبالأخص سلاح الطيران، لإخراج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت والمهرة. من الناحية العسكرية، تمتلك السعودية تفوقًا جويًا كبيرًا، يجعل أي فرض معادلة ميدانية ممكنًا نظريًا خلال وقت قصير، لكن السياسة لا تُدار بالقوة وحدها، بل بمنطق الكلفة والنتائج والارتدادات، وهذا يجعل أي خطوة من هذا النوع محفوفة بالمخاطر، خصوصًا في ظل حساسية الوضع الإقليمي والدولي.

المجلس الانتقالي الجنوبي يمتلك أوراق قوة استراتيجية عديدة تجعل أي مواجهة مباشرة معه صعبة. فهو يتمتع بحاضنة شعبية واسعة، ما يجعل أي استهداف له استهدافًا لإرادة شعبية وليست مجرد تشكيل عسكري. قواته منظمة وخاضت معارك حقيقية على الأرض، واكتسبت خبرة في إدارة المدن والجبهات، ما يجعل إخراجها بالقوة أمرًا معقدًا للغاية. إلى جانب ذلك، يحظى بدعم واضح من دولة الإمارات، يشمل الجوانب العسكرية والسياسية، ويحوّل أي صدام إلى ملف إقليمي حساس، وقد يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه بين الحلفاء.

ويتميز المجلس الانتقالي بدوره المحوري في مواجهة وقـ ـتال الإرهـ ـاب، ما أكسبه قبولًا دوليًا باعتباره شريكًا فاعلًا في حفظ الاستقرار. إضافة إلى ذلك، يلعب المجلس دورًا استراتيجيًا في تأمين خطوط الملاحة في بحر العرب وخليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، ويشارك بفعالية في منع تهريب الأسلحة المتجهة إلى الحـ ـوثي وتهريب المخدرات، ما يجعله عنصرًا مؤثرًا في الأمن الإقليمي والدولي والتجارة العالمية.

ما يزيد من قوة المجلس الانتقالي هو قضيته العادلة وشرعيته التاريخية، إذ يطالب باستعادة الدولة الجنوبية السابقة التي كانت شريكًا في الوحدة اليمنية. وللمجلس زخم شعبي واسع ومستمر منذ زمن بعيد قبل تدخل السعودية في الشأن اليمني، ما يجعل أي سياسة سعودية صدامية تصطدم بالواقع السياسي والاجتماعي للقضية الجنوبية الأصلية، ولا يمكن تجاوزها بالقوة.

في الوقت نفسه، يجب فهم موقف السعودية من زاوية أوسع فهي تدخلت أساسًا لتثبيت الأمن والاستقرار في اليمن، وللحد من تهديد الحوثيين للإقليم والدول المجاورة، وليس لخلق صراعات بين حلفائها أمام المجتمع الدولي. تتحمل السعودية مسؤولية أخلاقية واضحة حيال الأزمة اليمنية، ولن يسمح أي تصعيد بخلق صراع داخلي بين الأطراف الداخلية الموالية للتحالف ضد الحوثيين، بما قد يقوض الأمن والاستقرار الذي جاءت لأجله.

بناءً على ذلك، تبدو الخيارات السعودية المرجحة أكثر سياسية، عبر الضغط السياسي، وتعزيز نفوذ قوات درع الوطن تدريجيًا لمحاولة خلق توازن ميداني، وإدارة الصراع بالوقت بدل المواجهة المباشرة. استخدام الطيران يبقى خيارًا نظريًا بعيدًا ومؤجلًا، نظرًا للكلفة السياسية والإقليمية والدولية العالية مقارنة بأي مكسب ميداني محتمل، خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أي تصعيد ضد المجلس الانتقالي قد يفضي إلى أزمات أوسع على المستويين المحلي والإقليمي.

من جانبهم، ينظر الجنوبيون إلى السعودية كشريك وحليف استراتيجي مهم، ولا تمتلك القوات الجنوبية أي عقيدة عدائية تجاه المملكة، ما يجعل أي تصعيد مسألة حساسة للغاية على الصعيد السياسي والميداني. ومن الجدير بالذكر أن من يروجون لفكرة استخدام القوة ضد الانتقالي، خصوصًا على المستوى الإعلامي، هم فقط خصومه السياسيون، وعلى رأسهم قوى حزب الإصلاح.

#طلال_لزرق