مقالات وآراء

الثلاثاء - 30 ديسمبر 2025 - الساعة 01:54 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/د. علي قاسم

نعي أم نفي أم بشرى ..انتظر المخلصون الشرفاء هذا البيان منذ شهور ، واليوم ... خرج المتحدث الرسمي ليعلن لشرفاء الأمة نبأ ارتقاء ثلة من رجال الإسلام في هذا الزمان..

ووالله إني لأكتب هذه الكلمات ..
وأنا أستحضر قول الله تعالى :
{ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالࣱ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیلࣰا }

أكتب هذه الكلمات ..وأنا متلعثم حزين ..
فقد كنت أشتاق أن يشرح الله صدري وتشنف مسامعي ببيانٍ شافٍ من هذا العبد الصالح الذي أحببته في الله ..

فإذا بي أطالع نبأ نعيه وارتقائه _ نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً _ ..

ووالله إني لأكتب تلك الكلمات ولا تزال أصداء صوت هذا الرجل في سمعي ، ولا تزال كلماته وبياناته محفورة في ذهني ..

هذا الصوت الذي تعلقت به القلوب في مشارق الأرض ومغاربها ..

تخيل رغم أننا في زمان الصورة و اللقطة ..إلا أن الجميع تعلق بهذا الصوت العجيب الذي لا يعلم الناس شكل صاحبه ، فقد عاش عمره ملثماً لا يعرف شكله أحد من مستمعيه ..

أثر في الكبار و الصغار ، فكان ابني الطفل الصغير الذي لا يعرف شيئاً إذا رآه حاول محاكاة كلماته وإشاراته ، وكان يردد خلفه ( الله أكبر ، وإنه ل ج ه ا د ..نصر أو استشهاد ) ، فكنت أغبطه على ذلك ، وأقول في نفسي " لا يكون هذا القبول العام إلا لرجل نحسبه من أولياء الرحمن " ..

..صوت نحسب صاحبه صادقاً مخلصاً ، أثار في كل مستمعيه معاني العز والثبات والرسالة والانتصار لقضية مركزية عند كل مسلم و موحد ..

هذا الصوت الذي لا يعرف الاهتزاز أو الاضطراب أو القلق ، بل كان مثالاً لصوت الصدق في زمان الأراجيف ، لذا كان إذا نطق أسمع ، وإذا تكلم أوجع ..

هذا العبد الذي أحسبه من الأولياء ..
كانت كلماته تضمد الجراح ، وتشعل جذوة الإيمان في القلوب المكلومة ..

كان لسانه لسانًا صدّاحاً يحيي موات قلوبنا ، ويجدد فينا الولاء لديننا و إسلامنا ، ويذكرنا بواجبنا تجاه أهلنا في أرض الرباط ومثيلاتها ..

كانت بيانه يمثل مقطوعة بلاغية غاية في الجمال و الإتقان ، وكان إلقاؤه عذباً جميلاً جمع بين القوة والإحكام ..

فما كان أجمل هذا الصوت !

وما أعظم أخلص صاحبه !

وما كان أبلغ كلمات المتكلم و أفصحها !

وما كان أعذب ألفاظه وأدق عباراته !

وما كان أعظم بيانه و أحكمه و أجمعه !

وما كان أجود صاحبه اسماً ووصفاً !

صوت كلما سمعته تذكرت قول نبينا الأبي الأكرم " لصوت أبي طلحة خير من ألف رجل " ..

سيظل هذا الاسم الجليل يذكرنا ويذكر الأجيال بسيرة ومسيرة الصحابي الجليل " أبي عبيدة بن الجراح "

وصدق من وصفه حين قال :

قم للملثم وفّه التبجيلاً
رفض الملثم أن يعيش ذليلاً

ووالله ..كنت آمل
أن يطيل ربي عمر هذا العبد ، وألا يسكت له صوتاً ، وأن يبقيه لنا ولكل شريف غيور محب للإسلام ومقدساته وحرماته ، وأن يعينه حتى يسعدنا وجميع أحرار أمتنا وشرفاء العالم بإلقاء كلمة النصر في باحات المسجد الأقصى بعد تحريره من غاصبيه ومدنسيه ..

ولكن اختار ربي له ما كان يشتاق له ، والذي كان يرجوه

قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ

وقبل أن أضع القلم ... أقول ..
رحم الله صاحب هذا الصوت الذي كان بيانه ومنطقه شوكة في حلوق الخاذلين ، وغصة في قلوب الجبناء و العملاء ، ووجعاً في نفوس المطبعين ..

ونسأل الله أن يكون قد لحق بأحبابه ورفاقه من أهل الثغور ، وأن يعوض الأمة خيراً ، وأن يستخرج من صلبه من ينشر في الجماهير فيتامينات الشجاعة والعزة والإباء والإقدام والهيبة والرجولة والشرف والنضال ..

وكتبه
باكياً راثياً ..
#الدكتور_علي_قاسم