مقالات وآراء

الأحد - 13 أبريل 2025 - الساعة 02:30 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/محمد القاضي



تتجه الأنظار الى العاصمة العمانية مسقط، حيث تجرى المحادثات بين طهران وواشنطن بشأن ملف إيران النووي و صواريخها الباليستية، والميليشيات المسلحة التابعة لها.. محادثات بلا شك لن تكون سهلة هذه المره على طهران التي اعتادت على استرتيجية "حياكة السجاد" المتأتية والتي تحتاج إلى "الصبر الاستراتيجي" حسب الفلسفة السياسية الفارسية.. فهذه المرة ايران وجهاً لوجه مع الصلف الترامبي الذي لا يمتلك الوقت لإضاعته في مارثون طويل من المفاوضات حيث تتجلى المهاره الإيرانية. ترامب يريد اتفاقاً سريعاً وناجزاً على تفكيك ترسانة إيران من الأسلحة و الميليشيات، وهو على ما يبدو قارب النجاة الوحيد لطهران لتجنب ضربة أمريكية -إسرائيلية.. لم تحشر إيران في زاوية ضيقة من قبل مثل ما هو عليه الأمر اليوم، خاصة بعد تقليم أظافرها في لبنان وسوريا، و تحييد الجماعات المسلحة التابعة لها في العراق.. من دون شك أن تصعيد الحوثيين الإقليمي وبروزهم لقيادة دفة "محور المقاومة"، سيكون واحداً من الملفات التي سيتم بحثها في مسقط في ظل استمرار تصعيد الحوثيين و الضربات الأمريكية عليهم.

يبقى نجاح هذه المفاوضات مرهوناً بمدى قبول النظام الإيراني، وعلى راسه علي خامنئي والحرس الثوري، بإعلان الرضوخ لشروط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبنيامين نتيناهو، و النجاة برأس النظام الغارق في الأزمات الداخلية والخارجية.

النظام الإيراني، وحسب تصريحات وزير خارجيته عباس عراقجي، يسعى للحصول على "اتفاق مشرف"، على غرار عبارة "سلام مشرف"، ومن موقع متساو، وهو ما لن يحصل عليه بعد تغير موازين القوى في المنطقة عقب أحداث السابع من اكتوبر في ٢٠٢٣ قي غزة، وما نجم عنها من أحداث وتطورات دراماتيكية أدت إلى ضرب مشروع "محور المقاومة" وعصفت بالمنطقة برمتها. و لذا سنكون أمام جولة مفاوضات صعبة بين قطبين متشددين هما الحرس الثوري و ترامب، أو بالأصح جولة الفرصة الأخيرة للدبلوماسية.. فالخيارات بما فيها العمل العسكري مطروحه على الطاولة لمنع إيران بشكل تام من حيازة السلاح النووي. مفاوضات تحت تهديد استخدام القوة … وهذا ما قالته المتحدثة باسم البيت الأبيض، وهو أن على إيران أن تختار إما السلام أو بمعنى ادق الاستسلام، أو مواجهة خيار الحرب… حرب ستخوضها طهران ، إذا قررت التعنت، وحيدة من دون مخالبها الإقليمية، باستثناء جماعة الحوثي، وهي الورقة التي تبقت لطهران و تقوم حاليا واشنطن بعملية إضعاف قدراتها العسكرية على إطلاق الصواريخ و المسيرات العابرة للحدود.

الإيرانيون يدخلون هذه المفاوضات و لديهم عدم ثقة بالرئيس ترامب و يحاولون انتزاع هذه الثقة أولاً؛ مع أن القلق الذي يسيطر على المفاوض الإيراني حيال هذه النوايا يبقى الهاجس الأهم في المرحلة الاولى من المفاوضات، ومن ثم اتخاذ خطوات جادة نحو تسوية شاملة. إيران تريد الحديث عن تبديد القلق حول برنامجها النووي و ليس إظهار الاستعداد لتفكيك البرنامج النووي، و هو المطلب الأول و الوحيد لواشنطن وتل أبيب.

تخوض طهران هذه المباحثات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي عارية تماما من دعم وقدرة مخالبها الاقليمية التي كانت تستند عليها، ومن أي تضامن إقليمي معها وساند لموقفها بسبب دعم مشاريع التطييف والميليشيات المسلحة في دول المنطقة، ليس هذا فحسب، بل إن العمى الطائفي للنظام الإيراني جعله في خصومه مع الكثير في المنطقة العربية، إلى درجه ان يذهب البعض إلى التهليل لاي ضربه ضد إيران، والسبب هو الويلات التي حلت بهؤلاء من الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران. هذا التحول في المنطقة العربية أمر غير مسبوق، و السبب هو برنامج إيران الطائفي، و ليس النووي. فبينما تسعى واشنطن و تل أبيب إلى التخلص من التهديد العسكري للنظام الإيراني، فإن أولوية البعض في المنطقة العربية تتمثل في التخلص من البرنامج الطائفي للنظام الإيراني، الذي عمل على التشظي المجتمعي للمنطقة، التي بلا شك ستحتاج إلى عقود من الزمن للتخلص من تداعياته، وإعادة مسار المجتمعات على الأقل إلى ماكانت عليه من تعايش.

الكاتب | محمد القاضي