الإثنين - 31 مارس 2025 - الساعة 04:21 م
الذي يقول إن هناك عداء بين أمريكا وإيران، هذا كلام غير مقنع. بينهما صراع ظاهري ومصالح خفية، وهناك دلائل على وجود تفاهمات ضمنية بين الطرفين. إيران تلعب دور الخصم المسيطر عليه الذي يبرر بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، ويبرر أيضًا التحالفات العسكرية والاقتصادية التي تستفيد منها واشنطن.
جميع الساسة يدركون أن إيران هي أداة أمريكية غير مباشرة للسيطرة على المنطقة. من خلال دعمها للمليشيات، تساهم في إبقاء دول المنطقة في حالة تهديد دائم، مما يدفع دول الخليج إلى الارتماء في أحضان أمريكا طلبًا للحماية، وعقد صفقات سلاح بمليارات الدولارات. لو تم القضاء على إيران أو ضربها مباشرة، ستفقد أمريكا هذا المبرر الذي يضمن استمرار تدخلاتها العسكرية.
من خلال تعمقنا في المشهد، نلاحظ أن واشنطن لا تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني، بل تريد إبقاءه ضعيفا محاصر، لكن دون أن ينهار تماما. لذلك تستهدف أذرعه مثل الحوثيين والحشد الشعبي وحزب الله، ولكنها تتجنب ضرب إيران مباشرة. الهدف ليس القضاء على التهديد، بل إدارة المنطقة من خلال إبقاء هذا التهديد قائما.
أمريكا تحتاج إلى إيران كما تحتاج إلى أعدائها الآخرين للحفاظ على سيطرتها في الشرق الأوسط. ضرب إيران مباشرة وإسقاط نظامها قد يضر بالمصالح الأمريكية أكثر مما ينفعها. لذلك، من الأفضل لواشنطن أن تبقي الوضع على ما هو عليه، دون أن تفرط في حسم الصراع بشكل نهائي.
في النهاية، العلاقة بين أمريكا وإيران ليست كما تبدو على السطح. هي مزيج من الصراع الظاهري والتفاهمات الضمنية التي تخدم مصالح الطرفين بطرق مختلفة. واشنطن لا تسعى إلى إنهاء التهديد الإيراني، بل إلى استثماره كأداة لإدارة المنطقة، وضمان استمرار نفوذها العسكري والاقتصادي. أما إيران، فتستفيد من هذا التوازن للبقاء في المشهد الدولي دون أن تتعرض لضربة قاضية.
هذا الصراع المدروس لا يهدف إلى الحسم، بل إلى الإطالة، ليظل الشرق الأوسط ساحة مفتوحة للنفوذ الأمريكي، وسوقًا دائمًا لصناعة الحروب وصفقات السلاح. وهكذا، تبقى اللعبة مستمرة، ويبقى السؤال مفتوحًا: متى تنتهي هذه المسرحية، ومن سيدفع الثمن الحقيقي؟