الوطن العدنية/عبدالكريم السعدي
ليس غريبًا عن المرأة اليمنية عامة والعدنية بشكل خاص خروجها إلى ساحات النضال، فقد شهدت مراحل التاريخ الحديث حضور المرأة في كل الميادين، حتى تلك التي كانت تحتاج إلى البندقية، وكان لها دورها الذي خلده التاريخ!!
خروج المرأة اليوم للتعبير عن فجيعتها بموت الدولة، وانعدام مقومات الحياة الضرورية، وانتشار الفساد، وسطوة الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة، وانتشار الجهل، ووئد العملية التعليمية في ما يُسمى بالمناطق المحررة، أمر ليس بالغريب على المرأة، ويعبر عن حقيقة واقع يحاول البعض معاقبة عدن وأهلها من خلاله!!
ومن لا يعرف دور المرأة في التاريخ الحديث، فعليه أن يعود إلى اعلام المرأة في الحركة النسائية اليمنية والقومية، والتي كانت فيها النساء حاضرات بقوة كفدائيات ورموز حركات شعبية، وإعلاميات، ونقابيات، ومشاركات فاعلات في إدارة مؤسسات الدولة بعد انتصار الثورة!!
ثورة النسوان اليوم أخرجت ما تبقى من جرذان الفساد العائمة في مستنقعات الجماعات المسلحة العابثة من جحورها في عدن وما جاورها، يتملكها الرعب أمام رقة أصوات المتظاهرات وهدير زفرات الغاضبات، وأخرجت الشائهين المشوهين من بيارات هاتكي كرامتهم ليسيئوا إلى ماجداتنا وحرائرنا اللواتي لن يطالوا كعاب أحذيتهن، ويقللوا من شأنهن وخطورة هدير تحركاتهن على الأرض!
اليوم خرجن بنات وحفيدات نجوى مكاوي، رقية علي محمد، سعيدة جرجرة، رضية إحسان الله، صفية لقمان، ليلى جبلي، زهرة هبة الله، عائدة يافعي، نور حيدر، لول حيدر، لولة باحميش، فطوم يابلي، شفيقة وحليمة خليل اليناعي، رجاء أحمد سعيد، فوزية محمد جعفر، أنيسة أحمد سالم، أمنة يافعي، فطوم علي أحمد، فتحية باسنيد، الشهيدة عائشة كرامة، نجلاء شمسان، مرام زوقري، نفيسة منذوق، وكثير ممن لا يتسع الحيز لحصرهن. خرجن ليوصلن رسالة إلى كل العابثين بعدن وأهلها في الداخل وأسيادهم في الخارج بأن عدن قد تمرض لكنها لا تموت، وأنه إن وُجد للكرامة عنوان فإن ماجدات عدن وما جاورها هن ذلك العنوان!
استطعن ماجدات وحرائر الوطن تحديد مسارهن والحفاظ على النظام والتعبير بشكل راقٍ ومحترم ومتحضر عن مطالب عدن وأهلها الذين تسحقهم صراعات المليشيات باستخدام أبسط مقومات حياتهم كأدوات صراع غير شريفة بين تلك الجماعات. وعادت بهن الحياة إلى ساحات الفعل الوطني الذي لا يجب أن تخبو جذوته حتى تحقيق الأهداف وتطهير عدن من المليشيات وأعادتها إلى أحضان الدولة ومؤسساتها.
تابعت ردود أفعال المتسببين في مأساة عدن وأهلها من مليشيات مسلحة وحكومات متتالية فاشلة، وأطراف تدّعي أنها تحافظ على القوانين الدولية والإنسانية وعلى ألاخلاقيات التي أباحَت لها التدخل. وكانت كل تلك الردود، للأسف، أضعف بكثير من قوة حضور ماجداتنا وحرائرنا، وأقل بكثير من حجم معاناة أهلنا وأحبتنا في عدن وما جاورها. وأثبتت تعليقات رئيس حكومة الرياض القادم بأنه لا يملك قرارًا، ولكنه ورث صندوق التسول ممن سبقوه، وأنه سيبني سياسة حكومته القديمة المتهالكة على نفس خطاب الذل والإهانة الذي يبدأ بالتوسل لأطراف الإقليم وينتهي بالتسول على أبوابهم، والذي لا يعتمد على سياسة داخلية تنظم مداخيل وإيرادات عدن وأخواتها وتنتزعها من أيدي أمراء المليشيات في ما يسمى بمجلس القيادة غير الشرعي!
لحرائرنا وماجداتنا قبلة إجلال وتقدير على جباههن، فقد فعلن ما لم يستطع فعله غيرهن. وللجميع رسالة: فخروج النسوان لابد من استمراره، وعلى الجميع الوقوف معهن ومساندتهن والمشاركة بفاعلية. وأنني من هنا أطالب منظمات المجتمع المدني والهيئات والأحزاب والشخصيات الوطنية وكل الذكور والأحرار قاطبة بالانضمام إلى هذه الثورة والحفاظ على استمراريتها وزخمها حتى انتزاع الحقوق المشروعة وعودة الحياة الكريمة لعدن وأهلها!!
عبد الكريم سالم السعدي