الوطن العدنية/حاوره_سامح جواس
•أبو روعة: حلمي إصدار ديواني الشعري الأول وغياب الدعم يقف حائلاً أمام تحقيقه
•أبو روعة: الدان البدوي ساهم كثيراً في انتشار قصائدي ومرددين الدان بحاجة إلى لفتة وإهتمام
برز نجم الشاعر أبو روعة خلال السنوات القليلة الماضية بشكل لافت، حيث أصبحت أشعاره وقصائده تتردد على ألسنة الكثيرين وتغنى بها عدد كبير من الفنانين الكبار. من بينهم الربان عبود خواجه والفنان ماجد السعدي وغيرهم من الأسماء المعروفة في الساحة الفنية، بالإضافة إلى رد الدان بالعديد من قصائده في مختلف المحافظات، خاصة محافظة أبين التي تعتبر موطن إلهامه. ومع ذلك، فإن أبو روعة لم يكن معروفًا سابقًا عبر وسائل الإعلام أو الصحافة، ولم تكن هناك معلومات واضحة عن حياته الشخصية أو بداياته في عالم الشعر. التقينا به مؤخراً صدفة أثناء حضورنا لأحد الأعراس في دثينة أبين، وهناك أجرينا معه هذا الحوار الذي نسلط الضوء فيه على مسيرته وأفكاره وتطلعاته وأمانيه وهمومه ومعاناته.
فيما يلي تفاصيل الحوار:
*من هو أبو روعة؟
الشاعر أبو روعة يُعرف باسمه الحقيقي ناصر عوض سالم فريد، وهو من مواليد عام 1988م في منطقة صعيد شبوة. ينتمي إلى أسرة بسيطة ومتوسطة الحال، ويعتبر ترتيبه السادس بين إخوته. عندما كان صغيراً انتقلت أسرته من شبوة إلى مدينة مودية بمحافظة أبين، وهناك نشأ وترعرع وتلقى تعليمه الأساسي. منذ نعومة أظافره أدرك مبكرًا أن الظروف المعيشية الصعبة ستفرض عليه تحمل مسؤوليات مبكرة؛ فاضطر لترك الدراسة والعمل بأجر يومي في أعمال البناء وغيرها من المهن الشاقة ، وهو غير موظف ، كما أنه لا يحمل رقمًا عسكريًا ، وتزوج وهو شاب ولديه الآن خمس بنات وولد واحد.
في بداية حديثه، أبدى أبو روعة ملاحظة مهمة حول وضع الثقافة والفن في محافظته أبين، حيث أكد أن هناك إهمالًا واضحًا من قبل الجهات المعنية تجاه هذا الجانب الحيوي. وقال إن أبين تفتقر إلى الاهتمام الكافي الذي يليق بتاريخها الثقافي وتراثها الفني، رغم أن أبناءها يملكون طاقات إبداعية هائلة، وأن هناك نماذج ملهمة من الشباب الذين يسعون جاهدين لإحياء تراث المحافظة. وأشار إلى أن هذا الإهمال لا يقتصر على الجانب الثقافي فقط، بل يمتد ليشمل جميع المجالات التي يمكن أن تبرز هوية المحافظة وتساهم في تنميتها.
*حدثنا عن بدايتك مع الشعر؟
قال أبو روعة أن والده وإخوين كبيرين له كانوا شعراء أيضًا، وهذا الأمر كان بمثابة محفز قوي له للدخول إلى عالم الشعر منذ الصغر. وبدأ يلقي القصائد منذ سنوات الطفولة المبكرة في المدرسة وخلال السمرات وجلسات الدان البدوية التي كانت تجمع أبناء المنطقة؛ حيث كانت تلك اللقاءات فرصة لتعزيز مهاراته وتطوير موهبته الشعرية. وأضاف أن الدان ومرددينه كانوا دائمًا مصدر دعم وتشجيع له طوال مسيرته الفنية؛ فهم الذين ساعدوه على الانتشار والتوسع في نشر أشعاره بين الناس. وأكد أن الدان ومرددين الدان كانوا بمثابة المحرك الأساسي الذي دفعه للاستمرار والتطور وانتشار اشعاره.
*أكثر من 100 قصيدة؟
يقول أبو روعة إنه يمتلك أكثر من مائة قصيدة كاملة لم يقم بعد بكتابتها على الورق بشكل رسمي؛ فهو يحفظها عن ظهر قلب ويستطيع استرجاعها بسهولة عند الحاجة. ومؤخرًا بدأ يكتب بعض القصائد على أوراق بهدف تنظيمها تمهيدا لطباعة ديوانه الشعري الأول.
*حلمه الكبير؟
حلمه الكبير هو أن يتمكن من إطلاق ديوانه الشعري الأول، وهو حلم يراوده منذ زمن طويل، حيث يسعى جاهدًا لتحقيقه بكل ما أوتي من إرادة وطموح ، معبرا عن أمله في أن يتلقى الدعم والرعاية من أي جهة كانت، سواء كانت رسمية أو خاصة، ليتمكن من تحقيق هذا الحلم الذي يراه خطوة مهمة في مسيرته الفنية والأدبية.
أكد أن جميع قصائده وأشعاره تتنوع بين مواضيع الغزل، والتعبير عن هموم الوطن والمواطنين، وأنه يعبر عن صوت الشارع ووجدان الناس، ولم يكتب قط اشعار مدح للمسؤولين أو القادة، وإنما يكتب ليعكس الواقع ويعبر عن مشاعر الناس وأحلامهم وتطلعاتهم.
*قصة أشهر قصيدة له؟:
أما عن أشهر قصائده التي لاقت انتشارًا واسعًا، فهي تلك التي يقول فيها: "قال بو روعة الجو حالي_في عدن والحرارة شديدة"، والتي غناها العديد من الفنانين وتداولها الجمهور بشكل كبير. فقد سألناه عن قصة هذه القصيدة ، وقال إنه في عام 2020م كان في مدينة عدن، وتحديدًا في مديرية المعلا بالدائري، حيث كان يعمل على حفر بئر هناك. وخلال السمرات مع زملائه العمال بعد انتهاء العمل، كانوا يعانون من الحر الشديد الذي كان يلف المدينة. رغم ذلك، كان معجبًا بجمال المدينة وشوارعها الرائعة، فقرر أن يعبر عن ذلك الجمال والحرارة التي كانوا يعانونهما عبر القصيدة.
وأضاف أن هذه القصيدة لاقت إعجاب الكثيرين وتداولت على نطاق واسع بين الجمهور والفنانين؛ إلا أن بعضهم غناها بشكل غير كامل أو أضاف إليها كلمات جديدة مما غير من جوهرها الأصلي.
*دور الدان في نشر أشعاره:
تحدث أبو روعة بتقدير كبير للدور الذي يلعبه الدان في إحياء التراث الشعري والفني، خاصة في منطقة أبين. وأشاد بالمؤدين الذين برزوا في هذا المجال، معتبرًا إياهم من أصحاب الحناجر الذهبية والأصوات الفريدة التي ساهمت بشكل كبير في إنقاذ هذا اللون الفني من الاندثار. ذكر أن من بين هؤلاء المبدعين أحمد المحرق وعصمت المحثوثي، بالإضافة إلى عازف العود الخضر الطحن، الذي تربطه بهم علاقات عمل وثيقة. وهؤلاء الفنانون قدموا اشعاره للجمهور بشكل حي ومؤثر، مما جعل أشعاره تصل إلى أوسع دائرة من الناس، سواء كانوا فنانين أو جمهور ومتابعين.
لكن أبو روعة أشار إلى أن هؤلاء المبدعين يعانون من نفس المعاناة التي يواجهها هو وغيره من الشعراء؛ فهم لم يحظوا بأي اهتمام أو رعاية من قبل الجهات الرسمية أو الخاصة. مؤكدا أن هؤلاء الفنانين والمبدعين يعيشون ظروفًا معيشية صعبة ، ويحتاجون إلى دعم حقيقي وترتيب أوضاع بما يضمن لهم الاستمرارية والانتشار.
*غياب الدعم والاهتمام من سلطات أبين:
وفيما يخص وضع الدعم والاهتمام من سلطات أبين المحلية، عبّر أبو روعة عن أسفه الشديد لغياب التواصل والتفاعل معهم كفنانين ومبدعين من أبناء المحافظة ، وقال إن السلطات لم تتواصل معه أو مع غيره من المبدعين لتقديم الدعم أو الرعاية اللازمة لهم. كما أنها لم تقم بتنظيم فعاليات ثقافية أو تنشيطية تبرز مواهب أبناء المحافظة وتدعم إبداعاتهم.
وأكد أنه لا يعرف حتى اسم مدير مكتب الثقافة بالمحافظة بسبب غياب أي نشاط ثقافي رسمي يُذكر هناك ، مطالبا بتغيير مدير الثقافة الحالي وتعيين شخصية ذات خبرة وسمعة طيبة في المجال الثقافي والفني مثل أبو هند المحوري أو أحمد مشبح الفضلي؛ لأن هؤلاء يعتبرون مبدعين وقريبين من المبدعين الآخرين وسيعملون على تنشيط الجانب الثقافي والفني الذي يعاني من الركود منذ فترة طويلة. كما أشار إلى أنه لا يوجد دعم مالي أو معنوي حقيقي يأتيهم من الجهات الرسمية أو غير الرسمية؛ وكل ما يقومون به هو جهودهم الشخصية وإمكاناتهم الذاتية.
*أبين ثرية ثقافيا وفنيا:
أما عن الثراء الثقافي والفني في أبين، فقد أكد أبو روعة أن المحافظة تزخر بثقافة فريدة ومتنوعة جدًا تشمل الألحان والأصوات والرقصات المختلفة والمتعددة التي تعكس تراثًا ثريا ومتجذرًا عبر الأجيال.
وقال بأن هناك تنوع كبير في الفنون الشعبية والموروثات الثقافية التي تميز أبين عن غيرها من المناطق ، ومع ذلك، للأسف الشديد لا يوجد جهة تسلط الضوء على هذا التراث الثري ولا تعمل على تسويقه ونشره خارج حدود المحافظة وخارج البلاد بشكل فعال.
وأوضح أنه تلقى عدة دعوات للمشاركة في فعاليات ثقافية بمناطق ومحافظات أخرى؛ آخرها دعوة تلقاها من الشاعر الكبير محمد سالم الأحمدي للمشاركة في مهرجان شاعر شبوة؛ لكنه لم يتمكن من الحضور لأسباب شخصية خاصة به.
*نموذج يافع الملهم:
أشاد أبو روعة بأبناء يافع الذين قال بأنهم يعتبرون نموذجًا ملهمًا في دعم المبدعين والشعراء من أبناء منطقتهم ، ورعايتهم المستمرة للمواهب اليافعي ، حيث يقدمون لهم الدعم المعنوي والمادي ويشجعون على الإبداع بشكل مستمر.
كما أكد أن أبناء يافع يُولون أهمية كبيرة للحفاظ على التراث اليافعي الأصيل عبر تنظيم فعاليات سنوية لإحياء التراث الشعبي من غناء ورقصات وعادات وتقاليد قديمة.
وأضاف أن هذا الاهتمام يعكس روح الانتماء والوعي الثقافي لديهم، متمنيًا أن تحذو باقي المناطق حذو يافع في هذا المجال ليحافظوا على تراثهم ويطوروه.
*التعاون مع الفنان ماجد السعدي:
وفي سياق الحوار عن جهود الدعم والترويج لأعماله، ذكر أبو روعة أنه تعاون مع الفنان ماجد السعدي في إنتاج أغنيتين: "ذي ماشي معه بيجيب من وين" و"قال بو روعة الجو حالي". هذا التعاون كان خطوة مهمة لتعزيز حضور أعماله وإيصال رسالته الفنية للجمهور بشكل أوسع. وأوضح أن مثل هذه الأعمال المشتركة تساهم في إبراز المواهب المحلية وتشجيعها على الاستمرار رغم التحديات.
*معوقات النشر والتوثيق:
أما عن التحديات التي تواجهه كغيره من المبدعين، فذكر أبو روعة أن ضعف الإنترنت وعدم توفر جهاز محمول حديث يشكل عائقًا كبيرًا أمام نشر أعماله بسهولة وفاعلية ، وحالت دون تمكنه من تسجيل ونشر أعمال بجودة عالية.
وأكد أنه لو توفرت له فرصة الحصول على هاتف ذكي حديث واتصال إنترنت سريع ومستقر لتمكن بسهولة أكبر من توثيق ونشر إبداعاته واعماله من قصائد وسمرات وجلسات الدان بشكل دوري وعلى نطاق واسع.
*رسالة وكلمة أخيرة:
وفي ختام الحوار، وجه أبو روعة رسالة شكر للصحفي سامح جواس على إتاحته الفرصة للحوار، مطالباً السلطات المحلية المعنية بالجانب الثقافي في أبين برعاية المبدعين والمثقفين.
كما دعا إلى توثيق وإحياء التراث الأبيني الغني والمتنوع قبل أن يندثر أو يُنسب لمناطق أخرى.
وأكد على أهمية دعم المبدعين مادياً ومعنوياً ومنحهم فرص عمل تمكنهم من إعالة أسرهم وسط الظروف الصعبة التي يعيشونها.