الوطن العدنية/المصدر اونلاين
مر عام منذ اختطاف المقدم في الدفاع الجوي علي عشّال من مدينة عدن، في جريمة أشعلت الرأي العام وأثارت احتجاجات واسعة في محافظتي عدن وأبين، لكن القضية لم تشهد أي تقدم ملموس، وسط غياب تام للسلطات الأمنية والقضائية وتراجع الحراك القبلي والشعبي.
واختُطف عشّال، وهو قائد كتيبة في قوات الدفاع الجوي، في 12 يونيو 2024 من حي التقنية بمدينة إنماء بعدن، على يد عناصر مسلحة تابعة لقوات "مكافحة الإرهاب" التابعة للمجلس الانتقالي، التي كان يقودها آنذاك الضابط يسران المقطري.
ومنذ ذلك الحين، لم تُكشف أي معلومات حول مكان احتجازه أو ما إذا كان على قيد الحياة أو قد تم تصفيته من قبل تشكيلات مسلحة تابعة للمجلس الإنتقالي هي صاحبة السيطرة الفعلية على العاصمة المؤقتة عدن.
وعقب حادثة الاختطاف، شهدت مدينة عدن ومحافظة أبين سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات، شملت قطعاً للخط الدولي في أبين وتنظيم مظاهرات واسعة، أبرزها تظاهرة "مليونية عشّال" في ساحة العروض بعدن، التي قمعتها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
وعلى مدى الأشهر الماضية، تزايدت الدعوات الحقوقية المطالبة بفتح تحقيق شفاف في قضية اختفاء المقدم علي عشّال، غير أن الجهات المعنية لم تُبدِ أي استجابة ملموسة، وهو ما فتح الباب أمام اتهامات بتورط أطراف أمنية في إخفاء الحقيقة وتعطيل مسار العدالة.
وبعد مرور أكثر من عام على واقعة الإخفاء القسري، بدأت وتيرة المطالبات بالتراجع تدريجياً، وسط مخاوف لدى أسرة عشّال من أن تؤدي حالة الإنكار والتجاهل الرسمي إلى طيّ الملف دون محاسبة أو كشف للمصير.
وتُعد قضية المقدم عشّال من أبرز قضايا الإخفاء القسري في المحافظات الجنوبية، لما تعكسه من مؤشرات على ضعف أداء الأجهزة الأمنية، وغياب الشفافية في التعامل مع القضايا ذات البُعد الإنساني والعسكري في آنٍ واحد.
ورغم إصدار إدارة أمن عدن ووزارة الداخلية عدة بيانات متضاربة بشأن القضية، بما في ذلك إعلان فرار المتهم الأول في الجريمة القيادي في قوات الانتقالي يسران المقطري وآخر خارج البلاد، لم تسفر التحقيقات عن نتائج ملموسة، فيما لم تصدر أوامر قضائية واضحة بحق المشتبه بهم الرئيسيين.
وفي نوفمبر من العام ذاته، أكد محامون في الفريق القانوني المتابع للقضية أن عشّال لا يزال على قيد الحياة ويُعتقد أنه محتجز في عدن، لكن دون أي تأكيد رسمي أو خطوة فعلية للإفراج عنه.
تسلسل زمني
لم تُعد حادثة اختطاف المقدم علي عشّال، قائد كتيبة في الدفاع الجوي، مجرد واقعة جنائية معزولة، بل تحولت خلال عام إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في المشهد الأمني والسياسي بمدينة عدن، مع امتداد تداعياتها إلى الأوساط القبلية والشعبية في محافظة أبين، مسقط رأس الضابط المختطف.
وخلال فترة الإخفاء القسري التي امتدت لعام كامل، ظل مصير عشّال مجهولاً، بينما تصاعدت المطالبات بالإفراج عنه عبر احتجاجات ومظاهرات نظمها أهالي أبين، كان أبرزها تظاهرة "مليونية عشّال" في ساحة العروض بعدن، إلى جانب اعتصامات وقطع طرق، في ظل غياب موقف رسمي واضح وتضارب في الروايات الأمنية، ما زاد من تعقيد القضية.
وفيما يلي، يرصد "المصدر أونلاين" أبرز المحطات المرتبطة بقضية اختفاء المقدم عشّال، منذ واقعة الاختطاف وحتى فشل المساعي الرسمية والقبلية، في سياق يُسلّط الضوء على هشاشة المؤسسات الأمنية أمام تصاعد نفوذ التشكيلات المسلحة.
التاريخ. الحدث
12 يونيو 2024
اختطاف المقدم علي عشّال من منطقة التقنية بعدن على يد المسلحين في قوات الانتقالي
17 يونيو 2024
قبائل الجعادنة تقطع الطريق الدولي بين عدن وشبوة احتجاجاً على اختطاف نجلهم.
2 يوليو 2024
احتجاجات حاشدة في زنجبار عاصمة محافظة أبين للمطالبة بكشف مصير عشّال.
3 يوليو 2024
بيان من إدارة أمن عدن يعلن القبض على المتهم سميح عيدورس النورجي، الذي أفرج عنه لاحقا بضمانة يسران المقطري الذي فر معه إلى خارج البلاد بعد ذلك.
5 يوليو 2024
اشتباكات بين قوات أمنية وعناصر مشتبه بها في عملية الاختطاف، ما أسفر عن مقتل الجندي عبدالله الشكلي أثناء محاولة الهجوم على سائق الحافلة المستخدمة في عملية الاختطاف.
9 يوليو 2024
قررت اللجنة الأمنية العليا (من الدفاع، والداخلية)، إيقاف قائد وحدة مكافحة الإرهاب، يسران المقطري، وإحالته للتحقيق في ارتباطه بقضية اختطاف المقدم علي عشّال.
14 يوليو 2024
النائب العام، القاضي قاهر مصطفى، يكلف القاضي عزام إبراهيم رئيس المكتب الفني بديوان النيابة العامة بالتحقيق في القضية، نظراً لتحولها إلى قضية رأي عام.
16 يوليو 2024
تظيم قبائل أبين تظاهرة تحت مسمى "مليونية عشّال" في ساحة العروض بعدن، للمطالبة بالكشف عن مصير عشال، وقد تعرضت هذه التظاهرة لقمع وحملات اعتقلات واسعة من قبل قوات الانتقالي.
28 يوليو 2024
عقدت قبائل أبين لقاءات موسعة في عدن، ومنحت السلطات مهلة حتى 2 أغسطس للإفراج عن المقدم علي عشّال، مهددة بالتصعيد في حال عدم استجابة السلطات لمطالبهم.
1 أغسطس 2024
إدارة أمن عدن تعلن عن فرار قائد وحدة مكافحة الإرهاب، يسران المقطري، ونائبه سامر الجندب إلى خارج البلاد في 16 يونيو، وتصدر مذكرة ضبط قهرية بحقهما لاتهامهما في قضية اختطاف المقدم عشّال.
2 أغسطس 2024
المقطري يرد على البيان الرسمي ويتهم الأمن في عدن بالفبركة.
3 أغسطس 2024
قبائل أبين تنظم مظاهرة ثانية في ساحة العروض بعدن أطلقوا عليها "المليونية الثانية"، وتمكنت من إقامة التظاهرة رغم محاولات قوات الانتقالي لوقفها، وأسفرت الاشتباكات عن وقوع إصابات بين الحشود برصاص قوات الانتقالي.
7 أغسطس 2024
وزارة الداخلية تقول إن السلطات القضائية في عدن لم تصدر أي أوامر ضبط بحق المتهمين في قضية اختطاف المقدم علي عشّال، في مقدمتهم يسران المقطري قائد وحدة مكافحة الإرهاب في قوات الانتقالي.
17 أغسطس 2024
لجنة متابعة قضية المقدم عشّال تعلن عن بدء اعتصام مفتوح في زنجبار احتجاجاً على تجاهل السلطات لمطالبهم بالكشف عن مصير المقدم، مؤكدةً استمرار الاعتصام حتى الكشف عن مصيره وإطلاق سراحه.
15 سبتمبر 2024
قبائل أبين تعاود قطع الطريق الدولي بين عدن وشبوة، في خطوة تصعيدية جديدة للضغط على السلطات لاستئناف التحقيقات وكشف مصير المقدم علي عشّال.
12 أكتوبر 2024
قبائل أبين تعقد اجتماعاً تشاورياً لبحث خيارات جديدة للتصعيد في قضية اختطاف المقدم علي عشّال، مستنكرة تقاعس السلطات الأمنية في عدن في الكشف عن مصيره.
6 نوفمبر 2024
المحامي عدنان الجنيدي، عضو الفريق القانوني المتابع لقضية "عشال" يعلن أن معلومات تفيد بأن المقدم علي عشّال ما زال على قيد الحياة ويحتجز في محافظة عدن، ولم يُنقل إلى مكان آخر.
11 نوفمبر 2024
مسلحون قبليون من قبيلة الجعادنة يقيمون قطاعاً قبلياً على الطريق العام في منطقة "لحمر" بمديرية مودية، مطالبين بالكشف عن مصير المقدم علي عشّال، في خطوة تصعيدية جديدة، حيث منعوا مرور المركبات العسكرية.
31 ديسمبر 2024
قبيلة الجعادنة تعلن فشل وساطة وزير الدفاع محسن الداعري، التي سعت للكشف عن مصير المقدم علي عشّال.
ومع بداية 2025، شهدت القضية تراجعاً ملحوظاً في الاهتمام الشعبي والقبلي، رغم محاولات متفرقة لإعادة تحريك الملف، كان آخرها في يونيو الجاري، حين دعت قبائل الجعادنة إلى تنظيم تظاهرة جديدة في عدن.
إلا أن قوات الانتقالي منعت دخولهم إلى المدينة، ما دفعهم إلى تنفيذ قطاع قبلي على الخط الدولي في منطقة "حسان" بمحافظة أبين، قبل أن يتم رفعه لاحقاً بعد انتشار قوات أمنية على الخط الساحلي.
مصادر محلية في أبين أعربت عن استغرابها من فتور الموقف الشعبي والرسمي حيال مصير الضابط المختطف، مشيرة إلى أن حالة الإحباط واليأس من تجاوب الجهات المعنية قد تكون أحد أسباب هذا التراجع، إضافة إلى ما وصفوه بمحاولات "التعتيم الممنهج" على مجريات القضية.
وفي إطار إعداد هذا التقرير، حاول مراسل "المصدر أونلاين" التواصل مع عدد من مشايخ قبيلة الجعادنة، وأسرة المقدم علي عشال، وأعضاء في الفريق القانوني المكلف بمتابعة قضيته، غير أن أياً منهم لم يرد على الاتصالات المتكررة، ما يُضيف مزيداً من الغموض حول مصير المقدم عشّال، ويعكس ربما حالة من الحذر أو فقدان الثقة في الإجراءات القانونية.
وتأتي هذه التطورات في وقت لا تزال فيه الجهات الأمنية في عدن تمتنع عن الإدلاء بأي تفاصيل جديدة حول القضية، فيما لم يُسجل أي تطور في ملف الملاحقات القضائية للمشتبه بتورطهم في واقعة الاختطاف، وعلى رأسهم القائد السابق لقوات مكافحة الإرهاب، يسران المقطري، الذي تتهمه أسرة عشّال بالوقوف وراء الحادثة.
وتقول منظمات حقوقية يمنية إن قضية عشّال تُمثل نموذجاً لفشل مؤسسات الدولة في التعامل مع قضايا الإخفاء القسري، وتثير مخاوف بشأن تآكل الثقة الشعبية في الجهازين الأمني والقضائي، في ظل ما يصفه مراقبون بـ"هيمنة التشكيلات المسلحة على القرار الأمني في عدن".
ولا تزال منظمات حقوقية تطالب بإجراء تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات الاختفاء، وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة، وسط استمرار المخاوف من أن تنتهي القضية دون محاسبة.