الوطن العدنية/العرب اللندنية
تحولت المطالبة بالحكم الذاتي إلى "عدوى" متنقلة عبر المناطق الواقعة ضمن مجال السلطة الشرعية اليمنية، وعلامة على اشتداد أزمتها التي حدّت من قدرتها على النهوض بمهامها الأولية في توفير أساسيات العيش لسكان تلك المناطق من خدمات وغيرها.
وأصبحت تلك المطالبة لصيقة بتظاهرات مطلبية ينظّمها سكان بعض المدن احتجاجا على ظروف الحياة الصعبة وعدم توفّر الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصرف صحّي.
وبرز شعار الحكم الذاتي هو الحلّ مجددا في مظاهرة شعبية بمدينة زنجبار مركز محافظة أبين شرقي عدن نظمها المجلس التنسيقي لأبناء أبين المحافظة وردّد المشاركون فيها هتافات منددة بما سماه المتظاهرون “الإهمال المتواصل والتهميش المتعمد لأبين“.
وأصدر المجلس خلال التظاهرة بيانا شدّد فيه "على حق أبناء أبين في تقرير مصيرهم بأنفسهم بعيدا عن الوصاية أو الإقصاء،" داعيا إلى "تحرك شعبي شامل لاستعادة القرار المحلي وتمكين الكفاءات الوطنية من إدارة شؤون "المحافظة.
كما حذر البيان من كارثة إنسانية وشيكة نتيجة الانهيار المستمر للخدمات مطالبا الجهات المختصة بتحمل مسؤولياتها واتخاذ خطوات عاجلة لإيقاف التدهور، وإنصاف أبناء أبين بعد سنوات من الحرمان.
واختتم المجلس بيانه بدعوة جميع القوى المجتمعية والرسمية في أبين إلى "التكاتف والعمل على بناء مشروع وطني حقيقي يستجيب لتطلعات المواطنين ويعيد للمحافظة دورها ومكانتها،" مؤكدا "أن المطالب التي خرج من أجلها المواطنون سلمية ومشروعة، ولن يتم التراجع عنها حتى تتحقق بالكامل".
وبهذا الحراك تحذو أبين حذو محافظة حضرموت أكبر محافظات اليمن مساحة وأكثرها غنى بالثروات الباطنية والتي اتخذت دعوة الحكم الذاتي فيها طابعا أكثر تأطيرا وتنظيما على يد حلف قبلي محلّي.
وقطع حلف قبائل حضرموت خطوات عملية باتجاه تجسيد مشروعه في الحكم الذاتي بإصداره مؤخرا وثيقة لـ"المبادئ السياسية للحكم الذاتي" جاءت حاملة لملامح دولة قائمة الذات وواسعة الصلاحيات ومهيأة لإعلان استقلالها في اللحظة المناسبة.
وقال مصدرو الوثيقة إنّها تمثّل الإطار لـ”مشروع جامع لتطلعات أبناء حضرموت، وقاعدة تأسيسية لمستقبل حضرموت السياسي والاقتصادي والتنموي،” داعين “كافة الحضارم بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسة للمشاركة في تطويرها وتشكيل اصطفاف وطني حضرمي واسع خلفها،” ومعتبرين أن “إعلان الوثيقة يعد الخطوة الأولى نحو عقد اجتماعي حضرمي جديد يعيد القرار إلى أهله.”
وعلى غرار ما هو جار في أبين حاليا كان الحراك القبلي في حضرموت قد انطلق قبل أن يتدرّج إلى المطالبة بالحكم الذاتي من مطالبات بتوفير الخدمات وتحسين ظروف عيش سكان المحافظة باستخدام المقدّرات المتوفّرة في محافظتهم.
وتعيش محافظات يمنية أخرى واقعة ضمن سلطة الحكومة المعترف بها دوليا من بينها عدن وتعز والضالع أوضاعا اقتصادية واجتماعية وخدمية مشابهة لأوضاع أبين وتشهد على غرارها حراكا احتجاجيا كثيرا ما يصل منسوب الغضب الشعبي خلاله إلى إدانة الحكومة والتشكيك في شرعيتها.