«الوطن العدنية»كتب/وليد الماس العبدلي
بيان المجلس الانتقالي الجنوبي الأخير، وذلك بدعوته بضرورة تنحية الحكومة الفاسدة المعروفة بالشرعية، كان قرارا صائبا وجريئا، ونؤيده وندعمه بكل قوة.
فهذا البيان رغم أنه جاء متأخرا، وكنا بصدد صدوره في وقت مبكر من الأن، إلا أنه وضع النقاط على الحروف فكان حاسما ومهما.
نحن نرى هنا أنه يجب إن تنفذ محتويات البيان بحذافيرها، وإن تزول شلة الفساد، وتقطع جميع أوصالها والشرايين التي تغذيها وتبث الروح في جسدها بأقرب وقت ممكن، حتى يستريح الشعب من غيها وشرورها.
فالفترة القادمة عمليا هي المرحلة الحاسمة لتحويل الأقول إلى أفعال، والبيانات والشعارات إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع.
نتمنى إن يكون قد سبق بيان المجلس الانتقالي هذا تنسيق مسبق، وذالك بين قيادة المجلس الانتقالي من جهة، وبين السعوديين وشركائهم في الإمارات من جهة أخرى، حتى لا يحدث أي تصادم أو تضاد بالمصالح بين الطرفين.
فمثل تلك التفاهمات تمثل أرضية ارتكاز صلبة، حيث تساعد بالضرورة على التخلص من الحكومة الدغرية الرخيصة بأسلوب سلس، وتجنب البلد المزيد من دورات العنف، وتضمن الحصول على الدعم والتمويل الكافي لنظام الحكم الوليد والبديل، وتساهم بالقدر المطلوب في تحسين المستوى المعيشي للجنوبيين المغلوبين على أمرهم، وتمثل خطوة جبارة وجريئة على سبيل استعادة الدولة وبناء مؤسساتها المدنية والعسكرية.
الخوف بل كل الخوف يكمن في فرضية عدم وجود تفاهمات من أي نوع، بين قيادة المجلس الانتقالي والشركاء الخليجيين، مما يعني إن هناك قرارات اعتباطية وغير مدروسة قد اُتّخذت، وهناك بالمقابل صدام متوقع حدوثه بين الطرفين في رؤيتهما للتعاطي مع طبيعة الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعصف بالجنوب.
وكل ذلك يعكس رغبة الحلفاء الخليجيين في ممارسة المزيد من الضغوط على المجلس الانتقالي وقيادته، للعمل على ثنيهم على تنفيذ ما ورد في بيانهم، كما إن المبعوث الأممي في نفس الوقت سيلعب بدوره دورا تفاوضيا مع صناع القرار في أروقة المجلس الانتقالي، لإقناعهم بالتراجع عن نيتهم بالتصعيد الشعبي.
في تقديري الشخصي سيرضخ الانتقاليون في نهاية المطاف لمطالب ورغبات الحلفاء، وسيقبلون بالتهدئة، وستدغدغ العواطف بإن المجلس الانتقالي قد وصل إلى مرحلة مهمه ومتقدمة، وحقق انتصارات سياسية ساحقة، ووصل إلى محافل الأمم المتحدة، وانتزع اعتراف وشهرة واسعتي النطاق.
بالتأكيد مسألة التهدئة والتريث في أي خطوة مقبلة، ستمثل تلك الأصبع الذكية التي تنزع فتيلة الديناميت الشعبي المشحون، وتحتوي زخمه وحماسه ووهجه في مواجهته وتصديه لحكومة تمادت في الظلم والتجبر والطغيان، وشرعت في حرب غير معلنة عليه، وتراخت في القيام بواجباتها تجاهه.
مما يعني إن ثورة الجياع التي نحن بصددها ويتطلع الجميع بفارغ الصبر لها، قد تُفرغ من أي مضمون إيجابي لها في أي لحظة إذا ما سارت الأمور على هذا المنوال.
نتمنى على المجلس الانتقالي باعتباره يضم في طياته مكونات وهيئات جنوبية توحدت مؤخرا تحت رأيته، إن يستمر في تصعيده ودعواته للشارع للخروج في مواجهة الحكومة وعبثها تحت مختلف الظروف والأحوال.
يحدونا التفاؤل الحذر في نجاح الهبة الشعبية الجنوبية المباركة، لإعادة الأمل إلى نفوس أصابها القنوط واليأس، وتجنيب البلد ويلات مجاعة وشيكة، تكاد لا تستثني أحدا.
والله على مانقول شهيد.