مقالات وكتابات


الخميس - 12 نوفمبر 2020 - الساعة 06:44 م

كُتب بواسطة : أحمد الربيزي - ارشيف الكاتب


خلال اليومين الماضيين تجولت في مدينة (الشيخ عثمان)، ولا أخفي انقطاعي عنها منذ عدة سنوات، حتى وان مريت فيها من سابق فأني مروري لا يتعدى الخط العام الواصل من جولة كالتكس الى جولة السفينة.

عصر يوم أمس واليوم، كنت في الشارع الرئيس لمدينة الشيخ عثمان (شارع مسجد النور) اتجول وسط زحمة المساء قبل وبعد المغرب، هذا الشارع الفسيح، الذي تضيق المسافات في جوانبه على حركة المرور وتمر فيها السيارات تئن متثاقلة تحاول بصعوبة المرور وسط أكوام المارة، وهتافات الباعة الذين يتبارون في ارتفاعها، بمكبرات الصوت، كل تلك الضوضاء وان كانت مزعجة الا انها تشعرك بالحياة ونبضها المتسارع..

رأيت مدينة الشيخ عثمان وكأنني أراها لأول مرة في منتصف شارعها الرئيس تفترش خيرات الأرض بكل ما زخرت به من خضار وفواكه تتضاحك مع حركات المصابيح المدلاة بتقنية بدائية والمتراقصة على صوت ماكنات التوليد المتعددة.

وبجوار الخضار والفواكة، تظهر كافة سلع الدنيا تترائ ممتدة الى مالانهاية ترتفع وتهبط بمقدار الطاولات الني تحملها، وتختلف في اصنافها وكمياتها، ونوعيتها، بأختلاف باعتها،

مضيت وانا اتأمل بسعادة هذه الصور الجميلة بكل ما تحمله من نمط طبيعي تلقائي لحركة البيع والشراء في الأسواق الشعبية، وأكثر ما اسعدني ان عدن تشهد حركة سوق غير عادية، لا أدري ما حجمها مقارنة بالاعوام السابقة ولكن الازدحامات في كل شوارع مدينة الشيخ عثمان تنم عن تنامي حركة السوق، وهنا دلائل كثيرة تدل على الازدهار الذي تشهده بدءاً من ارتفاع أسعار شراء وتأجير العقارات، الى حجم حركة وكثافة المواطنين في هذه الأسواق، وحجم البضائع المتداولة.

مشيت نحو وسط الشارع، وروائح الشوى تفوح من الطرف الآخر، وخطوات أخرى متثاقلة وسط الزحام جعلتني أمام الفل والكاذي الذي تشبّع انفي بروائحه الزكية، وبمروري شملت وجهي حبات من رذاذ الماء التي يوزعها البائع على عقود الفل التي أمامه، وتحاشيت دعواته وهو يمد احد العقود، ونظرت الى الأعلى وبالكاد شاهدت (شرنفات) مسجد النور وهي تعلن عن نفسها من خلال أصوات المصلين (آمين)، خلف التلاوة القرأنية التي تشق طريقها برتابة وسط ضوضاء المدينة المثقلة بالظلمة، وجدت طريقي بين أكوام المارة، ومضيت بمحاذاة الرصيف الذي وجدته في الجانب الآخر وكأنه جزر متناثره بين أكوام البضائع التي تتنافس في عرقلة خطواتي البطيئة، حتى وصلت الى أحدى المحلات التجارية التي تزخر بكل ما ترغب من أدوات كهربائية والكترونية، وبأحدث الصناعات وأفخر الماركات، نظرت الى البائع الذي يحمل ألة حاسبة صغيرة منشغلاَ ويتفاوض مع زبائنه.

خرجت من المحل ومضيت في رحلتي وصولاً الى شارع الشهيد عبدالقوي الذي اذهلني بمحلاته التجارية الضخمة ونظافته الملحوظة وانتظام حركة المرور فيه نسبياً، وارصفة الشارع فيه جميلة وغير محتلة من الباعة المتجولين، تمنيت أن يتخصص هذا الشارع التجاري الجميل بصنف معين من البضائع كالالكترونيات - مثلاً ، أسوة بالشوارع القديمة في الشيخ عثمان وكريتر مثل (سوق الذهب) وسوق الحدادين والخ.

وانا عائد الى منزلي في خورمكسر الهادئة نسبياً منتشي بما رأيت من حركة السوق، الحركة الدؤبة النابض بالحياة والحيوية، حتى وان كانت تشوبها بعض العشوائية الا انها تشعرك بنماء هذه المدينة واعرف ان كثير ممن يقرأ هذا الأسطر سيرى الوجه الآخر المشوب بالفوضى، وغياب اللمسة الجمالية الا انني أرى سهولة إيجادها بقليل من العمل.

عموما لا يستطيع احد إنكار ما شهدته عدن وتشهده من توسع معماري ونشاط تجاري ملحوظ، سينعكس على حياة الناس في حال استطاعت الدولة تنظيمه، وتنظيم مواردها من الضرائب والجمارك، ومنعت الجبايات الغير قانونية، ومحاربة الفساد في المؤسسات القائمة على جباية الضرائب.

وأعلم ان هذا التوسع العمراني الكبير وبشكله العشوائي ومع غياب التنظيم وغياب مواكبة المؤسسات الخدمية للتوسع، قد انعكس سلباً على عمل المؤسسات، وبالتالي خلق معاناة اضافية على كاهل المواطن جراء غياب وتدهور المؤسسات الخدماتية.

الخلاصة..
التطور العمراني وتطور حركة السوق، وتنظيم سليم للجبايات القانونية للضرائب والجمارك ومكافحة الفساد فيها، سيوجد موارد ضخمة جدا لخزينة المحافظة َ، كفيلة بان تنهض بعمل المؤسسات الخدماتية.

للحديث بقية ان شاء الله تعالى

#أحمدالربيزي