مقالات وكتابات


الأحد - 28 أكتوبر 2018 - الساعة 04:19 م

كُتب بواسطة : أ. محمد الدبعي - ارشيف الكاتب


عاصفة الحزم - مشروع نيوم ورؤية  2030 - صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية - إنشاء حلف "ناتو عربي" لمواجهة إيران.
عناوين سياسات خطتها السعودية و أمريكا، وبنت إستراجيتها على وجود الأمير محمد بن سلمان.
فياترى كيف ستتشكل مسارات خريطة الاحداث، وسياسات امريكا في الشرق الأوسط، وإلى أين ستأول الامور في السعودية عامة، وفي الأسرة المالكة بصفة خاصة. جريمة قتل خاشقجي ستكون محور التحولات والتبدلات في الأحداث والمواقف، وتبدل مواقع قطع الشطرنج في الأسرة المالكة السعودية نفسها، لأن الجريمة ستلقي بظلالها على الوضع برمته، وما بعدها لن يكون كما قبلها. وهنا تجدر الإشارة إلى دخول اللاعب الحاسم في هذه المتغيرات والاحداث، والذي لا يمكن تجاوزه بحال، وهو اللاعب التركي القوي الذي يمسك بكامل خيوط اللعبة.
تحولت قضية خاشقجي إلى قضية رأي عام عالمية، وسط تلميحات من السلطات التركية بتورط بن سلمان، الذي كان على بعد خطوة من إعتلاء العرش، لذلك يطالب زعماء العالم الكشف عن القاتل ومعاقبته. وبعد أسبوعين من النفي والارتباك في الديوان الملكي، اعترف النظام السعودي بمقتل خاشقجي في قنصلية اسطنبول، وزاد عليها المدعي العام السعودي أنها عملية قتل متعمدة، والتحقيق لا يزال جار للكشف عن جميع المتورطين ومحاسبتهم.
أزمة خاشقجي فرصة ذهبية بيد ترامب للضغط على السعودية في عدة مجالات، وتحديداً في ما يتعلق بالشأن الاقتصادي، والإستمرار في حلب البقرة السعودية حيث أصبحت جثة خاشقجي أغلى جثة في التأريخ كما قال طلال سلمان رئيس تحرير جريدة السفير. ومما ظهر إلى الآن من المواقف المتذبذبة للإدارة الأمريكية يتضح أن واشنطن تحاول التستر على ابن سلمان بغية  تمرير بعض المصالح وأهمها صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية وإنشاء حلف «ناتو عربي» لمواجهة إيران وصفقات السلاح الخيالية، لكن إنقاذه في الحقيقة يحتاج إلى معجزة إلهية لأن الخناق ضاق جدا حول عنقه إلى درجة يستحيل معها فكاكه، ولأن الدولة التركية هي من تمسك بطرفي الحبل، ولا أظنها ستسمح بذلك.

عاصفة الحزم!
اهتز النظام السعودي بقوة أفقدته توازنه ولا شك، وأظهرت إلى العلن ضعف موقفه، بالتوازي مع خسائره الإقتصادية والسياسية والأخلاقية في حربه اليمنية العبثية عاصفة الحزم.
فالحقيقة الناصعة الآن هي أن عاصفة خاشقجي أصابت النظام السعودي في مقتل، ما يعني أن مستقبل الأمير الطامح أصبح في حكم المنتهي.
لقد اشترى بن سلمان لفترة طويلة صمت المجتمع الدولي على قتل وتجويع الشعب اليمني بملياراته النفطية، ودفع ملايين أخرى من اجل تحسين صورته أمام العالم، وملايين إضافية  على الذباب الإليكتروني، إلا أن كل ذلك بآء بالفشل الذريع، والأهم في الموضوع أنه لم يعد هناك مجال للتستر عليه في قضية تحولت إلى رأي عام عالمي، ولا لمساعدته. لقد تجاوزت القضية المواقف البراغماتية للدول، وغدت موضع نقاشات على مستوى البرلمانات والصحافة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، حتى الرئيس الأمريكي نفسه رفع نبرة صوته ليطالب بمحاسبة المجرمين وتحقيق العدالة، ويشير بأصابع الإتهام إلى بن سلمان.
عزلة سياسية وأخلاقية وحقوقية دولية فرضت على النظام السعودي اسبابها لا تقتصر على قضية خاشقجي فحسب، بل إن الكارثة الإنسانية التي خلفتها عاصفة الحزم تتحمل وزرها بشكل أساسي المملكة.

لو تفحصنا الوضع العام الحالي لليمن من ناحية القوى على الارض لوجدناها في الحقيقة مجموعات غير متناغمة ولا متجانسة من الألوية العسكري المبعثرة، ومليشيات خارجة عن القانون ذات انتماءات مختلفة وأيديولوجيات متضاربة، وحكومة بلا ميزانية ولا موارد مالية ولا منافذ إستراتيجية.
اما جغرافيا فنجدها مقطعة إلى أقاليم ليست هي اقاليم مخرجات الحوار الوطني، وإنما اقاليم القوة المفروضة على الأرض من قبل قوى التحالف. مناطق تحت سيطرة المملكة، وأخرى تحت سيطرة الإمارات، وبعضها لا تزال تحت نير الإحتلال الحوثي، وماتبقى منها المفترض ان تكون تحت سيطرة الشرعية، لكنها مليئة بالكيانات المعادية للشرعية وتخدم أجندة خارجية.

ماهي الإحتمالات المستقبلية:
أصوات إيقاف الحرب في اليمن اليوم أعلى من ذي قبل نتيجة السياسات السعودية الفاشلة، وما جريمة القنصلية إلا كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فالنظام السعودي لم يعد مهتما بها، فقد تغيرت أولوياته، واحتمالية أن يغلق المشهد كبير جدا وبوتيرة سريعة. فإذا ما انسحبت السعودية من حربها في اليمن فإن الإمارات ستبحث لنفسها عن مخرج آمن، ولا نستغرب لو سمعنا او قرأنا أن الولايات المتحدة تطالب بإنها حرب اليمن، وأرى ذلك قريبا جدا.

أ. محمد الدبعي