الوطن العدنية / كتب بواسطة : بسام البان
يعتبر التوجيه المعنوي العامل المخطط الواعي والهادف إلى إعداد وبناء منسوبي القوات المسلحة إعداداً ذهنياً ونفسياً ومعنوياً، لذلك فهو النشاط الذي يتعامل مع عقول ووجدان المقاتلين بصورة شفافة وبالغة الحساسية باعتباره يجري في أوساط مؤسسة مدججة بالأسلحة والمعدات التكتيكية الحربية ويضطلع بالتوجيه السليم والمتقن لنشاط أبنائها نحو تحقيق البناء العسكري النوعي الحديث والمتطور ورفع مستوى جاهزيتها القتالية وصولاً إلى تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد.
وعبر كافة الحقب من التاريخ العسكري للجيوش ثبت جلياً وبصورة لا تدع مجالاً للشك أن الحالة النفسية والمعنوية للقوات تمثل العامل الفاعل وعنصر الحسم في ميادين القتال، وقد برهنت العديد من الأحداث والوقائع والمواقف العسكرية في الحروب الحديثة والمعاصرة على صحة المقولة العسكرية القائلة (إن الجيوش لا تقاس بعددها أو بما تمتلك من العدة والعتاد الحربي، بل تقاس بمستوى الحالة المعنوية لدى منسوبيها).
في ضوء ذلك وإدراكاً من القيادة السياسية والعسكرية للبلاد واستيعابها السليم والأمثل لأهمية ومكانة ودور التوجيه المعنوي في حياة القوات المسلحة شكلت هذه المسألة أبرز وأهم أولوياتها باعتبار الجاهزية القتالية القوية للقوات والقدرة الدفاعية للبلاد تعتبر صمام أمان السيادة والوحدات والمنجزات والضامن الحقيقي لتأمين مسار البناء والتنمية.
والتوجيه بمفهومه الشامل "عملية مستمرة في المجتمع، فالفرد بحاجة دائماً للتوجيه في جميع مراحل حياته ومن كافة أجهزة المجتمع، لمواجهة ما يقابله من مشكلات خاصة بكل مرحلة، لأن الإنسان يتفاعل دائماً مع متغيرات البيئة المحيطة به".
والتوجيه المعنوي على وجه خاص دعامة أساسية ومهمة في تحفيز ودفع عملية البناء والحراك الاجتماعي والحضاري، فهو عملية تعليم مستمرة تهتم بالفرد كعضو في جماعة من أن حقه أن يوجه ويتعلم، ويفترض فيه الاستعداد لتقبل هذا التوجيه والتعلم.
وهو حق أصيل لكل فرد مسلم في القوات المسلحة، لأنه يقوم على ربطه بخالقه وإخلاص العبادة له، والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف في كافة شؤونه وتصرفاته، وما ينبني على ذلك من سلامة نفسيته وروحه المعنوية تبعاً لوضوح الأهداف لديه ومشروعيتها، ويرتفع نتيجة ذلك وازع الرقابة الذاتية في كل ما يؤديه من عمل (قولي أو فعلي)، يصب في مصلحته الخاصة، او في المصلحة العامة للقوات المسلحة والوطن.
ذكر (إبراهيم حافظ إبراهيم) في تقديمه كتاب (التوجيه فلسفته وأسسه ووسائله) تعريفاً للتوجيه بأنه : "عملية تفاعل قيادية بين طرفين أحدهما الموجه والآخر الموجه تستهدف التعاون على استقصاء طبيعة الموقف بقصد التوصل الى معرفة أمثل الحلول الممكنة وبغرض معاونة الموجه على مساعدة نفسه باختيار الحل الذي يلائمه والاضطلاع بمسؤولية تنفيذه".
وأورد الأستاذ (محمد جمال الدين محفوظ) في دراسة له بعنوان : (التوجيه المعنوي دعامة الكفاءة القتالية للقوات المسلحة) تعريفاً للتوجيه المعنوي بأنه "اتخاذ التدابير ووسائل التأثير على العواطف والسلوك الإنساني لبناء الروح المعنوية لدى الأفراد على النحو الذي يدفعهم لتقديم أقصى طاقاتهم لتحقيق أقصى درجات الكفاءة في الأداء".
ويقصد بالتوجيه المعنوي للقوات المسلحة من وجهة نظر الكثير من الباحثين والدارسين "اتخاذ الإجراءات والأساليب التي تكفل التأثير على روح الفرد بحيث تعطيه قوة دفع معنوية لأداء الأعمال المناطة به، والمحاور الأساسية لهذا التوجيه (تكثيف التوعية الإسلامية وتنمية الوازع الديني والأخلاقي، تنمية وتعزيز الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية، تعميق الشعور بالوطنية والمواطنة وفق المنهج الشرعي والعرف العسكري للقوات المسلحة اليمنية)، وذلك ليصل الفرد إلى مرحلة من ارتفاع المحفز المعنوي الداخلي ومن ثم التعامل مع واجباته اليومية وما يناط به من أعمال وفقاً لمبدأ الرقابة الذاتية بغض النظر عن ما يمارس عليه من رقابة رسمية.
والتوجيه المعنوي بهذا المفهوم ليس جديداً ولا بدعاً من القول في تاريخ الإسلام، فقد مارسه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وصحابته من بعده، والتابعين لهم بإحسان، وعلى مر العصور الإسلامية المزدهرة، وذلك في تحفيز المجاهدين في سبيل الله ضد أعدائهم إما الشهادة و إما النصر، وعلى مستوى عمل اليوم والليلة في فترات الهدوء والاستقرار.
وبهذا نجد أن التوجيه المعنوي أسهم إسهاماً فاعلاً ومؤثراً في بناء قوات مسلحة قوية ومتسلحة بجوهر ومضامين العقيدة الإسلامية السمحاء ومؤهلة تأهيلاً علمياً ومدربة تدريباً قتالياً عالياً وتمتلك الحصانة الفكرية والثقافية ضد كافة الأفكار الهدامة والضلالية والولاءات الضيقة.
ومن هنا يمكن القول بثقة إن هذه المؤسسة العملاقة قد وصلت إلى مستوى عالٍ من البناء النوعي والإعداد المتقن والواعي وأصبحت في وضع يمكنها من التنفيذ الخلاق والمبدع لكافة المهام والواجبات وفي مختلف الظروف والأوقات وذلك بفضل وعناية واهتمام القائد الأعلى للقوات المسلحة فخامة المشير "عبدربه منصور هادي" ودعم ومساندة قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة وجهود العميد "علي منصور الوليدي" مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة.
* ركن توجيه معنوي سابقاً بالحماية الرئاسية - عدن