مقالات وآراء

الجمعة - 07 يونيو 2024 - الساعة 07:24 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ"حسن الكنزلي"


في أحضان الأرض الغنية، حيث تتجسد عظمة الخالق في خلقه، هناك تساؤل جوهري: من أين يأتي غذاء النبات؟ هل هو من صنع الإنسان أم من عطاء الخالق في الطبيعة؟

السماد العضوي، أو الكمبوست، هو نتاج الطبيعة الأم، مُشكّل من بقايا الحياة النباتية والحيوانية. يتكون في دورة طبيعية تعمل على تحليل المواد العضوية بفعل الهواء والماء والزمن، ليعود بالنفع على التربة، مُثرياً إياها بالمغذيات ومُحسناً خصوبتها.

الأسمدة الكيماوية، من جهة أخرى، هي إبداع العقل البشري، مُركبة في المختبرات لتوفير العناصر الغذائية الأساسية للنبات بشكل مكثف وفوري. تُعطى للنبات كالدواء، سريعة الذوبان والتأثير، لكنها قد تترك آثاراً سلبية على التربة والمياه الجوفية.

السماد العضوي، بتنوعه وتكامل مكوناته، يُغذي التربة ويُحسن من بنيتها، يُعزز الحياة الدقيقة فيها، ويُحافظ على رطوبتها، مما يُساهم في إعادة بناء التربة. يُعلم النبات الصبر، إذ يجب أن ينتظر حتى تتحلل المغذيات وتصبح جاهزة للامتصاص.

في المقابل، تُقدم الأسمدة الكيماوية الغذاء للنبات بسرعة، لكن بشكل محدود وقد تُشكل عائقاً أمام تنفس التربة وقدرتها على الاحتفاظ بالماء. واستخدامها المتكرر قد يؤدي إلى تراكم الأملاح، مما يضر بالنبات والتربة على المدى الطويل.

على الرغم من أن السماد العضوي قد يكون أكثر تكلفة وجهداً في الإنتاج، إلا أنه يُقدم للتربة والنبات والإنسان هدية الطبيعة الخالصة. بينما تُقدم الأسمدة الكيماوية حلاً سريعاً، لكنها قد تكون مكلفة على المدى البعيد.

الاختيار بين الطبيعة والصناعة، بين الأصالة والتجديد، بين الصبر والسرعة، يظل قراراً يُحدده كل زارع بحكمة، بناءً على ما يُناسب أرضه ومحصوله.

وأختم بمثل يُلخص الفكرة: التربة الخصبة كجهاز هضمي سليم يستفيد من المغذيات البسيطة، وتظهر فوائده على النبات والمحصول بوضوح، بينما التربة الأقل خصوبة كجهاز هضمي مريض لا يستفيد من المغذيات بشكل كامل. وهكذا، فإن التسميد العضوي يُعد استثماراً طويل الأجل يُثمر عن تربة خصبة ونباتات صحية، وهو ما يجب أن يُدركه كل زارع ليُحقق الاستفادة القصوى من أرضه.
والله تعالى أعلم!
وأدام الله السلامة للجميع!