الوطن العدنية/مقال لـ"د.غسان عبادي"
بينما كنت عائداً من جامعتي الفتية جامعة أبين إلى مدينتي الحبيبة البريقة بعد أن أديت محاضراتي بالرغم أنني لم استلم راتبي لشهرين متتاليين أكتوبر ونوفمبر ودخلنا في شهر ديسمبر ونحن منتظرين بفارغ الصبر الرواتب لتسديد بعض الديون المتراكمة كي يأذن لنا التاجر بفتح باب الدين لشراء بعض احتياجات أسرتي الأساسية فقط بعد أن حرمنا من شراء التحسينات من فواكة ودجاج ولحم وبيض واجبان وغيرها ...
توقف باص جامعتنا في آخر محطة وهي مدينة إنماء وكانت الساعة الثالثة عصراً، وكنت منتظر أي باص أو دباب يذهب إلى البريقة ولكن كل الباصات تتوقف بجانبي وعندما أقول لهم البريقة يفحطوا في وجهي ويقولوا الشعب الشعب أما البريقة بعيد !!؟
كنت جائعاً لأني لم آكل منذ الفجر وانظر إلى الساعة بين الحين والآخر وبطني تقرقر من الجوع، فسمعت إقامة صلاة العصر وقلت في نفسي اشوف هذا الدباب الآتي إلي إذا هو ذاهب البريقة ركبت معه أما إذا قال مدينة الشعب سأذهب أصلي في مسجد العادل، فتوقف أمامي الدباب فقلت له البريقة فقال نعم فطلعت وراء ورميت بجسمي المنهك وأخذت نفس عميق وقلت أخيرا بعد نصف ساعة حصلت على دباب ذاهب البريقة.
وبينما نحن نمشي في الطريق دخل الدباب طريق الحسوة فقلت له مالك أنت قلت البريقة كيف تدخل الحسوة فقال معي راكبين سينزلوا الحسوة وأنا طالب الله لا تقطعوا رزقي وقدني باوصلكم البريقة المهم النهاية البريقة وكل الطرق توصلنا إلى البريقة، وقال أيضاً على فكرة أنا مدرس ثانوية واعمل في الباص سائق كي نوفر المتطلبات الأساسية لاسرتي يعني نحن زملاء يجب أن نراعي بعض، هذا بعد أن شاهد الشنطة التي معي فقلت له خلاص وصل الراكبين الحسوة يا زميل لكن بالله ادعس شوية زميلك بلا غذاء ونريد أن نوصل بسرعة البريقة، فقال ولا عليك، وبينما نحن نتجاذب أطراف الحديث قام أحد الركاب فجاءة من نومه وقال أنا أريد إنماء الجديدة كيف ستوصلنا فقال لا تهتم هناك خط فرعي يخرج بنا من الحسوة إلى إنماء الجديدة سنوصلك !!!
بعد أن نزل الراكبين في الحسوة دخلنا في خط ترابي ضيق ومشينا قليل ووجدنا أنه مغلق وقال غلطنا في الفتحة!!!، فعاد ريوس إلى الخط الرئيس ثم دخل خط فرعي آخر، فقلت له شكلك ستدخلنا حواري الحسوة وستعرفنا على معالمها يا زميل فقال الصبر هذا الخط أنا متأكد منه، وأخيراً خرجنا إلى الخط الرئيس في إنماء الجديدة ونزل الراكب!!!
بعدها دعس السائق المعلم على الدباب كي يعوضنا على التأخير، ولكن للأسف الشديد عند الكيبل طفت السيارة وكمل الغاز، فنزل السائق وفتح الخانة ونكس الدبة الغاز وقال يا زميل نحن مدرسين يجب أن نتعاون مع بعض فأريد منك أن تمسك الدبة الغاز وترفعها بهذا الشكل على زاوية 45 درجة فأنا أستاذ مادة الفيزياء وأعرف الزوايا الحرجة وبهذا سنقرع السيارة ونمشي بها إلى أن نصل البريقة، لكن أنتبه وركز معي لابد أن تكون الدبة الغاز منكوسة على زاوية 45 درجة وإلا سنبقى في هذا المكان التعيس !!!
قلت للزميل السائق المعلم سننكس الدبة الغاز قد البلاد منكوسة وتمشي ريوس بالبركة مع هؤلاء المسؤولين الظالمين والفاسدين الذين عاثوا بالبلاد وأكثروا فيها الفساد، ونسأل الله ينتقم لنا منهم ومن كل عابث ومتسبب في وضعنا الراهن المنكوس !!!
*د.غسان ناصر عبادي*