الوطن العدنية/عبدالكريم السعدي
تابعت التصريح المنسوب إلى الأخ اللواء فرج البحسني، عضو مجلس مشاورات الرياض ونائب رئيس جماعة الانتقالي، والمتعلق بما تشهده محافظة حضرموت من تطورات سياسية واجتماعية تقودها النُخب المجتمعية والسياسية بقيادة حلف قبائل حضرموت!
والحقيقة أن التصريح في مضمونه يحمل دعوة رومانسية ويحفها التعقل، ولكنها، وبعد نجاح دعوة حلف قبائل حضرموت والبيان الصريح الصادر عن الفعالية والحضور الجارف، ظهرت الدعوة للمتابع وكأنها محاولة انتقالية للتشبث بعربة القطار الحضرمي الأخيرة!!
وفي رأيي الشخصي، أن الدعوة بما حملته وبما هدفت إليه قد جاءت متأخرة جداً، فاللواء، بصفتيه في مجلس العليمي وجماعة الزبيدي، كان يفترض أن لا ينتظر حتى تصل أمور حضرموت إلى ما وصلت إليه، وكان عليه أن يظهر تعقله الذي أضفاه على تصريحه الأخير من بدري، وأن يتحلل من انتمائه للجماعة (الزبيدية) ويغلب انتمائه الحضرمي، وأن لا يأخذ زاوية مع أي طرف، وأن يتخذ من الوسطية طريقاً حتى يتمكن من إيجاد حلول للتباينات الحضرمية إن وجدت وفي وقتها!!
موقع البحسني في مجلس رشاد وجماعة الزبيدي يفترض أنه يمنحه حق الشراكة في اتخاذ أي قرار يخص حضرموت.وبالتالي، يجنب حضرموت إساءة البعض من زملائه ورؤسائه لها ولتاريخها ولأهلها، وأن يوقف الزيارات التي تمزق النسيج المجتمعي الحضرمي، كزيارة رئيس جماعته الأخيرة التي خرج فيها عن كل المعايير والثوابت السياسية والاجتماعية وحتى الأخلاقية!
كان على البحسني أن ينصح رئيس جماعته بعدم دخول حضرموت بالطريقة التي دخل بها، وأن يحذره من مفردات الخطاب المستفز لأبناء حضرموت والمغيب عن معاناتهم. وكان يفترض أن ينبه رئيسه إلى أن الدخول إلى حضرموت على طريقة (جنكيز خان) ستكون له آثار سلبية، فحضرموت مجتمع قبلي محافظ، وهو جزء هام ورئيسي من الوطن، والوطن يحتاجها ويحتاج أهلها ورجالها!
كان على البحسني أن لا ينتظر حتى تحسم الرجال أمرها، ويأتي بتصريح يحاول من خلاله إعادة الأمور إلى نقطة الصفر. فالأمر خرج عن نطاق الدعوات الغارقة في الرومانسية المتأخرة، وبات يمثل مطالب واضحة وجلية ومشروعة. وعلى التحالف العربي وأدواته في اليمن أن يستجيبوا لها إن كان هناك بقية حكمة لديهم، وأن لا يدخلوا في مواجهة مع أهلنا في حضرموت قد تكون نتائجها كارثية على المنطقة برمتها!
ختامًا، تصريح اللواء البحسني على ما حمل من دعوة للتقارب والتصالح، إلا أنه
بالإضافة إلى تأخره، لم يرتقِ إلى مكانة الرجل في مجلس العليمي وجماعة الزبيدي، حيث من المفترض أنه شريك في صناعة القرار ويمتلك أدوات الفعل والمنع. فمثل هذه التصريحات تصدر عادةً من مكونات معارضة لا سلطة لها ولا تمتلك أدوات فعل سلطوية، وكانت ستكون مقبولةً أن جاءت من مستويات أقل!
ما حدث في حضرموت سيحدث في المحافظات الأخرى، والمسألة مسألة وقت فقط، لأن حضرموت بفعلها لم تخرج عن المألوف، بل أن من يعترضون عليها هم من يتخبطون خارج المألوف. ومادامت الجماعات المستقوية بأطراف التحالف توظف كل إمكاناتها لممارسة الاستقطابات وتمزيق الممزق سياسيًا واجتماعيًا، فسيكون القادم غير مرضٍ لا لتلك الجماعات ولا لمن يدفع بها ويغذي شذوذها السياسي والاجتماعي!
عبدالكريم سالم السعدي
13 ابريل 2025م