الوطن العدنية/مروان الغفوري
تتبلطج إسرائيل في سماء سوريا مزودة بصورة غزة المسحوقة. انظروا، قلبت عاليها سافلها ولم يفعل أحد شيئاً، وها هي دمشق أمامي ومخازني عامرة، وأميركا خلف ظهري.
هي جيش الرب الذي يملكه يهود أميركا، أي أميركا، يعلم قادتها ذلك، وأكثر من ذلك. هي أنجح مشروع لاهوتي استثمرت فيه الكنيسة الإنجيلية الأميركية.
بالأمس اعترض بضعة طلبة في جامعة أميركية على زيارة سموتريش للحرم الجامعي فحل بهم عقاب جسيم. لا تعبثوا مع عيال الرب، لا تزعجوهم، وإن كلفنا الأمر أن نحرم جامعة هارفارد من مليارين ونصف المليار، وأن ندمر سمعتها ونهين شخصيتها الاعتبارية على لسان الرئيس.
من يمس عيال الرب، ولو ببضعة كلمات، فسوف يرى.
الثابت الوحيد في معادلة البلطجة الراهنة هو التالي:
كانت بريطانيا إلهة الأمواج، وكانت تملك ٢٥% من الأرض عشية الحرب العالمية الأولى. ولفرط عظمتها وقوتها فقد وهبت فلسطين لليهود. كان الجنيه الاسترليني هو عملة العالم، وشكسبير هو سقف الآداب. ذهب كل ذلك مع الريح. وعمّا قريب سيصبح القرن الأميركي جزء من الماضي وستبقى إسرائيل بمفردها جنوب المتوسط، وستنشغل الامبراطورية الآفلة بآفاتها الداخلية.
هل فكرت إسرائيل بذلك؟ حتى روما، بجلالها، صارت من الماضي، وستصير العظمة الأميركية شيئاً من الماضي، وإلا فلا معنى للتاريخ.
سينكشف ظهر إسرائيل عمّا قريب، وما تفعله الآن سيبقى في DNA أبناء المنطقة، وسيذهب في الأجيال.
أتيحت لها فرصة لاستخدام القوة الشاملة فلم تتردد، وكان بمقدورها أن تجعل من قوتها (المستعارة) رافعة للسلام. لكنها، كعادتها، اختارت الحرب، وأهل هذه البلدان يدونون حياتهم بسنوات الحرب والجدب. توجعهم الحروب ولا تكسرهم، وكلما قست الظروف حلموا بالحصاد.
يتشكل العالم من جديد، وأميركا اللاهوتية تضغط على كل الأزرار في نفس الوقت، ولم يحدث في تاريخ أميركا أن عانت من مثل هذا الدوار والغثيان.
تهدد الهند باكستان بحرمانها من الماء، فتهدد الصين الهند بحرمانها من الماء أيضا، إن هي أضرت بباكستان. ما الذي تغير على مسرح العالم؟ الجواب: كل شيء.
في الفالق الذي يتشكل بين عالم قديم وعالم جديد تطير المقاتلات التوراتية فوق سوريا، ولا يدلنا ذلك الاستعراض على القوة بل يشير إلى قفزة القطة الميتة Dead cat bounce. فإذا سقطت قطة ميتة من الأعلى فإنها تقفز إلى الهواء فور ارتطامها بالأرض. حتى إن الناظر من بعيد سيظنها تقفز لفرط ما بها من حيوية وقوة.
لو لم تكن أميركا ترى درج الهبوط أمامها وتعلم أنه بات عليها النزول من البرج لما رأينا ترامب يضغط كل الأزرار ويتشبث بكل الأوهام، بما فيها حماية أميركا من خلال حماية إسرائيل ( يردد ترامب وفريقه قولا توراتيا: سأبارك من يبارك إسرائيل). ماذا ستفعل إسرائيل غدا، وحيدة، وقد حملت كل هذا الإثم؟
حتى اللاهوت الأميركي سيهدم نفسه إذا تعثرت أميركا اقتصاديا واضطربت سياسياً. مؤخراً ألقى ترامب خطاباً في عيد ديني. تحدث عن الضرائب، قال لمستمعيه أعرف أنها مناسبة دينية وكان يجدر بي أن أتحدث عن الصلاة. ولكن صدقوني إذا زادت الضرائب عن ٦٨% فسوف تتركون المسيحية.
وإسرائيل مشروع لاهوتي، فضلا عن كونها حصناً مهماً لأميركا، سمّها: حاملة طائرات أميركية. ولكن من قال إن الإمبراطوريات الآفلة لم تتخل عن الحصون والقلاع؟ أو كما قال ترامب: اللاهوت المكلف، مالياً، لا قيمة له.
م. غ.