أخبار محلية

السبت - 31 مايو 2025 - الساعة 07:40 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / خاص



منذ تعيينه مطلع مايو/أيار 2025، يرفض رئيس الحكومة اليمنية الجديد، سالم بن بريك، العودة إلى البلاد، مشترطًا تلقي دعم عاجل من السعودية والإمارات لتغطية العجز الحاد في صرف رواتب الموظفين، وتوفير الوقود لمحطات الكهرباء، ووقف تدهور العملة المحلية. إلا أن مؤشرات الدعم الخليجي لا توحي بتحقيق هذه الشروط قريبًا.

وقبل تعيين بن بريك، الذي لا يزال يحتفظ بحقيبة المالية منذ عام 2019، كانت الخلافات العميقة بين رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عوض بن مبارك ورئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، تُحمّل مسؤولية الشلل الحكومي، غير أن الواقع يكشف اليوم فشل الجانب اليمني حتى الآن في إقناع التحالف، بقيادة السعودية، بضخ تمويلات جديدة بعد اتهامه بسوء إدارة المنح السابقة.

وتواجه الحكومة المعترف بها دوليًا أسوأ أزمة مالية منذ عقد، بعد أن أوقف الحوثيون صادرات النفط والغاز في أواخر 2022، وهاجموا موانئ التصدير أكثر من مرة، ما حرم البلاد من أبرز مصدر للنقد الأجنبي. ومع توقف الدعم الخليجي، تفاقم الوضع وسط تحذيرات أممية من انهيار شامل يلوح في الأفق.

وفي ظل انقسامات حادة داخل الحكومة والمجلس الرئاسي، اعتبرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية أن الحوثيين راهنوا منذ البداية على قدرتهم على الصمود في وجه الضربات الأميركية، مشيرة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار غير المعلن بين الحوثيين وواشنطن بدد آمال الحكومة في الحصول على دعم عسكري أميركي مباشر، مرجحة أن تواجه الحكومة خطر الانهيار نتيجة الضغوط الاقتصادية المتصاعدة.

وأضافت المجلة أن انهيار الحكومة سيمنح الحوثيين فرصة لتوسيع نفوذهم، ويفتح الباب أمام عودة تنظيم "القاعدة" للتمدد في الجنوب. ورأت أن السعودية، التي تبدو قلقة من تراجع الثقة بواشنطن كشريك أمني، بدأت في بناء علاقة مباشرة مع الحوثيين، ما قد ينعكس على خريطة التحالفات في اليمن.

وفي هذا السياق، تتزايد الاحتجاجات الشعبية في مناطق سيطرة الحكومة، من عدن إلى لحج وأبين وتعز، في ظل تدهور حاد في الخدمات، وانتشار الأمراض، وانقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يوميًا، وانهيار العملة إلى مستويات غير مسبوقة وصلت إلى 2600 ريال مقابل الدولار.

وأمام هذا الوضع، يرجح مراقبون أن يفضّل بن بريك الاستقالة على العودة دون دعم مالي واضح، تفاديًا لمواجهة مباشرة مع الشارع الغاضب الذي يعاني من غلاء فاحش وانعدام للخدمات الأساسية.

وبينما تتجدد وساطة سلطنة عُمان لإحياء خريطة طريق السلام التي وُضعت أواخر 2023، فإن الرفض السعودي للتورط في عمليات عسكرية ضد الحوثيين يُسهم، بحسب مراقبين، في تقارب الرياض مع صنعاء، ما قد يُعيد إحياء مسار التسوية مع بعض التعديلات، ويشكّل مخرجًا لحكومة باتت على شفا الانهيار.

في الوقت نفسه، أكدت تقارير أممية أن الأمن الغذائي في اليمن يواجه تهديدات متفاقمة، تشمل انهيار العملة، وارتفاع أسعار الوقود، ونقص حاد في الديزل والبنزين، وقيود مالية صارمة في مناطق الحكومة، مع توقف المساعدات الإنسانية، وتداعيات التصنيف الأميركي للحوثيين كمنظمة إرهابية.

وأشارت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إلى أن أسعار الغذاء والوقود مرشحة لمزيد من الارتفاع، ما سيضاعف معاناة المواطنين، لا سيما في مناطق الحكومة، بينما تبقى المخاطر قائمة حتى في مناطق الحوثيين رغم فرض الرقابة، نتيجة انخفاض الواردات ونقص الإمدادات.

وقدّر تقرير المنظمة أن نحو 17.1 مليون شخص – أي ما يعادل نصف السكان – يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، وهو وضع مرشح للتدهور أكثر خلال موسم "العجاف" بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والانخفاض الكبير في المساعدات.