أخبار محلية

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 03:23 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/المصدر اونلاين

تخنق الرطوبة أجساد سكان مدينة المخا الساحلية مع كل صباح تتسلل فيه أشعة الشمس الحارقة إلى البيوت الإسمنتية، في صيف بات أشد قسوة عاماً بعد عام. وبينما تعتمد المنازل على التكييف كوسيلة وحيدة للهروب من الحرارة، تحولت هذه الوسيلة إلى عبء مالي ثقيل لا يقدر عليه كثيرون.

فعلى عكس مدن يمنية أخرى تعاني من انعدام الكهرباء، تكمن معاناة سكان المخا، غربي محافظة تعز، في تكلفة الكهرباء الباهضة التي تضعهم أمام خيارين أصعب من بعض: إما احتمال الحرارة الخانقة أو مواجهة الاستنزاف المالي.

السلطات المحلية في المدينة كانت قد وضعت قبل أعوام بدعم إماراتي حجر الأساس لما أطلق عليه حينها بمشروع استراتيجي للطاقة الشمسية في المدينة، حيث قُدم المشروع كهدية إماراتية من شأنها أن تُحدث تحوّلاً جذرياً في حياة السكان الخدمية. غير أن المشروع، الذي تتولى تشغيله الآن شركة خاصة تدعى "جو جرين باور" تحت إشراف المهندس بسام الصلوي، لم يلبث أن غيّر طابعه من مبادرة إنسانية إلى مشروع ربحي بحت، وفقاً للسكان.

أحد سكان المدينة، ويُدعى أبو حسام، نشر منشوراً عبر فيسبوك استعرض فيه تجربته مع تشغيل المكيفات خلال مايو، وأشار إلى أن منزله يستهلك يومياً نحو 72 كيلوواط، أي ما يعادل 2160 كيلوواط شهرياً. 

ووفقاً لتسعيرة الشركة، فإن أول 100 كيلوواط تُحتسب بسعر 300 ريال، أي ما يعادل 30,000 ريال. أما ثاني 100 كيلوواط فتُحسب بسعر 350 ريال، أي 35,000 ريال. 

وباحتساب الاستهلاك المتبقي، البالغ 1960 كيلوواط، بسعر 400 ريال لكل كيلوواط، يصل المبلغ إلى 784,000 ريال، ليبلغ إجمالي الفاتورة الشهرية نحو 849,000 ريال يمني لشهر واحد فقط.

"هذا المبلغ لا يدخل ضمن ميزانية معظم الأسر حتى في نصف عام"، يقول أبو حسام، مشيراً إلى أنه لم يحتسب بعد استهلاك الأجهزة الأخرى كالإنارة والثلاجات.

ومع رواتب حكومية لا تتجاوز 100 ألف ريال يمني شهرياً (150 ريال سعودي - 35$)، يجد السكان أنفسهم مضطرين للاختيار بين النوم في درجات حرارة خانقة أو دفع فواتير كهرباء تبتلع دخلهم الشهري بالكامل وأكثر.

ويقول سكان محليون إن بعض العائلات، رغم حرصها الشديد على تقليل استهلاك الكهرباء، لا تقل فواتيرها عن 250,000 ريال شهرياً وهذا يتجاوز أكثر ضعفين دخلهم، في ظل غياب أي رقابة حكومية على سياسة التسعير.

ورغم النجاح الفني الذي يُحسب للمشروع في توفير خدمة مستقرة، يرى السكان أن تصميمه استهدف شريحة محددة، متجاهلاً الغالبية الفقيرة، ما حول الكهرباء من حق أساسي إلى امتياز لمن يملكون القدرة على الدفع.

"في مدن أخرى يعاني الناس من انقطاع الكهرباء.. نحن هنا نعاني من وجودها. وجود محزن"، يقول أحد السكان.

وفي ظل غياب أي دعم أو حماية اجتماعية، يرى سكان المخا أن الكهرباء لم تعد مشروعاً خدمياً كما وُعدوا، بل قيداً مالياً جديداً يضاف إلى معاناتهم اليومية، لاسيما مع فصل الصيف الحار. "كان حلمنا أن نرى نور الكهرباء"، يقول آخر "الآن نحلم فقط أن نتمكن من تحمّل تكاليفه".

الغريب في الأمر أن إيرادات الشركة من بيع خدمة الكهرباء للمواطنين لا أحد يعلم أين تذهب، فهي غير حكومية ولا تورد إيراداتها للخزينة العامة، كما أنها لا تورد لخزينة السلطة المحلية أي مبالغ كما يسري الأمر على بقية مؤسسات القطاع الخاص.

في وقت سابق تواصل "المصدر أونلاين" بمدير كهرباء المخا، عبده حسن ناجي، حول حقيقة الأمر وهل المكتب يشرف على كهرباء المخا والذي وكان رده صريحا وقال "ليس لنا أي علاقة".

وأكد عبده حسن ناجي أن "شركة جو جرين باور التجارية هي الشركة المشغلة وهي الكل في الكل" وأن "الكهرباء تجارية باسم شركة جو جرين باور" في إشارة إلى أن الإيرادات للشركة وهي المتفردة في هذا الأمر.

وفي تصريح سابق لـ "المصدر أونلاين" قال مدير الإعلام والعلاقات العامة في محافظة تعز إن كهرباء المخا وشركة "جو جرين باور" لا تخضعان لإدارة السلطة المحلية في تعز مشيرا إلى أن السلطة المحلية لا تشرف على الكهرباء هناك.

وحول إيرادات كهرباء المخا يؤكد خالد البركاني وهو مدير مكتب كهرباء تعز لـ"المصدر أونلاين" أن "الإيرادات كما علمت تروح لشركة جو جرين باور كونها المشغلة" في إشارة إلى أن كهرباء المخا تقبع بعيداً عن تعز وسلطتها، موضحًا أن الشركة هي من تسلمت الكهرباء بالطاقة الشمسية.

وتنشط شركات تجارية كهربائية أخرى في منطقة المخا، بمنظماتها ومولداتها الخاصة، لكنها أيضاً هي الأخرى لا تورد أي إيرادات للسلطة المحلية في تعز.

ويقول خالد البركاني لـ"المصدر أونلاين" أن "هناك شركات خاصة أخرى تولد الطاقة بمولدات وهي شركة الحرمين وشركة العامري وهذه الشركتين قامت بعمل اتفاق مع المؤسسة بتعز، حتى أنهم لم يذكروا لاي إيرادات للسلطة المحلية أو التحسين"

ويضيف البركاني" طلبناهم أكثر من مرة ولم نستطيع ضبطهم نتيجة تهاون جهات الضبط وعليهم موارد كبيرة حاليا نجهز ملفات لهم لإرسالها للنيابة".