مقالات وآراء

الأربعاء - 11 يونيو 2025 - الساعة 05:50 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/شكري الحسني

والله ما رأيت بلاء أصاب الأمة كبلاء مصابها بالإخوان، حفرة هائلة في طريق الأمة، وسرطان سار في جسدها لا يبرأ إلا باقتطاعه. يصيبني الخوف كلما تأملت في مسار الواقع وفي استيعابهم لمعالجاته. رؤية متبناة من بعيد، هي في واد وواقع الأمة في واد. كوّنوا للعربي رؤية قريبة من أفكاره القبلية البدائية، فهوى إليها العربي كما تهوي الفراشة على نار شمعة، فلا هم تركوا العربي يأخذ نصيبه من صدمته الحضارية الحديثة فيستوعب واقعه، ولا هم تركوا لبقية الرؤى الواقعية أن تتبنى توعية الشعوب العربية. فقط قدموا رؤية تبرر البقاء في القاع، ثم تركوا الناس تواجه مصيرها القاسي.
يمكن للإخواني أن يتحمل شتى أنواع العذاب، إلا عذاب أن يعترف بخطأ، فهذا ما لا يمكنه فعله.

تنظيم ليس مبنيا بطريقة فكرية محضة، بل مبني بطريقة الجماعة، أي أن أهم ما فيه أسلوب الجماعة وكيف تتناسق فيه التكوينة الجماعية بطريقة أكثر متانة. ومن هنا تصبح الجماعة غير قادرة على الخروج من نفسها، ولنفس السبب هي صعبة التفكيك، ومعقدة .. فأبناء التنظيم يستميتون على رأيهم بشعور الدفاع عن الإسلام، ولا يعرفون أنهم يدافعون عن حزب وحسب. فيمكنك أن تجد إخوانيا يتوق إلى الوحدة الإسلامية، ويشك في وجود الله!
تكوين الجماعة نشأ في ظرف خطأ وتأصلت نواة الجماعة في وقت خطأ. أتت فترات كان ينبغي تغيير نواة الجماعة لكن الوقت كان قد فاتها. انتهت البعثية وتفككت، وتفككت القومية والناصرية. كلهم وصلوا إلى طرق مسدودة وغيروا الطريق، وبقي الإخواني متشبثا برأيه لا يستطيع تغيير رأيه، ولا يستطيع أن يحل جماعته؛ لأن تغيير رأيه واقعيا يتجه في جهة مغايرة لتركيب الجماعة قد يفضي إلى تفكيكها، وهذا ما لن يقبله الإخواني، لتذهب الأمة إلى الجحيم ولا تتفكك الجماعة!

لا ينبغي التعامل مع الإخواني بصفته طرفا آخر يتبنى رأيا سياسيا أو فكريا، بل التعامل معه كحالة مصابة تحتاج إلى معالجة، أو كعالق في شرَك يحتاج إنقاذا..
يمكن للإخواني أن يتخلى عن تدينه ولا يمكنه أن يتخلى عن عواطفه الإخوانية؛ لأن حياته تشكلت بصورة مغايرة كليا للمجتمع، بصورة الإخوان.. فهو لا يتبنى مجرد رأي جماعة، بل يتبنى حياته بكل أساليبها، والجماعة هي أسلوب حياته، ونزعه من الإخوانية يعني نزعه من حياته.. وهذا الذي يجعل الإخواني لا وعيا يتوهم أنه يدافع عن الإسلام والأمة في الوقت الذي يدافع عن نسيج حياته السرطاني.. ومستعد هو لمحاربة الإسلام الحقيقي باسم الإسلام المجازي/نسيج الجماعة.

ينفُذُ الإخواني بكل آرائه تجاه الدين والأمة والوطن من نافذة عواطفه.. فإن سارت به عواطفه نحو الانحراف فهي الضرورة، وإن سارت به نحو الموت فهي التضحية من أجل "لا إله إلا الله". والعوامل المشتركة بين الطريقين: الارتجال دون التروي، والعاطفة دون الحكمة، والصبغة التضحياتية التي يحمّلونها رائحة البراء بن مالك والقعقاع بن عمرو رضي الله عنهما... ومن ثم الفشل لا شك.

لا يمكن أن تتحرر أرض من الحوثي وتستقر وما تزال للإخوان يد فيها.. الإخوان قطعة لا تنتمي للأرض في عصر الحدود، ولا يمكنها أن تمتزج مع بقية الفئات في المجتمع. فلا عامل مشترك بين الجماعة والآخرين.
لا يختلفون عن الحوتي من حيث عدم القدرة على تمازجهم مع بقية فئات المجتمع.. فهما جماعتان نشأتا دون أي انتماء للأرض وتشكلاتها وهويتها الماضية والمستقبلية..
الأرض وما أدراك ما الأرض! هي العامل المشترك بين المواطن والمواطن، فإن ضاعت من حساب أحدهما انقطع خيط التواصل بينهما، وضاعت المصلحة المشتركة.

-شكري الحسني.