أخبار محلية

الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - الساعة 04:41 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات

نعى الشعب الفلسطيني، الجمعة، المسن الشهيد اليمني الفلسطيني أحمد البدري الملقب بـ«أبو بدر» وابنه محمد الذي استشهد معه إثر قصف إسرائيلي استهدفهما في قطاع غزة.

وتناقل النشطاء والمدوِّنون على نطاق واسع صورة الابن المسن الذي يحمل أباه المسن أيضًا، مؤكدين أن الصورة تختصر قصة فلسطين وشعبها المقاوم للاحتلال بمشاركة إخوة عرب قدموا منذ سنوات وأصبحوا فلسطينيين الهوية والانتماء رغم مولدهم في الأقطار الأخرى، كاليمن بالنسبة لأبو بدر.

وكتب عن قصة الرجل الباحث الفلسطيني ماجد عزام على موقع «المدن»، بعنوان «عندما يختصر الشهيد اليمني الفلسطيني القصة والرواية كلها».

وأكد عزام معرفته بالأسرة عن قرب، وقال إن أبو بدر البدري جاء شابًا من اليمن متطوعًا إلى فلسطين قبل نكبة 1948، ولم تُكتب له الشهادة حينها، لكنه نالها بعد 77 عامًا «في مخيم جباليا بالنكبة الثانية التي لا نزال نعيش فصولها الدامية والأليمة».

واستعرض الباحث الفلسطيني مشاهد أخرى من التوحد العربي، وانخراط مهاجرين ومتطوعين من المغرب وليبيا وسوريا في نضال الشعب الفلسطيني وحتى من كردستان، مضيفًا: «اللافت هنا أن لا إيرانيين أبدًا، رغم العاطفة الشعبية الأكيدة تجاه القضية الفلسطينية، ونتيجة البعد الجغرافي والسياسي والحضور الضعيف طوال قرن في القضية، حيث لم تنخرط طهران بشكل جدي فيها إلا في السنوات الأخيرة».

وقال إن انخراط إيران ارتبط «للأسف بالتغطية على المشروع الطائفي التوسعي في الدول العربية وأدى – ضمن أسباب كثيرة – إلى النكبة التي نعيشها حاليًا».

وبالعودة إلى قصة أبو بدر البدري، يؤكد الكاتب أنه «من مواليد 1914 بمحافظة حجة اليمنية، قاتل بعناد على جبهات عدة أثناء الحرب والثورة الكبرى في فلسطين (1936)، ولكنه لم ينل الشهادة فيها، وبعدها هُجِّر قسريًا من بلدة سمسم – قضاء غزة، التي دمرها الاحتلال في سياق متعمد لطمس جرائمه – بعدما تزوج من عائلاتها وتصرف كأحد أبنائها، لينتقل إلى مخيم جباليا للاجئين شمال غزة حيث عاش كفلسطيني وأنجب كثيرًا مثلهم؛ ثمانية أبناء وبنات – ثلاث إناث وخمسة ذكور وأكثر من 50 حفيدًا – انخرطوا كأبيهم وأقرانهم في العمل الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال بعد حرب حزيران/يونيو 1967».

أما ابنه البكر بدر، ومع سهولة الحركة إثر اتفاق أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية، فقد سافر من غزة إلى اليمن حيث استقبله أهله في محافظة حجة كما ينبغي بترحاب، وأكرموا مثواه، وحصل بسهولة على الجنسية اليمنية، وتزوج من إحدى قريباته وعاش كفلسطيني يمني إلى أن توفي شابًا في صنعاء إثر مرض عضال قبل نحو عشر سنوات، علمًا أنه أصيب برصاصة كادت أن تكون قاتلة في الانتفاضة الأولى.

ويشير الكاتب إلى الحضور اليمني الكبير في القضية الفلسطينية «قبل عروض الحشد الحوثي الأخيرة، التي بدت كمنظومات الاستبداد متاجرة بالقضية لتحقيق مكاسب فئوية، إذ تضمن هذا الحضور قوافل المتطوعين للجهاد في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كما كان لليمن أيضًا بعد الاستقلال بشماله وجنوبه أيادٍ بيضاء في دعم القضية، دون أي تدخل سلبي، واستضاف مقاتلي الثورة إثر الخروج من بيروت عام 1982، في مشهد يشبه الانصهار بالقدرات والخبرات مع القوات المسلحة في اليمن، علمًا أن هذا الأخير كان من أوائل الدول التي قدّمت – رغم البعد الجغرافي – جوازات ووثائق سفر للفلسطينيين لتسهيل حركتهم وإدارة حياتهم اليومية».

ويضيف: «فيما يخص الشهيد أبو بدر اليمني، فقد كان من الصامدين مع أهله في جباليا بمواجهة جرائم الإبادة والحرب الإسرائيلية، ونزح عدة مرات قبل أن يعود كل مرة إلى المخيم الذي ترعرع بين جدرانه حتى نال الشهادة مع ابنه محمد المسن الستيني أيضًا».

وختم الباحث الفلسطيني مقاله بالقول: «بدت الصورة الشهيرة للمسن "الفلسطيني اليمني" يحمل أبيه المسن – اليمني الفلسطيني – أيضًا، وكأنها تختصر القصة والرواية كلها؛ حيث العاطفة العربية الجياشة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الذي يورث العناد لأبنائه جيلًا بعد جيل ولا يكل ولا يلين رغم النكبة بل النكبات، وعجزت إسرائيل عن فرض الاستسلام عليه لا في الميدان ولا على طاولة التفاوض».