مقالات وآراء

الثلاثاء - 08 يوليو 2025 - الساعة 02:25 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/د.قاسم الهارش


في الوقت الذي يعاني فيه اليمن من أسوأ أزماته الاقتصادية والمعيشية وفي ظل الانهيار المتسارع للعملة الوطنية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني وانهيار الخدمات الأساسية يقف المواطن اليمني حائرا بين الوجع والخذلان بينما يغيب الفريق الاقتصادي التابع لمجلس القيادة الرئاسي عن المشهد تماما؛ لا صوت ولا موقف ولا حتى ملامح لرؤية اقتصادية مسؤولة تواكب خطورة المرحلة.

لقد تم تشكيل هذا الفريق بقرار رسمي صادر في 7 أبريل 2022 بهدف دعم القيادة السياسية في مواجهة التحديات الاقتصادية العاجلة من خلال تقديم الرؤى والمقترحات والسياسات التي تعزز من فرص الإصلاح المالي والنقدي وتساهم في إخراج البلاد من دوامة الانهيار.

وقد أوكلت إليه مهام بالغة الحساسية من بينها.
دعم الإصلاحات الحكومية وتقديم المشورة الفنية للحكومة والبنك المركزي.

تعزيز الشفافية والنزاهة في الأداء المالي والإداري.
دراسة التحديات الاقتصادية ووضع أسس للتنمية المستدامة.
تحسين كفاءة الإيرادات وتنويع مصادر الدخل.
تقديم سياسات نقدية ومالية واقعية قابلة للتطبيق.
فتح آفاق الاستثمار المحلي والخارجي وخلق بيئة اقتصادية مشجعة.

لكن بعد مرور ثلاث سنوات كاملة لم يلمس المواطن اليمني أثرا لأي من هذه المهام. لم تصدر عن الفريق أي بيانات أو مبادرات أو مداخلات جادة في القضايا الاقتصادية الملحة. لقد مرت ثلاث سنوات كانت كافية لوضع خطط واضحة وبدء معالجات اقتصادية حقيقية لكنها مضت في صمت ثقيل وسط انهيار متواصل واتساع رقعة الفقر وفقدان المواطن لأبسط مقومات العيش الكريم.

والأخطر من ذلك أن هذا الفريق لا يزال يتمتع بكامل الامتيازات في وقت يعجز فيه المواطن عن تأمين دبة غاز أو شراء الخبز أو دفع إيجار منزله بينما يقف الموظف في طوابير الانتظار لعدة أشهر دون راتب.

ولا يمكن النظر إلى هذا الغياب الطويل على أنه مجرد تقصير بل هو تعبير عن فشل في الفهم والوعي والإرادة. ولو كانت هناك نية حقيقية لإنقاذ الاقتصاد الوطني لكان هذا الفريق هو أول من يتحرك ويصنع الفارق. لكن الحقيقة المؤلمة أن غيابه يعكس غيابا للرؤية وضعفا في الالتزام وخللاً في منظومة القرار الاقتصادي.

ويضم الفريق في عضويته عددا من الأسماء الاقتصادية البارزة من أكاديميين وخبراء نذكر منهم: أحمد بازرعة، جلال يعقوب، جيهان عبد الغفار، رأفت الأكحلي، سعد صبرة، شوقي هايل سعيد، علاء قاسم، عثمان الحدي، علي الحبشي، عمر العاقل، فارس الجعدبي، محمد همام، محمد شهاب، نجاة جمعان أمين..

جميع هؤلاء اليوم أمام مسؤولية وطنية وتاريخية تتطلب الشفافية والمصارحة. فالصمت في مثل هذه اللحظات المصيرية لا يعد حيادا ولا حكمة بل تواطؤا مع العجز والجمود.

إن استمرار الغياب والتجاهل في ظل ما تمر به البلاد من أزمات خانقة لم يعد مقبولاً. وإن لم يكن الفريق قادرا على الاضطلاع بدوره فإن الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية يقتضي التقدم باستقالة جماعية وفسح المجال أمام من يمتلك الكفاءة والرؤية والإرادة لإنقاذ ما تبقى من اقتصاد الوطن.

كفى عبثا.. فالشعب ينهار والدولة تتاكل والثقة تستنزف ولم يعد هناك متسع للمزيد من الترف السياسي أو الاستهتار الإداري.