الوطن العدنية/المصدر اونلاين
في ظل أزمات متراكمة لم تفارق العاصمة المؤقتة عدن، من انقطاع الكهرباء وتدهور الخدمات إلى تفاقم الأعباء المعيشية، تبرز أزمة جديدة تُفاقم معاناة السكان، وهذه المرة من بوابة التعليم، حيث يشهد قطاع المدارس الخاصة ارتفاعاً حاداً في الرسوم، أشعل استياء واسعاً في أوساط أولياء الأمور.
وبحسب شكاوى من أولياء أمور عدد من الطلاب ، فإن هذه الأزمة تمثلت في إعلان عدد من المدارس الخاصة رفع رسوم تسجيل الطلاب للعام الدراسي الجديد، وسط استمرار الإضراب في المدارس الحكومية بسبب تأخر صرف مستحقات المعلمين.
وقال أولياء أمور إن ما يحدث هو "ابتزاز تعليمي"، محذرين من أن تتحول المدارس الخاصة إلى استثمار غير منضبط على حساب مستقبل الطلاب وأمنهم التعليمي.
وأبرز أولياء الأمور صوراً لعدد من المستندات الخاصة برسوم التسجيل في بعض المدارس الخاصة، حيث وصلت الرسوم إلى أرقام قياسية تراوحت بين 1400 و2200 دولار، يتم تحصيلها بالعملة الصعبة أو بسعر صرف محدد، ما يجعل كلفة التعليم في بعض المراحل تتجاوز مليون ريال سنوياً.
كما أظهرت مستندات أخرى أن بعض المدارس في عدن حددت رسوماً دراسية تبدأ من 880 ألف ريال لمرحلة الصفوف (1–3)، وتصل إلى 970 ألف ريال للصف التاسع، دون احتساب رسوم الكتب والزي والمقاعد الجديدة، التي تُضاف فوق المبلغ الأساسي، ما يزيد العبء المالي على أولياء الأمور.
وتُبيِّن مستندات إضافية أن بعض المدارس تتقاضى مبالغ منفصلة تصل إلى 55 ألف ريال مقابل الكتب، و30 ألف ريال للزي، إلى جانب رسوم تصل إلى 36 ألف ريال مقابل المقاعد الجديدة.
وكان مكتب التربية والتعليم بعدن قد أصدر في وقت سابق تعميمًا رسميًا إلى مديري الإدارات ومديري المدارس الأهلية، شدد فيه على الالتزام الصارم بالرسوم المعتمدة من اللجان المختصة، ومنع استحداث أي رسوم جديدة دون موافقة الوزارة، ملوّحًا باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين، إلا أن التعميم لم يُنفَّذ على أرض الواقع.
وتزامن ذلك مع بدء الاستعدادات لدخول العام الدراسي الجديد، دون أي مؤشرات لحل أزمة الإضراب في المدارس الحكومية، ما يدفع كثيراً من الأسر مُجبرة إلى التوجه للمدارس الخاصة رغم كلفتها الباهظة، في ظل غياب التعليم المجاني وغياب تدخل حكومي فعّال.
وتشير معلومات رسمية من مسؤول رفيع في وزارة التربية والتعليم، إلى أن عدد المدارس الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن يبلغ 157 مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي، ويبلغ عدد الطلاب الملتحقين بها نحو 133,829 طالباً في التعليم الأساسي، و23,509 طالباً في التعليم الثانوي.
في المقابل، بلغ عدد المدارس الأهلية والخاصة 158 مدرسة، يدرس فيها أكثر من 56,099 طالباً في التعليم الأساسي، و9,126 طالبًا في التعليم الثانوي، ما يعكس حجم الاعتماد المتزايد على المدارس الخاصة في ظل استمرار الإضراب في المدارس الحكومية، ويكشف مدى التأثير المباشر لأي ارتفاع في الرسوم على شريحة واسعة من الطلاب وأولياء الأمور.
وفي السياق ذاته، أكد وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع التعليم، محمد علي لملس، أن الوزارة تدرك حجم المعاناة التي يتحملها أولياء الأمور جراء ارتفاع رسوم المدارس الخاصة، وتتابع عن كثب تطورات الوضع في العاصمة المؤقتة عدن، التي تشهد موجة استياء واسعة بسبب تصاعد كلفة التعليم الأهلي والدولي.
وقال لملس إن الوزارة حريصة على استمرار العملية التعليمية، وفي الوقت ذاته تراعي الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين، وقد اتخذت خطوات عملية لضبط الرسوم الدراسية، من خلال تشكيل لجنة مشتركة مع مكتب التربية والتعليم بعدن، قامت بالنزول الميداني للمدارس الأهلية وإعادة تصنيفها وفق معايير واضحة.
وأضاف أن الوزارة حدّدت الرسوم الدراسية بناءً على التصنيف ونوعية الخدمات التعليمية التي تقدمها كل مدرسة، وتم اعتماد هذا النظام خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن هناك لقاءً مرتقبًا مع مكتب تربية عدن لمراجعة الرسوم الدراسية لهذا العام، بناءً على تقييم جديد لوضع المدارس.
وعن الإجراءات الممكنة لضبط الأسعار، أشار لملس إلى أن الوزارة تمتلك حزمة من الإجراءات، لكنها تصطدم بواقع اقتصادي صعب وانهيار في سعر العملة المحلية، ما جعل بعض المدارس عاجزة عن تغطية نفقاتها التشغيلية، وهو ما يدفعها نحو رفع الرسوم.
وقال: "نحاول الوصول إلى حلول ترضي الجميع وتحافظ على استمرارية التعليم دون تحميل الأسر أعباء فوق طاقتهم".
ونفى وكيل وزارة التربية اتهامات استغلال بعض المدارس الخاصة للأوضاع، معتبرًا أن الانهيار الاقتصادي هو السبب الرئيسي وراء رفع الرسوم، مضيفًا: "نحن نرفض تمامًا فرض أي رسوم بالعملة الصعبة، ونشدد على أن تُحصَّل الرسوم بالريال اليمني فقط".
وبشأن أزمة الإضراب في المدارس الحكومية، أوضح لملس أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع وزارتي الخدمة المدنية والمالية على معالجة وضع المعلمين، من خلال استكمال صرف العلاوات السنوية وإجراء التسويات المالية، مشيرًا إلى وجود تحركات حثيثة لاعتماد هذه المستحقات وصرفها قبل بدء العام الدراسي الجديد.