إسلاميات

الإثنين - 12 يوليه 2021 - الساعة 06:51 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/إعداد القاضي أنيس جمعان

ماهي الأشهُر الحُرُم :
➖➖➖➖➖
*▪️الأشهُر الحُرُم هي مجموعة أشهُرٍ كان لها قداسةٌ خاصّة قبل الإسلام؛ فقد كان أساس وجودها منذ زمن الجاهليّة، ثمّ جاء الإسلام فأقرّ تلك القداسة عليها، وأضاف إليها أحكاماً لاينبغي على أحدٍ تجاوزُها، ورتَّب على من إنتهك حُرمتَها عقوباتٍ عديدةً، وقد اكتسبت تلك الأشهُر هذه القداسة والحُرمة من عدّة عواملَ جعلت العرب يُحرّمون القتل فيها، وتجدر الإشارة هنا أنّ الإسلام لم يأتِ لينسف ما كان سائداً في العصر الجاهليّ، أو الأديان والأعراف التي كانت موجودةً قبله بالكليَّة، إنّما أقرَّ منها ما كان مُستحسَناً، والأشهُر الحُرم خيرُ شاهدٍ على ذلك، وسيُعرَض في هذه المقالة عددٌ من أحكام تلك الأشهُر، مع تفصيل أسمائها وكُناها، وسبب تسميتها ..*

*تعريف الشّهر الحرام :*
➖➖➖➖➖
*▪️الحرام في اللُّغة :*
*مصدرها حَرَمٌ، والحرَم: حرَم مَكَّة وماحولهَا، وحرَم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:*
*أي الْمَدِينَة، والحرَام: ضدّ الحَلال، والحرَم: ضدّ الحِلّ، وَحُرْمَة الرّجل: هي الَّتِي لَاتحلّ لغيره، وَالْجمع حُرُم، وَلفُلَان حُرْمَةٌ ببني فُلان أَي تحرَم، وحريم الرّجل: مَا يجب عَلَيْهِ حفظه وَمنعه، وأحْرم الرّجل إحراماً من إِحْرَام الْحَجّ، وَقومٌ حُرُم وحُرَام أَي محرَمون ..*

*ماذا يعني الإحرام :*
➖➖➖➖➖
*▪️الدّخول في التَّحْرِيم ، فكان الرَّجُلُ يُحَرِّمُ على نفسه النِّكاح والطِّيبَ وأشياء من اللِّباس، كما يُقال: أشْتى :*
*إذا دَخَلَ في الشتاء، وأربع، إذا دخل في الرّبيع، قال الجوهريّ: الحُرْمُ بالضمّ: الإحرام، وأحرَم بالحجّ وبالعُمْرةِ أي باشر أسبابَهُما وشروطَهما، أمّا المقصود بالشّهرَ الحرام، فقد قيل إنّ سبب تسميته بذلك أنَّ العرب في الجاهلية كانت تُحرِِّم فيه القتال أو القتل، وفيه يضع المقاتلون أسلحتَهم ، ولايَقتُل فيه أحدٌ أحداً حتّى إنّ الرجل لولقي فيه قاتل أبيه أو ابنه ماجاز له أن يقتله، وقيل: سُمِّيت الأشهُر الحرُم بذلك لأنَّ الله عزّ وجلّ حرّم على المؤمنين فيها دماءَ المشركين، والتعرُّض لهم إلّابخيرٍ ..*

*كم عدد الأشهُر الحُرُم :*
➖➖➖➖➖➖
*▪️ورد ذكر الأشهُر الحُرُم في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة في العديد من المواضع، وقد جاء كذلك ذكر عددها مُجمَلاً في كتاب اللَّه عزَّ وجلّ ومُفصَّلاً في سنّة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حيث جاء ذكر عدد الأشهُر الحُرُم في سورة التّوبة في قوله تعالى :*
*(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) [الآية 36]، فيكون عدد الأشهُر بنصِّ كتاب اللَّه اثنا عشر شهراً، ومن تلك الأشهُر أربعةٌ حُرُم ..*

*▪️ذكرت السُّنّة النبويّة تفصيل الأشهُر الحرُم كما أُشير سابقاً، وذلك فيما رواه البخاريّ في صحيحه عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفيّ رضي اللَّهُ عنه أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :*
*(إنَّ الزّمانَ قد إستدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ، السّنةُ أثنا عشرَ شهراً، منها أربعةٌ حرُمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ: ذوالقَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمُحرَمُ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ)، وقد أختلف العُلماء في المقصود بالأشهُر الحُرُم، ولهم في ذلك قولان، هما:*
*(١) ذهب الجمهور إلى أنّ المقصود بالأشهُر الحُرُم هو ما مرَّ ذِكرُها في الحديث، وهي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرم، ثلاثةٌ متوالية وواحد منفرد ..*

*(٢) ذهب التابعي الجليل الإمام الحسن الـبصريّ إلى أنّ المقصود بالأشهُر الحُرُم الأربعة الأشهُرُ التي جعلها اللَّه تعالى للمشركين أن يسيحوا فيها آمنين، وهي آخر عشرين يوماً من ذي الحجّة، والمُحرَمُ، وصفر، وشهر ربيع الأوّل، وأول عشرة أيّامٍ من شهر ربيع الآخر ..*

*▪️يبلغ عدد الأشهُر الحُرُم أربعةَ أشهر من أشهر السنة الهجرية، منها ثلاثة أشهر متتالية، وهي شهر ذي الحجة وشهر ذي القعدة وشهر مُحرَم، وشهر واحد مفرد وهو شهر رجب السابق لشهر الصيام، والدليل على ذلك قوله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ"[سورة التوبة .. الآية 36] ..*

*▪️ودفع تحريم القتل والقتال في هذه الأشهُر الأربعة العديد من أئمة المذاهب كالشافعي وغيره إلى رفع دية القتل بكثير في هذه الأشهُر عما هي عليه في باقي أشهر السنة الهجرية، وذلك بهدف ردع جمهور المسلمين عن القتل والتقاتل في هذه الأشهُر، والالتزام في سنة الإسلام وماسبقها من كتب سماوية في حرمة القتال خلال هذه الأشهُر ..*

*أسماء الأشهُر الحُرُم وكُناها :*
➖➖➖➖➖➖➖
*▪️مرَّ أنَّ الأشهُرَ الحُرُمَ أربعةُ أشهُر، وأنّ منها ثلاثةٌ متوالية وواحدٌ منفرد هو شهر رجب، أمّا سبب انفراد الرّابع فقيل: إنّ العرب في الجاهليّة كانت تعتقد حُرمة الأشهُر الحُرُم وتعظيمها، وكانوا حينها يقتاتون في الغالب ممّا يُنتجه الصّيد والإغارة على القبائل فيما بينهم، وكان يشُقُّ عليهم إيقاف الصّيد والقتال ثلاثة أشهُرٍ متواليةٍ، وربّما وقعت حروبٌ في بعض الأشهُر الحرُم، فكانوا يكرهون تأخيرَ حروبهم إلى الأشهُر الحلال، فأخَّروا تحريم شهرٍ إلى شهرٍ آخر وممّا ورد في أسماء وكُنى الأشهُر الحُرُم وسبب تسميتها مايأتي:*

*(١) شهر رجب المُحرَّم :*
➖➖➖➖➖➖
*▪️شهر رجب أحد الأشهُر الحُرُم، ويُقال عنه أيضاً مُضَر، ومن ذلك قول المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ، السنةُ اثنا عشرَ شهراً، منها أربعةٌ حرمٌ، ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمحرَمُ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ)، أمّا سبب تعليله بقوله: (شهر مضر الذي بين جُمادى وشعبانَ)؛ فذلك لأنَّ قبيلة ربيعة قبل البعثة كانوا يُحرِّمونَ من الأشهُر غير الثّلاثةِ الماضيةِ شهرَ رمضان، ويُسمُّونه رجباً، وكانت قبيلة مُضَر تُحرِّمُ شهر رجب نفسه، ولهذا قا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبياناً لرجب المُختلَف فيه:*
*(الذي بين جُمادى وشعبانَ)؛ ليُثبتَ صحّة ماذهبت إليه مُضر، حتّى أصبح يُكنّى شهرُ رجب بإسم قبيلتهم نسبةً لهم ..*

*(٢) شهر ذو القعدة المُحرَّم :*
➖➖➖➖➖➖➖
*▪️سُمِّي ذو القعدة بذلك لأنّ العرب كانوا يقعدون فيه عن القتال والتّرحال، وتُلفَظ بالكسر قِعْدَة، وبالفتح ذو القََعْدَة، والجمع: ذوات القعدات، والمثنّى منه: ذوا القَعْدة، وقيل جمْعُهُ: ذوات القَعدة، وقيل: لقعودهم فيه عن رِحالهم وأوطانهم، وهو الشّهر الحادي عشر من السّنة الهجريّة، وهو أحد أشهُر الحجّ ..*

*(٣) شهر ذي الحجّة المُحرَّم :*
➖➖➖➖➖➖➖
*▪️شهر ذي الحجّة هو آخر أشهُر السّنة الهجريّة؛ فهو الشهر الثاني عشر في السنة الهجريّة، وقد سُمِّي بذلك لوقوع مناسك الحجّ فيه ..*

*(٤) شهر المُحرَّم :*
➖➖➖➖➖
*▪️شهر الـمُحرَّم أو مُحرَّم هو أوّل الأشهُر في السّنة الهجريّة، فيكون ترتيب الشّهور حسب مكانها في السنة: مُحرَّم، ثمّ رجب، ثمّ ذوالقعدة، ثمّ ذو الحجّة، وحسب إبتداء التّحريم كما مرَّ في الحديث: ذوالـقعدة ، ثمّ ذو الحجّة، ثمّ مُحرّم، ثمّ رجب، ويُقال: إنّ الاسم القديم لشهر المُحرَّم هو صَفَر كما يُنسَب لعلماء التأريخ، فقد كان يُعرف عند العرب قبل الإسلام بصفر الأوّل، وذلك تمييزاً له عن صفر الذي يليه -الشّهر الثاني من السّنة الهجريّة- ولذلك أطلقوا على هذين الشّهرين (صفر الأوّل الذي هو محرَم ، وصفر الثّاني) إسم الصَّفَرَيْن، ثمّ قيل له: المُحَرَّم ؛ كونه من الأشهُر الحُرُم، وربّما ترجع هذه التّسمية الجديدة -أي المحرَم- لصفر الأوّل إلى ما بعد ظهور الإسلام، وذهب بعض علماء اللّغة إلى أنّ المحرَم كان إسمه (موجب)، فلم يكن شهر المُحرَّم يُعرَف بذلك، وإنّما جاءت تلك التّسمية من صفته لحُرمته وحُرمة القتال والصيد فيه، ثمّ غلبت عليه فصارت بمنزلة الاسم العلم عليه ..*

*خصائص الأشهُر الحُرُم :*
➖➖➖➖➖➖
*▪️إنّ للأشهُر الحُرُم خصائصاً تميّزها عن باقي شهور السّنة، ومنها :*

*(١) القتال محرّم فيهنّ ، وذلك لقوله تعالى:" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ "، [البقرة .. الأية 217]، وقد ذهب جماهير أهل العلم إلى نسخ هذا الحكم وجواز القتال فيهنّ ..*

*(٢) الـظلم محرّم فيهنّ ، وإليه يشير قوله تعالى: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التوبة ..الأية 36] ..*

*▪إشتمال هذه الأشهر على فضائل وعبادات ليست موجودةً في غيرها ومنها:*

*(١) الحجّ فركن الحجّ كله يقع في شهر ذي الحجّة ..*

*(٢) الليالي العشر التي أقسم بها اللَّه تعالى وتسمّى بعشر ذي الحجة ..*

*(٣) يوم عرفة وهو أفضل أيّام العشر، ويشرع لغير الحاجّ صيامه ..*

*ماسبب تسمية الأشهُر الحُرُم :*
➖➖➖➖➖➖➖
*▪️ذكر بعض المفسّرين أنّ هذه الأشهُر سمّيت حُرماً لزيادة حرمتها، ولتحريم القتال فيها، وأمّا القتال في الأشهُر الحُرُم فله شكلان :*

*(١) القتال دفاعاً عن المسلمين، وهذا جائز بإجماع أهل العلم، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم ..*

*(٢) القتال هجوماً، واتّفق جمهور أهل العلم على جوازه، سواء ابتدأ فيها أو ابتدأ قبلها، قالوا:*
*وتحريم القتال في الأشهُر الحُرُم منسوخ بقول تعالى:" فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ "،[التوبة .. الأية 5]، وبغزو النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للطائف في الأشهُر الحُرُم ..*

*▪️كما ذهب بعض أهل العلم إلى حرمة القتال هجوماً في الأشهُر الحُرُم، إلا أن يكون قد ابتدأ قبلها، وحملوا غزو النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للطائف على هذا ..*

*▪️جاء تفسير سبب تسمية الأشهُر الحُرُم بهذا الإسم في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ" [سورة البقرة .. الآية 217]، حيث تعتبر هذه الآية دليلاً قاطعاً من اللَّه عز وجل على تحريم القتال في الأشهُر الحُرُم، كما تشير كلمة الحُرُم بضم الحاء في اللغة العربية على جمع التكسير لكلمة حرام، ويعود سبب تحريم القتال بين المسلمين خلال هذه الأشهر الأربعة إلى إفساح المجال للحجاج والتجار والمعتمرين بالتوجه إلى بيت اللَّه الحرام من كافة بقاع الأرض دون خوف على حياتهم أو أمنهم أو أموالهم من السلب والنهب واندلاع الحروب التي كان يذهب ضحيتها العديد من الأبرياء ..*

*ماهي الحكمة من تحريم الأشهُر الحُرُم :*
➖➖➖➖
*▪️إنّ الأشهُر الحُرُم كانت تعظّم على عهد سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام، وقد أستمرّ العرب من بعدهم على هذا التّحريم، ثمّ نُسخ ذلك فيما بعد، وقال صاحب التفسير المنير:*
*وكان القتال محرّماً في هذه الأشهر الأربعة على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام، وإستمرّ العرب على ذلك، ثمّ نسخت حرمتها ..*

*▪️وأمّا الحكمة من تحريم القتال فيها، فقد أوردها أبن كثير في تفسيره، حيث قال:" وإنّما كانت الأشهُر المحرّمة أربعةً:*
*ثلاثة سرد، وواحد فرد، لأجل مناسك الحجّ والعمرة، فحرّم قبل شهر الحجّ شهر وهو ذو القعدة، لأنّهم يقعدون فيه عن القتال، وحرّم شهر ذي الحجّة لأنّهم يوقعون فيه الحجّ، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرّم بعده شهر آخر وهو المُحرَّم، ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرّم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثمّ يعود إلى وطنه آمناً "..*

*هل الصيد فيهن جائز ..؟؟*
➖➖➖➖➖➖
*▪️الصيد فيها جائز إلا في مكة والمدينة واذاكان المسلم محرماً الحج ..*

*▪️الصحابة قاتلوا الروم ولم يذكر عنهم أنهم تركوا القتال في الأشهُر الحُرُم، لإن الحكم منسوخ ..*

*▪️والدليل سرية الصحابي عبدالله بن جحش كانت (في رجب) فأستعظمت قريش ذلك، وقالوا: استحل محمد وأصحابه القتال في الشهر الحرام؛ فأنزل اللَّه تعالى قوله: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ"[البقرة .. الأية 217] ..*

*▪️فقد كانت العرب إذا أرادت أو إحتاجت إلى أن تقاتل لاتقاتل في الشهر الحرام ..*

*الأشهُر الحُرُم مابين الجاهلية والإسلام :*
➖➖➖➖
*▪️سنت حرمة هذه الأشهُر منذ عهد سيدنا إبراهيم -عليه السلام - كما ورد في شريعة إبراهيم، وإستمرت القبائل في شبه الجزيرة العربية في تحريم القتال على نفسها خلال هذه الأشهُر على مر السنين والعصور، بهدف تسهيل سير القوافل التجارية في مواسم الحج نحو مكة، مع وجود بعض القبائل العربية التي أحلت على نفسها القتال وخوض الحرب في هذه الأشهُر ومنها قبيلتا بني طيء وبني خثعم ..*

*▪️ومع مجيء الإسلام إستمرت حرمة هذه الأشهُر قائمة حتى الآن وإلى يوم القيامة كما ورد في الآية السابقة من سورة البقرة، والدليل على ذلك أنه لايوجد دليل قاطع يؤكد نزول آية ناسخة للآية 217 من سورة البقرة، على الرغم من وجود بعض الأقاويل بين جمهور المسلمين على أن الآية قد نسخت مع عدم دعم هذه الأقاويل بدليل قاطع من آيات القرآن الكريم ..*

*▪الأشهُر الحُرُم هي ذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرّم، ورجب، كما في الصّحيحين من حديث أبي بكرة رضي اللَّهُ عنه، عن النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسلّم - قال:" إنَّ الزمانَ قد إستدار كهيئتِه يومَ خلق اللهُ السّمواتِ والأرضَ، السّنةُ اثناء شهراً، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ مُتوالياتٌ ذوالقعدةِ، وذو الحجّةِ، والمحرّمِ، ورجبُ مضرَ الذي بين جُمادى وشعبانَ "..*

*▪️وقد قال رجب شهر مضر الذي بين جُمادى وشعبانَ، وذلك لأنّ ربيعة كانوا يحرّمون شهر رمضان ويسمّونه رجباً، وكانت مضر تحرّم رجباً نفسه، ولهذا قال النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الذي بين جُمادى وشعبانَ "، تأكيداً وبياناً لصحّة ماسارت عليه مُضر ..*

*▪️وأمّا ما جاء في مضاعفة الثّواب والعقاب في هذه الأشهُر، فقد أقرّ ذلك بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى:" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ "، [التوبة .. الأية 36]*

*▪️وقال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى :*
*" فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ "، أي في هذه الأشهُر المحرّمة، لأنّها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أنّ المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى:" وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ "،[الحج .. الآية 25]. وفي الأشهُر الحُرم تغلظ الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدّية على المذهب الشّافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حقّ من قَتل في الحُرُم أوقتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إنّ الظلم في الأشهُر الحُرُم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كلّ حال عظيماً، ولكنّ اللَّه يعظّم في أمره ما يشاء "..*

*▪️وقال القرطبي:" لاتظلموا فيهنّ أنفسكم بارتكاب الذّنوب، لأنّ اللَّه سبحانه إذا عظّم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددةً، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السّيء، كما يضاعف الثّواب بالعمل الصّالح، فإنّ من أطاع اللَّه في الشّهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشّهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشّهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار اللَّه إلى هذا بقوله:" يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً "، [الأحزاب .. الأية 30 ] ...*

*المصدر موقع موضوع كوم ..*
--------------------------------