حوارات وتحقيقات

الخميس - 21 يونيو 2018 - الساعة 12:54 ص بتوقيت اليمن ،،،

بقلم : الشيخ/عمار بن ناشر العريقي

كثيرا مايترتب على الخضوع والاستسلام لضغوط التقاليد والعادات و مجاراة البيئة والمجتمع والواقع مشكلات إقتصادية واجتماعية ومتاعب مادية ونفسية بل ومخالفات شرعية.

وللأسف فإن هذه العادات تأخذ مع مرور الزمن وسكوت المجتمع عنها بل ومجاراتهم لها نوعا من الاعتبار والشرعية والتسليم والهيبة سواء في أحكام الدماء او الأموال والأعراض وغيرها...

بل ربما ظن أناس أن في هجر هذه العادات هجرا للدين والسنة ومنافاة لأخلاق الكرم والحياء والشهامة والمروءة ووو.

فالرجال الممتنعون عن نصرة قبائلهم بالباطل حفظا لمقصد الشريعة في عصمة الدماء المحرمة تقصيهم القبيلة اتهاما لهم في الرجولة والشهامة والشجاعة.

وكذا الشباب - ذكورا وإناثا - المعترضون على والديهم فرض زيجات لايريدونها ... او العاجزون عن التكاليف المالية المرهقة في الخطبة او العقد او الزواج يتعرضون للفتنة في مدافعة واجب العفة وغض البصر وإحصان الفرج..

( ..تكن فتنة في الارض وفساد عريض)... وكم شكى وبكى أناس من طول اغترابهم لسنين طويلة وحنينهم الكبير لأهليهم .. ولامانع لهم من زيارتهم سوى مايفرضه المجتمع والعادات عليهم من تكاليف الهدايا المالية الثمينة والتي قد تأتي على مدخر المغترب كله او اكثره .. مع مافي طول الاغتراب من معاناة نفسية وقطيعة رحم أيضا. ...

وقل مثل ذلك في تكاليف الزيارات والمناسبات والأفراح والأعياد والأحزان أيضا.من ولائم وغيرها..حتى فرضت هذه التكاليف هجر البعض لهذه المناسبات على أحسن الأحوال بل الطلاق أحيانا بين بعض الأزواج للعجز عن تكاليف الملابس والكوافير لزوجته وبناته ..

بل أخبرني أحدهم أنه لم يصده عن الحج رغم استطاعته السبيل إليه آلا العجز عن شراء هدايا الحجيج لأهليهم بعد عودتهم والتي قد تساوي تكاليف الحج أحيانا.

ومعلوم أن هذه الهدايا في عرفهم الباطل لابد وأن تكون متكلفة كونها في مناسبة هامة ونادرة او عن مغترب لسنين وفي بلد غنية ..كما وهي معيار المحبة والكراهية لديهم و تشمل الاهل والأصدقاء والجيران والأصول والفروع والحواشي. ...

ولايدري او لايستشعر الأهل والمجتمع معاناة الاغتراب النفسية والمالية أيضا غالبا لاسيما موخرا.

ولو رحنا نعدد الأمثلة وفي أبواب الحياة المختلفة لطال الموضوع ..ويكفيك من القلادة ماأحاط بالعنق كما يقال. صحيح انه قد تقرر في القواعد الفقهية ان (العادة محكمة) أي أن العرف معتبر شرعا..
كذا ويكون للعرف حكم الشرط كما قالوا (المعروف عرفا كالمشروط لفظا) ..

لكن العلماء ذكروا شرطين لاعتباره ..اولهما: ألا يخالف الشرع .. فلايجوز كما هو معلوم للمسلم أن بحل العرف حراما او بحرم حلالا. وثانيهما : أن يكون العرف عاما ..

فلااعتبار لعرف خاص بقوم دون غيرهم ف(العبرة بالشائع الغالب .. والنادر لا حكم له)....

كما ينبغي للعقلاء لاسيما لأهل العلم والوجاهة والقدوة أن يراعوا مادلت عليه نصوص الشريعة من الأمر بمراعاة مشاعر الناس والفقراء ونفسياتهم وظروف المجتمع لاسيما عند الأزمات خاصة..وكذا اعتبار مآلات وعواقب التصرفات وباب المصالح والمفاسد ومقصد التيسير ورفع الحرج والمشقة عن الناس ..ومادلت عليه نصوص الشريعة من النهي عن الإسراف والتبذير والخيلاء والتكلف ..وما قد تفضي إليه المبالغات في اعتبار العادات من مفاسد وعاهات ولذلك فقد صح عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لايضحيان حتى لايظن الناس ان الأضحية واجبة ..

وورد نحو ذلك عن أبي مسعود البدري رضي الله عنهم وقال: حتى لايظن جاري أنها واجبة. فما أجمل وأحكم في سبيل الحل ان ننتخلى عن هذه الأعراف والتقاليد والعادات الباطلة أحيانا قولا وفعلا وأن نتحلى بحسن الدين والخلق والورع وترك الجهل وسوء الظن والطمع . والله من وراء القصد ..
وهو الهادي إلى سواء السبيل