الوطن العدنية/كتب_أبو مرداس البابكري*
(( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبا ً))
إستوقفني مثل عماني يقول ( ﺃﻇﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﻨﺪﻱ ) نسبة الى احد الملوك الجلنديون الذين حكموا عمان في العصور القديمة ووجدت ان له علاقة بهذه تلآية الكريمة وإن اسمه مسدلة او متوله بن جلندي بن كركر بن المستكبر بن مسعود بن مالك بن فهم التنوخي الأزدي، فوجدت خلافا حول تفسير هذه الأية يمكن إيجازه في رأيين :
الرأي الاول
فأصحاب هذا الرأي منهم من يقول انه مسدلة بن الجلندى بن كركر الازدي من ولد مالك بن فهم الازدي ملك عمان او ظفار، وقال محمد بن إسحاق : اسمه " متوله بن جلندي الأزدي " والبحر كان في نواحي ظفار.
الرأي الثاني
اما اصحاب هذا الرأي ومنهم ابن كثير فيقول انه هدد بن بدد ملك ارض مواب، وارض مواب تقع شرق البحر الميت، وقال شعيب الجبائي : اسمه " هدد بن بدد ملك بلاد موآب شرق الأردن.
لنستعرض الان بإيجاز نبذة تاريخية وجغرافية عن بلاد عمان و مواب :
وصف بلاد عمان وصحار
اشتهر أهل عمان منذ القدم بالعلوم البحرية والملاحةحيث كانوا يخوضون البحار منذ قديم الزمان مستعينين بعلوم الفلك، ويذكر التاريخ ايظا السبئيين وحملاتهم العسكرية وخصوصا البحرية حيث وصلوا الى قارة افريقيا في زمن الملك السبئي افريقش اللذي سميت افريقيا به حسبما تفيد مجموعة من المصادر.
ويعتبر ابن ماجد من اشهر الملاحين العمانيين وكان يعرف طريق راس الرجاء الصالح قبل البرتغاليين، ولاحق استعان به المستكشف فاسكوديجاما للوصول الى الهند وقاده ابن ماجد عبر راس الرجاء الصالح الذي ينسب البرتغاليين اكتشافه لهم.
وتفيد العديد من المصادر التاريخية ان بعضا من الأزد هاجرت شرقا الى عمان بعد خراب سيل العرم ومنهم قبيلة تتوخ التي حطت رحالها فيما بين عمان والبحرين ومنها مالك بن فهم الازدي الذي اناخ في وادي الكلبة بالقرب من صحار و الذي خاض فيما بعد حربا طويلة حتى استطاع تحرير بلاد عمان من الفرس وخصوصا مدينة صحار التاريخية العريقة.
وصف بلاد مواب Moab
أرض للموآبيين ويقابلها اليوم القسم الشرقي من البحر الميت لمملكة الأردن اليوم. كانت في الاول لللايميين وكان يحدّها في الأصل ارنون شمالا ثم امتدت إلى الشمال في ارض الاموريين وكان طولها 50 ميلًا وعرضها 20 ميلًا وكانت منقسمة إلى قسمين:
(1) ارض موآب أي ما وقع شرقي البحر الميت وتسمى أيضًا بلاد موآب
(2) عربات موآب وهي ما كان في وادي الأردن مقابل أريحا.
أما ارض موآب فهي سهل مرتفع علوه فوق سطح البحر نحو 2600 إلى 2800 قدم، ويحده غربًا سلسلة من الجبال فجبل المصلوبية وجبل نبا وهي تصلح لرعي المواشي ويذكر ان الملك ميشع دفع لملك بني إسرائيل جزية 100000 خروف و100000 كبش.
بينما عربات موآب فهي وادي الأردن بين مصب يبوق والبحر الميت.
وبالتمعن في الوصف الجغرافي لبلاد مواب وفي موقعها حسب ماهو موضح في الصورة نستنتج ان موقعها الجغرافي ليس ذا اهمية بحرية ولا يقع على خط الملاحة البحرية التجارية وخصوصا قديما حيث لا يوجد منفذ بحري ليصل البحر الاحمر (القلزم) بالبحر المتوسط.
كانت الطريق البحرية التجارية تمر عبر موانئ الخليج، العربية والفارسية او ميناء قنا في بحر العرب او عبر عدن ومواني بحر القلزم بشقيه ومن ثم تنقل البضائع برا عبر العراق وفارس والبحرين وعمان وحضرموت وشبوة الجزيرة وسواحل شرق افريقيا، او تتجه السفن البحرية غربا مرورا ببحر العرب لتدور حول راس الرجاء الصالح في افريقيا وهذه طريق طويلة و محفوفة بالمخاطر.
ويستنتج من ذلك ضرورة مرور السفن البحرية اما سواحل عمان (ظفار وصحار) التي يسيطر عليها الجلنديون.
وعليه فانني ارجح فرضية ان الملك هذا هو ابن الجلندي الازدي الذي كان يعشر السفن في بحار بلاد عمان وظفار
المراجع/
(1) اﺑﻦ اﻷﺛﻴﺮ 5: 132 ﻭ 169
(2) ﻭﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺼﻰ ﻟﻠﺰﻣﺨﺸﺮﻱ: ﻫﻮ اﺳﻢ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻠﻮﻙ ﻋُﻤﺎﻥ، ﻳﻘﺎﻝ: ﻫﻮ اﻟﻤﻌﻨﻲّ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺭاءﻫﻢ ﻣﻠِﻚ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻏﺼﺒﺎ.
(3) تفسير ابن كثير
(4) سيرة ابن اسحاق.
#ابومرداس_البابكري
باحث في التاريخ
14 مارس 2018م الموافق 26 جماد الاخر 1439 هـ.
