الوطن العدنية/كتب/عمار قائد التام
يحكى أن أحد ثقيلي الدم الذين لا يطاق مجالستهم ، صلى بالناس جماعة ، و خلال صلاته قرأ بعد الفاتحة سورة القارعة ، فوصل إلى قبل آخر آية و جعل يردد " وما أدراك ماهية " متظاهراً بنسيان ما بعدها ، و لم يرد عليه أحد ، فأخذ يكررها مراراً : " وما أدراك ماهية " ... حتى أنفجر أحد المصلين خلفه قائلاً : والله إنك عارف إنها نارٌ حامية ، لكن عادك تشتي تطحنا...
هذه نوعية من الناس كأن الله خلقها لكي نحمده على العافية ، فهذه الفئة تعيش و فرحها و سرورها في حزن الناس ، لا يرتاح أحدهم حتى يطعنك بحديثه و ينغص عليك حياتك بأفعاله ، إن أجبت عليه فرح و ( تسلبط ) عليك ، و إن سكت عنه تمادى و فجر . يقف في حلقك مثل الغثيان لا تستطيع أن تتقيأه ، ولكنه يغثي حالك و تتطالع نفسك وأنت غير قادر على التخلص منه ، فلا يطلع مع بغرة ، ولا ينزل مع ضرطة..
هذه الفئة من الناس إذا وجدت نفسك في جدال مع أحدهم فلتعلم أن أمك قد دعت عليك ، أو أن عليك أن تراجع حساباتك مع الله ، ففي مرة وجدت نفسي عالقاً في جدالٍ مع رعوي يجادلني في تخصصي ، و كنت أراجعه و أصحح له معلوماته وهو مصمم على كلامه و موقفه ، فقررت أن أنهي الجدال و قلت له : خلاص أنت على حق .. فلم يشكر لي موقفي أني أخرجته من الجدال بوجه ، بل توجه بقوله للحاضرين و قال منتشياً ومتفاخراً : قد قلت لكم، دكاترة اليوم ما ينفعوا ببقشة .. ضحكت مع الحاضرين و بلعتها و قلت لنفسي : بقشة ولا ماشي..
هؤلاء إذا حضروا في موقف ، فاقرأ عليه الفاتحة ، لأنهم يعجنون المواقف ، همهم إثبات الحضور لا إيجاد الحلول ، أما اذا كان هذا الشخص طرفاً في مشكلة و ذهبت إليه كوسيط ، تريد إخراجه من مشكلته ، و لكن طبعه يجعله يفقد القدرة على الفهم أين مصلحته فيعجن أموره على نفسه بنفسه ..
طبعاً إذا وجدت نفسك لفترة طويلة صديقاً مع أحد هذه الشخصيات فأعلم أنك احد شخصين ، فأما أنك واحد ماعندك دم ، او أنك واحد ماعندك دم ، لأن هذه الفئة من الناس لا تستطيع الناس معاشرتها لفترة طويلة ، و لذلك تجدهم يغيرون أصدقاءهم بين فترةٍ و أخرى .. و للأسف أن ثقالة الدم أصبحت اليوم عابرة للقارات مع وسائل التواصل الاجتماعي ..
#تخديرة 🩺